لم ينجح التعاون العسكري الإسرائيلي الأمريكي البريطاني في الحد من قدرات الحوثيين وهو ما دعا نتنياهو إلى عقد اجتماع أمني موسع مع قيادات الجيش وأجهزة الاستخبارات لدراسة الخيارات المتاحة للتصدي للنفوذ الحوثي في البحر الأحمر وتدمير قدراته العسكرية بما يجعل إسرائيل في مأمن من الهجمات الصاروخية أو حتى الاستهداف بالمسيرات.
خطط الاستهداف
وطرح الاجتماع توجيه هجوم كبير ومختلف ضد الحوثيين بعد استمرار إطلاقهم الصواريخ باتجاه تل أبيب، وبدأ الجيش بوضع خطط جديدة لشن هجوم أعنف من الهجمات السابقة مستعينا بشعبة الاستخبارات التي كلفها بالعمل على توسيع بنك الأهداف، إلا ان هناك تحديات تواجه تل أبيب في تنفيذ هجومها، أبرزها نقص المعلومات الاستخباراتية فضلاً عن ان اليمن ليست دولة جارة، وإنما تبعد عن إسرائيل آلاف الكيلومترات ما يجعل الحرب معقدة ومكلفة.
نزار نزال المحلل السياسي والباحث في قضايا الصراع أكد في تصريح لوكالة فرات للأنباء «ANF»، أنّ «إقرار الهدنة في غزة قد تتبعه متغيرات إقليمية ودولية أبرزها توقف الحوثيين عن استهداف تل أبيب نظراً لارتباط الهجمات بدعم وإسناد غزة ومن ثم ينتفي مبرر هذا الدعم حال إنهاء الحرب في غزة، تزامنا مع سيناريوهات مستقبلية محتملة حول التداعيات الناجمة عن طوفان الأقصى، مرهونة بتعاطي الإدارة الأمريكية المنتخبة مع الأوضاع في الشرق الأوسط وما سيشهده الداخل الإسرائيلي عقب توقف الحرب».
انتبه الحوثيون للخطط الإسرائيلية الهادفة إلى اختراق صفوفهم استخبارتياً وتجنيد العملاء بهدف جمع أكبر كم ممكن من المعلومات الحساسة حول القدرات العسكرية ومخازن الأسلحة والذخيرة ومستودعات الصواريخ والطائرات المسيرة فضلا عن كشف أماكن إقامة قيادات الجماعة وتحركاتهم اليومية، ومن ثم بدأت العناصر الأمنية التابعة لأنصار الله حملات اعتقالات موسعة منذ كانون الأول الماضي واستمرت حتى اليوم، اعتقلت خلالها العديد من الأشخاص في محافظات صنعاء وعمران وذمار وإب والحديدة والمحويت وتعز والبيضاء والضالع وحجة، وطالت تلك الاعتقالات شيوخ القبائل.
تحركات أمنية
وبدعم معلوماتي من قوى إقليمية بدأت جماعة الحوثي فرض رقابة على الاتصالات وتحركات قيادات الجماعة تزامنا مع الرقابة اليومية للعناصر المحتمل وقوعها في شرك الاستخبارات الإسرائيلية ووضع خطط جديدة فيما يخص تأمين قيادات الجماعة وأماكن إقامتها وخطط تحركاتهم في الأوقات العادية وفي المناسبات وحتى في الطوارئ، إلى جانب مراجعة استخدامات الهواتف المحمولة من قبل بعض النافذين في الجماعة تحسباً لاختراقها والتنصت عليها بما يمثل خطراً على أمنهم.
خطط بديلة
حسن بديع الكاتب الصحفي والمحلل السياسي قال في تصريح لوكالة فرات للأنباء «ANF»، إنّ «إسرائيل وضعت خططاً بديلة حال عدم نجاح أجهزتها في تنفيذ مخطط الاختراق الهادف إلى تنفيذ مجموعة من الاغتيالات السياسية لقادة الجماعة على غرار ما جرى مع حركة حماس وإيران وحزب الله، تتمثل في توجيه ضربة قاصمة ضد إيران بصفتها المحرك والداعم الرئيس للحوثيين، وسط خلافات بين قيادات الجيش والسياسيين وأجهزة المعلومات، حيث يصر رئيس الموساد على ضرب إيران لردع الحوثيين، في مقابل تقارير استخباراتية للجيش أكدت أن جماعة أنصار الله تواصل استهداف إسرائيل بشكل منفرد دون الرجوع إلى إيران وبالتالي قد لا تنجح خطة توجيه ضربة عسكرية لها في ردع الحوثيين وإنما قد يزيد الوضع سوءاً فضلاً عن التداعيات التي قد تنجم عن توجيه ضربة عسكرية لإيران».
وفقا للمعطيات الراهنة قد تتغير النظرة الإسرائيلية تجاه جماعة أنصار الله إذا قررت الجماعة التوقف عن استهداف إسرائيل وتهديد أمن المجرى الملاحي الدولي بعد إعلان الهدنة في غزة ودخولها حيز التنفيذ، الأمر الذي قد يؤثر على الخطط الإسرائيلية المستقبلية خاصة وأن تنفيذ الهدنة قد يعقبه قلق سياسي في الداخل الإسرائيلي يجبر حكومة نتنياهو على التفرغ لما ستواجهه داخلياً على الصعيدين الاجتماعي والسياسي.