تركيا ترسل قوات بحرية إلى الصومال.. هل تكرر سيناريو أطماعها في ليبيا؟

يبدو أن أجندة الهيمنة وتوسيع النفوذ التركية تتواصل وتمتد يوماً تلو الآخر، وربما بسيناريوهات متشابهة، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بحالتي ليبيا والصومال.

فقد كشفت تقارير لوسائل إعلام حكومية تركية أنه من المقرر أن ترسل تركيا دعماً بحرياً إلى المياه الصومالية بعد أن اتفق البلدان على أن أنقرة سترسل سفينة استكشاف قبالة سواحل الصومال للتنقيب عن النفط والغاز، موضحة أن أردوغان قدم اقتراحاً إلى البرلمان التركي للحصول على إذن لنشر الجيش التركي في الصومال، بما في ذلك المياه الإقليمية للبلاد.

وقد جاءت هذه الخطوة بعد يوم من إعلان وزارة الطاقة التركية أن تركيا سترسل سفينة استكشاف قبالة سواحل الصومال في وقت لاحق من هذا العام للبحث عن النفط والغاز كجزء من اتفاق التعاون الهيدروكربوني بين البلدين، وكأننا أمام ما حدث في ليبيا قبل أعوام عندما أبرم النظام التركي مذكرات تفاهم وتعاون مع حكومة طرابلس تتيح لها التنقيب عن ثروات الليبيين وإرسال قوات عسكرية إلى هناك وهو ما حدث بالفعل.

سياسة تركيا تجاه الصومال

لا يتوفر وصف.

يقول السفير صلاح حليمة نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن اهتمام تركيا بالصومال ليس وليد اليوم أو الفترة الأخيرة، بل يعود لفترة طويلة، لافتاً إلى أن أنقرة لديها نشاط كبير في الأراضي الصومالية سواء في القطاع الصحفي فقد بنت أكبر مستشفى في البلاد، كما أن أكبر قاعدة عسكرية في الخارج توجد بالعاصمة الصومالية مقديشو ولديها نشاط في تدريب القوات الصومالية.

وأضاف أن هناك استثمارات تركية في الصومال كما أن هناك بعثات في الجامعات التركية تقدر بحوالي 15 ألف منحة تركية مقدمة للصوماليين منذ فترة، مؤكداً أنه بالتالي فإنها ليست علاقات حديثة، وقد نشطت وأصبحت أنقرة أكثر انفتاحاً على الصومال لما يتراوح بين 7 إلى 10 سنوات.

ويقول الدبلوماسي المصري السابق أن هذا الاهتمام التركي له طابع أمني وتجاري واقتصادي واستثماري، بل وثقافي كذلك، فهناك محاولات لنشر اللغة التركية في الصومال عن طريق العائدين من البعثات إلى تركيا وهؤلاء يدرسون اللغة التركية ويعودون لنشرها، وبالتالي فتركيا لديها أهداف متعددة في هذه المنطقة.

وحول تشبيه إرسال قوات تركية والتنقيب عن ثروات في الصومال بالحالية الليبية، يقول السفير صلاح حليمة إنه بالطبع أمر يعطي انطباعاً لربط العلاقات الاقتصادية بأوضاع أمنية، وبالتالي أعتقد أن أنقرة لديها اهتمام بالصومال بشكل كبير خاصة أن مقديشو لديها مخاوف بشأن مساعي إثيوبيا لإقامة قاعدة عسكرية في إقليم أرض الصومال دون رغبتها، وبالتالي تساند أنقرة الحكومة الصومالية في المقابل.

وفي ختام تصريحاته لوكالة فرات للأنباء، يؤكد السفير صلاح حليمة أن تركيا إحدى الدول الإقليمية التي لها أهداف استراتيجية في القارة الأفريقية وفي منطقة البحر الأحمر، وهي إحدى دول الجوار العربي ولها أهداف استراتيجية في منطقة البحر الأحمر والقارة الأفريقية، وعليه فإنها تتكالب على الصراع والتنافس في هذه المناطق، وبالتالي يجب النظر للعلاقة بين أنقرة ومقديشو في هذا الإطار.

وفي 8 فبراير/شباط 2024 وقَّع كل من وزير الدفاع التركي يشار جولر، ووزير الدفاع الصومالي عبد القادر محمد نور في العاصمة التركية اتفاقية إطار التعاون الاقتصادي والعسكري بين تركيا وحكومة الصومال الفيدرالية، ويرى مراقبون أنها اتفاقية تتسم بأنها استثنائية وغير مسبوقة لتركيا مع أي دولة، وجاءت موسعة بشكل يُعطي تركيا نفوذاً عسكرياً شبه كامل على الصومال براً وبحراً وجواً.

سيناريو متكرر؟

لا يتوفر وصف.

بدوره، يقول الدكتور حسين الشارف الأكاديمي الليبي، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن تركيا لديها أطماعها المعروفة في الدول العربية وفي منطقة الشرق الأوسط وفي الدول الأفريقية، وبالتالي نحن أمام سيناريو متكرر من قبل النظام التركي سواء في ليبيا أو العراق أو سوريا وغيرها من الدول التي ستمتد إليها أطماع تركيا.

وأضاف الشارف أن الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر عرقل هذا المشروع في الأراضي الليبية، ولولا تضحيات الجيش الليبي وأبناء الشعب الليبي المخلصين لدولتهم لكانت ليبيا بكامل أراضيها تحت الهيمنة التركية، أو تحت هيمنة "العثمانيين الجدد"، مشدداً على أن هذه الممارسات تشكل تهديداً خطيراً للأمن القومي العربي وليس لدولتي ليبيا أو الصومال فقط حتى لو كان ذلك بموافقة حكومة الأخيرة.

ويشير في ختام تصريحاته لوكالة فرات للأنباء إلى أنه ليس من المستبعد أن ترسل أنقرة مرتزقتها إلى الصومال وتكوّن بهم مليشيات موالية تستخدمها عند الضرورة مثلما فعلت في ليبيا من قبل وكذلك سوريا والعراق وفي ناجورنو كاراباخ وربما أماكن أخرى تمتد إليها تطلعات النظام التركي.

ويمتد التواجد التركي في الأراضي الصومالية إلى عائلة أردوغان، وبالتحديد صهره سلجوق البيرق إذ أن الأخير لديه تعاملات تجارية مهمة مع الصومال وأهمها بالطبع إدارة ميناء مقديشو البحري ومطار مقديشو الجوي، وهو تواجد يثير حفيظة بعض الدول العربية التي تنظر بعين الريبة إلى التحركات التركية في المنطقة.