رامي عبد الرحمن من مواليد مدينة بانياس السورية، اسمه الحقيقي (أسامة علي سليمان). وصل في عام 2000 وبالتحديد يوم وفاة رئيس النظام السوري السابق حافظ الأسد، إلى الأراضي البريطانية، حيث بدأ بتوسيع نشاطاته السياسية المناهضة للنظام السوري من خلال المشاركة في التظاهرات والاعتصامات التي كانت تُنَظّم أمام مبنى السفارة السورية في لندن، للتنديد بالاعتقالات وانتهاكات حقوق الإنسان.
وقام رامي عبد الرحمن في عام 2005 بإعداد وإخراج برنامج تلفزيوني (تطوعي دون أي مقابل مادي) يُعنى بدعم الديمقراطية في سوريا. وشارك في البرنامج سوريون من مختلف مشارب وفئات الشعب السوري الدينية والطائفية والعرقية ومن مختلف التنظيمات السياسية بدءاً من الأخوان المسلمين، ومروراً بأقصى اليسار، ناهيك عن الأحزاب ذات الإيديولوجيات القومية المختلفة.
ويعمل رامي منذ عام 2006 كمدير للمرصد السوري لحقوق الإنسان في بريطانيا، والذي يعتبر أكبر بنك معلومات في مجال حقوق الإنسان ورصد الانتهاكات في سوريا. إضافة إلى ذلك يعتبر المرصد المصدر الأساسي للمعلومات بشأن الحرب السورية لأغلب وسائل الإعلام الكردية والعربية والأجنبية.
وإليكم نصّ الحوار الذي أجرته وكالة فرات الإخبارية (ANF) مع مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان:
- منذُ متى تُعرف برامي عبد الرحمن؟ هل ارتبط ظهور هذا الاسم مع تأسيس المرصد السوري لحقوق الإنسان عام 2006 كردة فعلٍ إنسانية تجاه اعتقال فاتح جاموس الذي لم يجد أحد يُدافِع عنه وما هي الأسباب المُباشرة وراء تأسيس المرصد؟
** رامي عبد الرحمن هو اسم نضالي اخترته لنفسي منذ نشاطي عندما كنت في الـخامسة عشر من عمري، وكان سبب اختيار الاسم هو تجنب الملاحقة الأمنية من قبل سلطات نظام حافظ الأسد، التي اعتقلتني لمرتين قُبيل مغادرتي لسوريا، كما أن فكرة تأسيس المرصد السوري جاءت بسبب أن غالبية المنظمات الحقوقية كانت تَتْبَع لأحزاب سياسية، فالفكرة كانت موجودة مسبقاً، إلا أن توقيت إعلان المرصد السوري جاء بسبب اعتقال فتح جاموس الذي كان متواجداً في لقاء معي بمدينة لندن، قبل أيام من اعتقاله، وعند اعتقاله لم نجد منظمة تُدافع عنه مثلما دافعوا عن معارضين آخرين، والبيان الأول للمرصد السوري كان حول اعتقال فاتح جاموس الذي اعتقل لسنين طويلة، في عهدي حافظ الأسد وابنه بشار، بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع آرائه السياسية، كما اعتمد المرصد عمله في الرصد والتوثيق والنشر الفوري، وساهم ذلك في الإفراج عن الكثير من المعتقلين لدى النظام السوري.
- كيف كانت البداية في تأسيس هذه الشبكة الكبيرة؟ من يعمل مع المركز ومن يتعاون وكيف يمكنكم تدقيق هذا الكم الهائل من المعلومات التي تصلكم؟
** كما ذكرت سابقاً فقد تم تأسيس المرصد عندما اعتقل النظام السوري بعض المعارضين، وحينها لم يجرؤ الكثيرون بالدفاع عنهم أو معارضة اعتقالهم التعسفي، ما دفعني لتأسيسه وإصدار بيانات تدين حالات الاعتقال التي يتعرض لها المعارضون السوريون من قبل النظام السوري.
في البداية كان المرصد يُدار بجهد فردي مني، حيث بدأتُ بمواكبة ورصد جميع الانتهاكات التي يرتكبها النظام وأجهزته الأمنية، وكنت أرسل تلك التقارير للإعلام وللمنظمات الإنسانية الدولية، لتسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان، التي تتم في سوريا. لكن لاحقاً انضم عدد من النشطاء والحقوقيون إلى المرصد.
- من خلال متابعتنا عن قرب لعمل المرصد علمنا بأنكم لا تقومون فقط بجمع وتدقيق ونشر المعلومات بل أنتم منخرطون في القضايا السياسية أيضاً. هل لديكم خطط عمل معينة لمساعدة السوريين على صعيد تقديم المساعدات أم تبقى حالات فردية؟
** في النهاية نحن مرصد حقوقي قد تُفَسَر تقاريرنا على أنها سياسية ولكن هذا ليس هدفنا على الإطلاق، نحن مَعنيون بالدفاع عن حقوق الإنسان في سوريا وتوثيق الانتهاكات والعمل على محاكمة كل من انتهك حقوق الشعب السوري، وفي موضوع مساعدة السوريين نحن أيضاً لم ننخرط بأية أنشطة في مجال الإغاثة، لكن كان ولا زال لنا دور هام في تسليط الضوء على المعاناة التي يتعرض لها السوريون، فنحن ننبه ونرسل نداءات عاجلة عندما نرصد أوضاع المناطق المُحاصرة أو المنكوبة أو المناطق التي تحتاج مساعدة فورية أو عن وجود نازحين بدون مأوى، نحن نعمل حينها على إثارة الموضوع إعلامياً كما نرسل تقاريرنا إلى منظمات تابعة للأمم المتحدة للاهتمام بالموضوع وتقديم المساعدات بشكل عاجل، ونعمل على الإفراج عن المعتقلين في سجون ومعتقلات النظام ومعتقلين في سجون الأطراف العسكرية السورية، عبر البيانات ونشر المعلومات والمطالبة بهم وعبر المساعي منا كمرصد سوري.
