مقتل الصحفيتين الكرديتين في السليمانية.. جريمة تركية جديدة لطمس الحقيقة

شهدت مدينة السليمانية جريمة جديدة باستهداف المسيرات التركية الصحفيتين كلستان تارا وهيرو بهاء الدين، في أحدث اغتيال تركي بحق الصحفيين الكرد.

شيع المئات من أهالي جنوب كردستان جثمان الشهيدة كلستان تارا، في مدينة السليمانية، حيث تسلموا الجثمان من دائرة الطب الشرعي، وتوجهوا به نحو حديقة آزادي، وذلك بعد استهداف مسيرة تركية سيارة بها طاقم من الصحفيين في منطقة سيد صادق قرب مدينة السليمانية ما أسفر عن استشهاد الصحفيتيّن كلستان تارا وهيرو بهاء الدين، كما أصيب الصحفي ريبين بكر (30 عاماً) من السليمانية والمسؤول عن الإعلام الرقمي لشركة "جتر".

وأوضحت شركة "جتر" التي تعمل بها الصحفيتين، أن الشهيدة كلستان تارا كانت من مواطني باتمان في شمال كردستان وكانت تعمل كصحفية في شركة "جتر" منذ 3 سنوات، وهيرو بهاء الدين ولدت في السليمانية وهي من أهالي قرية تيمارن، كما أن ريبين بكر، الذي أصيب في الهجوم، هو أيضاً من مدينة السليمانية، نافية ما أشاعته دولة الاحتلال التركي عن انتمائهم لحزب العمال الكردستاني.

جريمة بعيدًا عن ساحات القتال بأسلحة الناتو

لا يتوفر وصف.

يقول سعد بيرة، الناطق الرسمي باسم الحزب الاتحاد الوطني الكردستاني في تصريح خاص لوكالة فرات (ANF)، إن جريمة قتل الصحفيتين الكرديتين في مدينة السليمانية هي جريمة همجية. حيث تمت الجريمة بقصف الوحدات المدنية عبر التكنولوجيا الحديثة، وباستخدام أسلحة حلف الناتو، ولذلك كانت موضع استياء كبير في المجتمع الكردي لأن الهجوم كان على شخصين مدنيين، وصحفيتبن غير مسلحتين، وبالإضافة إلى ذلك فإنهما من العنصر النسائي.

وأضاف، أن الجريمة تمت ضد الصحفيتين بعيداً عن جبهات القتال مسافة 200 كم، وبعيداً عن الحدود التركية مسافة 250 كم، مشيراً إلى أن الجيش التركي يستخدم في جرائمه أسلحة الناتو التي من المفترض أن تستخدم في الأعمال القتالية، ومحاربة الجماعات المتطرفة وليس استهداف المدنيين والصحفيين.

وكان قد أدان نائب رئيس وزراء إقليم كردستان قوباد طالباني، الهجوم الذي شنته طائرات الاحتلال التركي على الصحفيتين مبينًا أنهما ليستا أعضاء قوة مسلحة لكي تشكلان تهديداً على أمن واستقرار أي بلد، لا تتحمل اي تبرير وتخالف جميع القوانين والمواثيق الدولية.

 جريمة بحق عين الحقيقة

تعتبر جريمة استهداف الصحفيتين هي استمرار لمسلسل اغتيال الصحفيين في جنوب كردستان من قبل مسيرات الاحتلال التركي، في محاولة لإقامة عملية تعتيم إعلامي حول جرائم أنقرة التي ترتكبها في جنوب كردستان الاجتياح التركي هناك، والحرص على عدم اظهار شيء سوى الرواية التركية عن الأحداث.

وتوالت إدانات المؤسسات الصحفية لجريمة الاغتيال، حيث أصدر اتحاد الصحفيين والكتاب المستقلين (رونوس) بياناً طالبت فيه الحكومة العراقية والأجهزة الأمنية للقيام بواجبها حيال الهجمات التركية واحتلالها لأراضي إقليم كردستان، كما أدانت جمعية صحفيات مزوبوتاميا وجمعية صحفيي دجلة والفرات الهجوم على الصحفيين مشددين على أن الصحافة هي إحدى الركائز الأساسية للمجتمعات الديمقراطية.

وعلى الصعيد العالمي طالب تحالف النساء العاملات في الصحافة CFWIJ جيش الاحتلال التركي محاسبة جميع المسؤولين عن الهجوم والتوقف عن استهداف الصحفيين في جنوب كردستان.

لا يتوفر وصف.

وفي هذا السياق، يقول الصحفي والكاتب الكردي دلشاد مراد رئيس مجلة شرمولا في تصريح صحفي لوكالة فرات للأنباء، إنه تتبع الدولة التركية – من خلال نظام أردوغان الحاكم- سياسة كم الأفواه وقمع حرية النشر والتعبير على نطاق واسع، ويجري ملاحقة الصحفيين المناهضين لسياساتها في الداخل والخارج في محاولة منها لإسكات صوت الحقيقة والإعلام الحر.

