السيسي وبن زايد يشددان على ضرورة إطلاق عملية سياسية شاملة في سوريا

تتقاسم مصر والإمارات بشكل كبير الرؤى حول ما يجب أن يكون عليه مستقبل سوريا وسط توجس وحذر تجاه سيطرة تيارات الإسلام السياسي وتحديداً هيئة تحرير الشام.

واستقبل الشيخ محمد بن زايد، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، نظيره المصري عبد الفتاح السيسي في مطار أبو ظبي الدولي، وبعد مراسم الاستقبال، عقد الرئيسان اجتماعاً تناول كثيراً من القضايا والملفات الإقليمية، التي ما من شك أن التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة هيمن عليها، إلا أن سوريا كانت حاضرة من خلال التصريحات المشتركة للجانبين.

وحسب ما جاء في بيان صادر عن السفير محمد الشناوي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصرية، ناقش الزعيمان الأوضاع في سوريا، مؤكدين حرصهما على وحدة سوريا واستقرارها وسلامة أراضيها، ومشددين على أهمية بدء عملية سياسية شاملة تتضمن جميع مكونات الشعب السوري وبملكية سورية.

هذه هي خطة نجاح سوريا

وأتت تصريحات الزعيمان اتساقاً مع المواقف الواضحة للقاهرة وأبو ظبي منذ اليوم الأول لإطاحة هيئة تحرير الشام بنظام بشار الأسد وتوليها إدارة البلاد، بأن تجاوز سوريا أزمتها، والعبور نحو دولة مستقرة تتجاوز محن الماضي، يتطلب أن تشارك كافة أطياف ومكونات الشعب السوري في العملية السياسية دون إقصاء أو استثناء، هذا إلى جانب العمل وفق أجندة وطنية سورية، لا الارتهان لبعض الأطراف الإقليمية والدولية.

لا يتوفر وصف.

حول مخرجات تلك الزيارة فيما يخص الأزمة السورية، تقول جيلان جبر الكاتبة الصحفية المتخصصة في الشؤون الخارجية، لوكالة فرات للأنباء (ANF) وقالت:" إننا نرى سوريا في منعطف خطير بعد التخلص من عهد عائلة الأسد، وقد اصبحت هناك مسؤولية اليوم على النظام المتواجد أو نظام الأمر الواقع، بالتشارك مع الشعب السوري الذي يحمل الكثير من الخبرات والتجارب السياسية والتركيبات العرقية والطائفية، بإطلاق مسار سياسي واضح علماني لخريطة طريق تراعي كل هذه الفئات، وأن تكون جميعها شريكة في بناء الدولة الجديدة.

وأضافت جيلان جبر أن ما قد يتم أو يخطط له من تقسيم أو تمييز لفئة من الفئات لن يكون إيجابياً للدولة السورية، بل سيدخلها في معارك داخلية هي في غنى عنها، منوهة إلى أن الدور المصري هنا مهم للغاية، بما تملك القاهرة من خبرات وتجارب لا سيما في إحباط المخططات العديدة التي كانت تدبر لها.

وتشدد الكاتبة الصحفية المصرية على أن هناك تمسك مصري بإطلاق عملية سياسية شاملة لا ترتهن بأجندات خارجية، فالموقف المصري يرفض أي تدخلات في الشأن السوري، سواء من تركيا أو غيرها، مؤكدة أنه لضمان أمن واستقرار سوريا يتوجب مشاركة كل المكونات في السلطة، وإلا سيكون هناك تمييزاً وتفضيلاً يفتح أبواباً للقوى الخارجية.

رسائل مبطنة

وفي ظل حالة من الترقب لما ستستقر عليه توجهات الإدارة التابعة لهيئة تحرير الشام في دمشق بقيادة أبو محمد الجولاني، فإن كثيراً من المراقبين يرون أن الموقفين المصري والإماراتي دائماً ما يحملان رسائل مبطنة، ومن المفهوم أنها تعبر عن رفض مشترك لتحويل البلاد إلى مرتع لنفوذ تركيا والتنظيم الدولي للإخوان، أو تحول الأراضي السورية إلى قاعدة لتهديد دول الجوار، أو تصدير الإرهاب إليها.

لا يتوفر وصف.

يقول الدكتور مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية، لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن مصر والإمارات يجمعهما الحذر والريبة تجاه المجموعات الجديدة التي تحكم سوريا، لا سيما أن القاهرة تخوض مواجهة مع هذا التيار منذ عام 2013، وتعمل على تحجيم نفوذ جماعة الإخوان سواء داخلياً أو خارجياً.

وأضاف، أن القاهرة وأبو ظبي يقومان بدراسة هذه المجموعات التي تحكم في سوريا، والتعرف على خلفياتها، ووضع آليات بشأن التعامل معها، وهذا عكس ما أقدمت عليه السعودية، التي رأت أنها أمام فرصة لملء الفراغ الذي تركته إيران أكثر من الانشغال بالحكام الجدد في دمشق، داعياً إلى ألا تكون المخاوف من توجهات هيئة تحرير الشام سبباً في ترك الساحة السورية، وترك هذا الفراغ للنظام التركي.

وكانت وكالة أنباء رويترز قد نقلت عن مصادر قبل يومين أن القاهرة عبّرت عن غضبها من عودة ظهور المنشقين المتشددين في سوريا من خلال اتصالات استخباراتية مع دول أخرى، مُضيفة أن الجانب المصري يشعر أن الاضطرابات في سوريا قد تساعد مثل هذه الفصائل على إعادة تنظيم صفوفها، وأتى ذلك بعد ظهور إرهابي مصري في سوريا يدعى أحمد المنصور، يعلن إنشاء حركة يبدو مسلحة تحت مسمى "ثوار 25 يناير"، موجهاً التهديدات والإساءات للرئيس المصري ولمؤسسات الدولية المصرية، وذلك قبل أن تتحدث مصادر عدة – بما فيها تلك الحركة – عن إلقاء القبض عليه من قبل السلطات الأمنية التابعة لإدارة هيئة تحرير الشام.