جلغوم: الشعبان الكردي والفلسطيني متشابهان.. يجب أن يكون هناك حل للإفراج عن أوجلان

جاء العدوان الإسرائيلي على غزة وتزامنه مع عدوان تركيا على شمال العراق وقبله شمال سوريا ليذكران مجددا بمعاناة الكرد والفلسطينيين اللذين يناضلان أمام دولتي احتلال.

حول هذا الوضع ولقراءة في تطورات المنطقة، حاورت وكالة فرات للأنباء (ANF) الأديب والمؤرخ والسياسي الفلسطيني مفيد جلغوم والذي تحدث حول رؤيته للعدوان الإسرائيلي الحالي على قطاع غزة، ومستقبل الشعب الفلسطيني في ضوء هذا التطور، فضلا عما يعنيه هذا العدوان من تداعيات على الشرق الأوسط وقضاياه وأزماته المختلفة.

كما تطرق الحوار والنقاش مع جلغوم إلى جانب مهم يتعلق بأوجه التشابه بين القضيتين الكردية والفلسطينية ونضال الشعبين الكردي والفلسطيني من أجل الحصول على حقوقهما، وفي هذا السياق فقد دعا المؤرخ الفلسطيني إلى ضرورة التوصل إلى حل يؤدي إلى إطلاق سراح المفكر عبد الله أوجلان، منتقدا حرمانه من ممارسة حقوقه الطبيعية عبر منعه من الاتصال بذويه ومحاميه.

نص الحوار:

*بداية، كيف ترى مصير الحرب الدائرة على قطاع غزة ومستقبل فلسطين بعد هذا العدوان؟

- كما نرى والحرب قد دخلت شهرها العاشر ورغم مرور كل هذه الفترة، إلا أننا نرى أن هناك تعطشا إسرائيليا إلى الدماء وللدمار بشكل قوي وتعطشا لمزيد من سفك الدماء والجرحى وتدمير البنية التحتية والمستشفيات والمدارس، ولذلك خلال العشرة أشهر لم نرى أي تغير في السلوك الإسرائيلي، بل على العكس نرى المجازر تتكاثر يوما بعد يوم. ولكن هذه الدماء الذكية التي تسيل يوميا وهذه المعاناة والمأساة، لن تذهب هدرا على الإطلاق، دماء كثيرة نزفت وأرواح صعدت إلى بارئها ولا بد من إيجاد حل لهذا العدوان الهمجي، لأننا نرى أن ضريبة الحرب الحالية في قطاع غزة كبيرة، وبالتالي هذه الحرب لن تنتهي كسابقاتها أي لن تنتهي بمجرد اتفاقات لوقف إطلاق النار دون أن يرافق ذلك أي اتفاقيات وتسويات سياسية، فمنذ 2008 وحتى الآن تتكرر جولات العدوان على قطاع غزة، إلا أن الفلسطينيين هذه المرة لديهم أمل في أن يكون هناك تسويات نحو إيجاد حل يريحهم من عناء الحروب المستمرة والتوصل إلى حقوقهم المشروعة وفي مقدمتها إقامة الدولة الفلسطينية.

*برأيك كيف سيكون لهذا العدوان وتدعياته تأثيرا على أزمات وملفات الشرق الأوسط سواء الأزمة السورية أو الأزمة في اليمن أو الصراعات الدائرة وغيرها؟

- العالم كله يركز الآن على نقطة جغرافية صغيرة اسمها قطاع غزة، صحيح أن القطاع مساحته الجغرافية صغيرة جدا لكن العالم كله يركز عليها الآن وتتصدر نشرات الأخبار في معظم وسائل الإعلام العالمية، وهذا يعود إلى اختلاف طبيعة المعركة الحالية، فكما قلت هي حرب ليست كأي حرب سابقة، ولديها تداعياتها الكبيرة على الإقليم ككل، ونلاحظ على مدار الأشهر الماضية تصاعدت التحالفات والتحالفات المضادة، وقد شاهدنا النيران الإسرائيلية تطال اليمن، ولم نكن لنرى تلك النيران لولا ما جرى في غزة من حرب عدوانية، وقد شاهدنا من قبل الطائرات والصواريخ الإيرانية في سماء إسرائيل، ومن الجولان ومن جنوب لبنان، وبالتالي تأثير هذه الحرب على الإقليم خطير وجدي والغرب ينظر إليها باهتمام لما تمثله من خطورة شديدة على الشرق الأوسط، كما أن لها تأثيرها فيما يتعلق بحقوق الشعب الفلسطيني وخاصة إمكانية إقامة الدولة الفلسطينية، ولهذا فهي حدث مهم سيبنى عليه الكثير لاحقا.