وأضاف، أن استشهاد الصحفيتين "كلستان تارا، وهيرو بهاء الدين" في ريف السليمانية بإقليم جنوب كردستان مؤخراً في عملية قصف جوي تركي مباشر، هي جريمة حرب، واستهداف لحرية الصحافة التي يكفلها كل المواثيق والقوانين الدولية، وتأكيد على عنجهية ووحشية الدولة التركية، واستمرار لسياسة الإبادة في المنطقة وشعوبها الأصيلة وبالأخص الشعب الكردي.

ولفت رئيس مجلة شرمولا، إلى أنه سبقت لآلة الحرب التركية أن استهدفت إعلاميين كُرد في المنطقة، ففي 8 تموز المنصرم، استهدفت بمسيرات مذخرة طاقم لقناة "جرا" الايزيدية في شنكال، ما أدى إلى استشهاد الصحفي مراد ميرزا إبراهيم وإصابة صحفية أخرى. وفي 20 تشرين الثاني من عام 2022، استشهد الصحفي في وكالة "هاوار" للأنباء "عصام عبد الله" أثناء عمله المهني وتغطيته للقصف الذي كانت تشنها تركيا بالطائرات الحربية على محطة كهرباء في ريف ديرك في أقصى شمال وشرق سوريا. وبتاريخ 23 آب 2023، استهدفت مسيرة حربية تركية سيارة تقل طاقم صحفي لمحطة تلفزيون "جين" الفضائية (تلفزيون المرأة) على الطريق الواصل بين قامشلو وعامودا في مقاطعة الجزيرة بشمال وشرق سوريا، مما أسفر عن فقدان موظف بالقناة لحياته هو "نجم الدين فيصل حاج سنان" وإصابة مراسلة القناة "دليلة عكيد" بجروح خطيرة، حيث كانا يقومان بمهام صحفية.

وشدد "مراد" في ختام تصريحاته لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن هذا كله يعتبر تصعيداً خطيراً من جانب الدولة التركية فيما يتعلق بسلامة الصحفيين العاملين في عموم المنطقة "وخصوصاً في العراق وسوريا"، وهو ما يستوجب تدخلاً أممياً عاجلاً، من خلال تشكيل لجنة تحقيق مستقلة والضغط على النظام الحاكم في تركيا لوقف انتهاكاتها واستهدافها للصحفيين في داخل وخارج تركيا.

جريمة حرب دولية.

تعتبر جريمة استهداف الصحفيين بواسطة الاحتلال التركي وطائراته المسيرة هي جريمة حرب بموجب القانون الدولي الإنساني، وهي تعد جريمة عابرة للحدود انتهكت عبرها أنقرة السيادة العراقية.

لا يتوفر وصف.

وتقول آفين جمعة الإدارية لمنظمة حقوق الانسان لإقليم الجزيرة في تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء(ANF)، إن العراق تعتبر ساحة حرب منذ سنوات ويشارك في هذه الحرب جماعات مسلحة وقوات مسلحة وقوى اقليمية ودولية لذلك لا يمكن اعتبار المنطقة بعيدة عن ساحة القتال كون البلاد تعيش حالة عدم استقرار عسكري و سياسي منذ سنوات، مشيرة إلى أن استهداف المدنيين في منطقة تدار فيها الحروب لسنوات تعتبر جريمة حرب كونها استهدفت المدنيين بشكل مباشر، ناهيك عن كون هؤلاء المدنيين صحفيين يعملون على نقل الوقائع والمعلومات كما هي على أرض الواقع.

واضافت، أن استهداف الصحفيتين  بحسب القانون الدولي الإنساني و الذي يعتبرهم مدنيين هو جريمة حرب بشرط أن يكون عملهم الصحفي مرخص من السلطات التي تدير المنطقة الأمر الذي يوفر لهم حماية قانونية كصحفيين وهو ما أكدته الجهات التي كانوا يعملون لصالحها لذا استهدافهم في منطقة تعتبر ساحة حرب حتى لو كانوا بعيدين عن ساحة القتال يعتبر جريمة حرب، مبينة أنه يزداد الجرم خطورة أنه يوجد قتال دائر في منطقة الاستهداف أو حتى أي مقر عسكري بالقرب من مكان الاستهداف مما يؤكد ثبوت الجرم العمد والاستهداف المباشر للصحفيين وهو يعتبر جريمة حرب استهدف فيها مدنيون يعملون في مجال الصحافة وبترخيص من سلطات الإقليم للقناه التي يتبعون لها.

 وأشارت "آفين جمعة" إلى أنه يجب هنا محاسبة الجناة وهم الجيش التركي المتواجد بعشرات النقاط العسكرية والمتمركز بقواعد عسكرية منتشرة في الاقليم وتستهدف بشكل يومي عشرات القرى المدنية وتستولي عليها، مما يعتبر استمرار علني لارتكاب جرائم حرب وتهجير بحق المدنيين في المنطقة وكتم صوت الصحافة التي توصل أصوات الضحايا من المدنيين تعتبر جريمة حرب مقصودة لاستكمال سلسلة جرائمهم في اجتياح الاقليم واستباحة حياة المدنيين، ويجب التحقيق فيها على نطاق واسع ومحاسبة الجناة أمام المحاكم الدولية.