- صحفي سوري كتب قائلاً إن رامي عبد الرحمن تمكن لوحده من نيل ثقة الإعلام الغربي ونحن نضيف "هذا الإعلام الذي ليس من السهولة كسب ثقته". كيف حققتم ذلك؟
** الجواب واضح، المرصد منحاز فقط للدفاع عن حقوق الإنسان في سوريا، بغض النظر عن الجهة المنفذة أو المُمارسة للانتهاكات بحق حقوق الإنسان، والمرصد في الأساس قام على الرصد والتوثيق والنشر، ولأن الإعلام الدولي ومن خلال ما ننشره، وصل إلى حقيقة كاملة بأن المرصد لا ينحاز لأحد، على الرغم من كوننا في الأساس معارضين لنظامي بشار الأسد وحافظ الأسد، إلا أننا كنا في المرصد السوري منذ البداية ننشر الانتهاكات التي تُرتكب بحق المدنيين في مناطق سيطرة النظام، والجرائم التي ترتكب بحق المدنيين من قبل النظام والمعارضة، وهذا الأمر أكسبنا ثقة الإعلام الدولي، وجعلنا أعداء لمرتكبي الانتهاكات من قوات النظام وحلفائه إلى الفصائل المقاتلة والإسلامية أيضاً.
- تُوجه إليك اتهامات كثيرة تتراوح بين متعاون مع النظام الذي يتهمك بدوره بخداع العالم وصولاً إلى تهمة مناصرة الكرد. لماذا توجه إليك كل هذه الاتهامات؟
** من البديهي أن نُهَاجم من جميع الأطراف وحتى هناك أطراف كردية تهاجمنا، الجميع لا يقبل بانتقاد فريقه، ونحن في المرصد ننشر جميع الانتهاكات بغض النظر عن الطرف الذي يقوم بها، بدون مواربة أو خوف، لذلك نتعرض للكثير من الحملات التي تهاجمنا وتتهمنا بالتبعية للطرف الآخر، نحن نَتْبَع فقط للشعب السوري ونطالب بحقوقه وندافع عنها، والذين يهاجموننا أو يحاولون تخويننا هم من لا يريدون أن يعلم الشعب الحقيقة وأن لا تصل الحقيقة إلى العالم.
- هل يمكنكم تقديم معلومات دقيقة عن عدد الذين فقدوا حياتهم في الأشهر الستة الأولى من انطلاق الحراك الشعبي والعام الأول وكل عام على التوالي حتى اللحظة؟ كيف كانت حصيلة عدد الضحايا بالمقارنة مع السنوات السابقة؟
** المرصد السوري لحقوق الإنسان وثّق في آخر حصيلة للخسائر البشرية نحو 500 ألف شخص ممن استشهدوا وقضوا وقتلوا في سوريا منهم 346612 جرى توثيقهم بينهم 103490 مدني سوري، من ضمنهم 19116 طفلاً دون سن الثامنة عشر، و12041 مواطنة فوق سن الثامنة عشر، وتوزع القتل بحق المدنيين ما بين قصف طائرات النظام وطائرات روسيا والتحالف الدولي، وقصف قوات النظام وتحت التعذيب في معتقلاته، وعلى يد الفصائل ويد تنظيم "الدولة الإسلامية" وعلى يد القوات التركية وبطائراتها وعلى يد حرس حدودها، فيما وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان في العام 2017 ثاني أقل حصيلة سنوية منذ انطلاقة الثورة السورية، والتي بلغت نحو 39 ألف شخص بينهم 33425 جرى توثيقهم، من بينهم 10507 مدني من ضمنهم 2109 طفلاً دون سن الثامنة عشر، و1492 مواطنة فوق سن الثامنة عشر. استشهدوا في ظروف سبق ذكرها في هذا الجواب، في حين تباينت حصيلة الخسائر البشرية بين عام وآخر، إذ تباينت في ارتفاع وانخفاض حصيلة كل طرف، فشهدت بعض الأعوام ارتفاعاً في أعداد المدنيين التي عاودت الانخفاض لترتفع أعداد المقاتلين السوريين أو الأجانب أو قوات النظام وحلفائها، إلا أن ما نريد التأكيد عليه بقوة، هو أن كل اتفاقات تخفيف التصعيد التي شهدها العام 2017 لم تفلح في إيقاف نزيف الدم السوري ولم تنهي تشردهم أو موتهم أو حصارهم، بل استمر كل هذا.
- هل يمكن أن نشهد تغييراً أو تطويراً في عمل المرصد خلال السنوات المقبلة لا سيما وأنكم تحولتم إلى بنك معلومات في الحرب السورية؟
** من المؤكد أن القادم من الأيام قد يضعنا أمام تحديات جديدة تتطلب تطوير عملنا، لكن سيستمر المرصد بتوثيق ونشر الانتهاكات التي يتعرض لها المواطن السوري، ونحن أعددنا ونعمل على إعداد ملفات لمحاكمة كل مجرمي الحرب في سوريا وإحالتهم للمحاكم الدولية، والمرصد السوري لحقوق الإنسان لم يلد مع الثورة السورية، بل هو موجود قبلها بنحو 5 سنوات، وسيستمر إلى ما لا نهاية، إلا في حال قامت جهات دولية بإنهاء المرصد السوري لحقوق الإنسان بصورة أو بأخرى وبكافة الأشكال التي تتصورونها.