*تزامنا مع عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة والفلسطينيين، استمرت تركيا بالتعامل الاقتصادي ودعم إسرائيل رغم التصريحات الإعلامية التي تقول غير ذلك، كيف ترى هذا التعامل؟

- حين نتحدث عن الموقف التركي فإنه موقف برغماتي بشكل واضح، وتركيا كما نعلم من أوائل الدول الإسلامية التي أقامت علاقات سياسية وتجارية مع دولة إسرائيل، وقطعت شوطا متقدما في هذه العلاقة، ولكن رغم هذا فإن هناك قطاعات في الداخل التركي غير راضية عن هذه العلاقة خاصة وأن الشعب الفلسطيني يقتل كل يوم أمام الشاشات ولم تفعل تركيا شيء، بل على العكس أنقرة لديها قنصليتها في تل أبيب، وبالتالي الشعب التركي لديه حالة من الرفض لهذه العلاقات وربما ظهر هذا بشكل واضح في الانتخابات البلدية التي أبرمت نهاية مارس/آذار الماضي، حيث صوت الشعب للمعارضة أكثر من حزب العدالة والتنمية الحاكم. والرئيس التركي بين نارين، بين مواصلة العلاقات مع إسرائيل والحفاظ على العلاقات مع الغرب أو العكس، وبالتالي كانت خطوة قطع العلاقات التجارية مع إسرائيل إيجابية ولكن لا ندري كيف يتم التحايل على هذا القرار واقتصاره على مجرد تخفيض المواد التي يتم تبادلها أم عبر دولة أخرى، وبالتالي تركيا في وضع محرج، وكان يفترض أن يكون لها موقف قوي لمكانتها الكبيرة في العالم الإسلامي وفي الشرق الأوسط، وقد رأينا مثلا في سوريا فقد لعبت دور رأس الحربة في الأزمة السورية.

*ماذا عن التشابه بين القضيتين الكردية والفلسطينية ونضال الشعبين وخاصة أن الشعبين يواجهان إبادة جماعية؟

- هناك تشابه بين الشعبين الفلسطيني والكردي، فالأول منذ 100 عام يحاول الحصول على حقوقه المشروعة وإقامة الدولة الفلسطينية والتمتع بحق تقرير المصير، وأيضا الشعب الكردي والأمة الكردية لها تطلعات سياسية وتحاول إقامة دولة أو تقرر مصيرها رغم أنها مقسمة بين 4 دول هي سوريا والعراق وتركيا وإيران، ولذلك لدى هذه الأمة تطلعات سياسية وهذا هو وجه الشبه الأساسي أن كلا الشعبين الكردي والفلسطيني يحاولان الوصول إلى حقهما في تقرير المصير، وفي نفس الوقت يتشابهان في أنهما لم يستطعا الوصول إلى أي من تلك الحقوق.

*في الوقت الذي تقوم به إسرائيل بعدوان على فلسطين، تقوم تركيا بعمليات عسكرية وبدعم من الناتو ضد الكرد في شمال العراق وشمال سوريا، كيف ترى هذا الأمر؟

- تركيا منذ عشرات السنوات وهي تقوم بالاعتداءات على جيرانها سواء في العراق أو سوريا، تركيا تجتاز بالقوة العسكرية الحدود العراقية والحدود السورية وتطارد الكرد وتقوم في ذلك بعمليات حربية، ومن وجهة نظر القانون الدولي لا يحق لدولة القيام بذلك على الإطلاق سواء تجاوز الحدود أو هذه الأعمال الحربية والاعتداءات التي تقوم بها أنقرة في الأراضي السورية والعراقية، فمنذ عشرات السنوات والحال على هذا الوضع والأمور ربما أصعب في سوريا نتيجة التدخل التركي السافر على مدار السنوات العشر الماضية والذي رافقته القوات العسكرية، بل وقد سمعنا خلال الفترة الماضية عن احتمالات لضم أراض سورية إلى تركيا، ولذلك هذا العدوان على الشعبين السوري أو العراقي أو على الكرد كقومية في حد ذاته أمر مؤسف أن يكون ضمن الإخوة الإسلامية الكبرى التي تجمعنا جميعا.

*ما رأيك في حالة العزلة التامة التي يفرضها النظام التركي على المفكر والقائد عبد الله أوجلان وهو السجين منذ 26 سنة ولا يسمح لمحاميه وعائلته بزيارته منذ 40 شهرا مع وجود حملة دولية للمطالبة بحريته؟

- عبد الله أوجلان رئيس حزب العمال الكردستاني المعتقل منذ سنة 1999 تقريبا يحق له كامل الحقوق لأي أسير أو سجين أو أي شخص يقضي فترة محكومية، سواء زيارة الأهل أو المحامي وممارسة حياته الطبيعية داخل غرفة السجن، ولهذا هذه الإجراءات غير الطبيعية بحق أوجلان انتقاص من حقوق الإنسان التي يجب أن يتمتع بها سواء داخل السجن أو خارجه، وهو يقضي فترة حكم مؤبد وهذا يسلتزم أن يعيش حياته بشكل طبيعي خلال فترة هذه العقوبة، ولذلك نتمنى أن يكون هناك حل سياسي أولا حتى يتم إطلاق سراحه بدلا من أن يبقى في السجن، ونتمنى أن يكون هناك حل سياسي ليس للإفراج عن أوجلان فقط، بل لكي ينعم الشعبان التركي والكردي بحياة أفضل من هذا الشقاق الموجود حاليا.