نتنياهو يواصل استفزاز مصر.. إلى أين تتجه العلاقات بين القاهرة وتل أبيب؟

يبدو أن مسلسل التوترات بين مصر وإسرائيل لا تتوقف حلقاته، في ظل تلميحات من قبل بنيامين نتنياهو تتضمن أكاذيب وإساءات للجانب المصري، ما يثير تكهنات عدة حول مستقبل العلاقات بينهما.

ومنذ بداية الهجمات الإسرائيلية على غزة والعلاقات بين مصر وإسرائيل ليست على ما يرام، إلا أنها وصلت إلى حلقة جديدة من التوتر بسبب تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو المستفزة، عندما أكد تمسكه ببقاء جيشه في محور فيلادلفيا بين مصر وغزة بالمخالفة لاتفاقية السلام المبرمة بين البلدين، بل وزعم أن حركة حماس تحصل على السلاح عبر هذا المحور قاصدًا بذلك أن الأسلحة تنقل عبر الأراضي المصرية.

على الفور، أعربت وزارة الخارجية المصرية في بيان، يوم الثلاثاء الماضي، عن رفضها التام للتصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي، فيما قال مصدر مصري رفيع المستوى، حسب ما نقلت قناة القاهرة الإخبارية (إقليمية مصرية)، إنّ تصريحات نتنياهو تفتقد الواقعية، مضيفة أنه يسعى إلى تحميل الدول الأخرى مسؤولية فشله في تحقيق أهدافه في قطاع غزة الذي شهد إبادة جماعية.

هذه التصريحات التي تأتي من الجانب الإسرائيلي والردود المصرية عليها تشير إلى أن التوترات بين القاهرة وتل أبيب دخلت مرحلة غير مسبوقة وباتت تسبب ضيقًا كبيرًا لمصر التي تعتمد عادة دبلوماسية تنأى عن الرد على مثل هذه المهاترات، كما تقدم تساؤلات كثيرة حول مستقبل العلاقات بين البلدين وكذلك السلام بينهما، وأيضًا تساؤلات حول دوافع نتنياهو من مثل هذه التصريحات.

موقف نتنياهو.. ماذا يريد؟

لا يتوفر وصف.

وفي تفسير لأسباب هذه التصريحات التي تصدر من نتنياهو، يقول السفير حسين هريدي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن نتنياهو فشل في توفير الأمن لبلاده وكذلك فشل في تحقيق النصر الكامل على حركة حماس الذي تحدث عنه في بداية العدوان، ومن ثم فإنه يبحث عن إيجاد أي طرف ليلقي عليه باللائمة.

ويرى هريدي أن نتنياهو بتلك التصريحات يهدف بالأساس إلى تحييد الموقف المصري الداعم للقضية الفلسطينية ووضع القاهرة في موضع الدفاع عن نفسها، إلا أنه أساء التقدير خاصة وأن الجانب المصري يرد على كل تصريحات نتنياهو التي لا تستند إلى أية حقائق، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي لديه ثقة في مصر ومواقفها ويستمع لها.

واستبعد السفير حسين هريدي أن تكون التوترات الحالية لها تأثيرًا على السلام بين مصر وإسرائيل على الأقل حتى الآن، موضحًا أنه لا يوجد أي اقتراب من معاهدة السلام بين القاهرة وتل أبيب، مشددًا على أن أي شيء يخص اتفاقية السلام بين البلدين غير مطروح في الوقت الحالي.

وسبق أن أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في بداية العدوان على غزة عقب لقاء مع المستشار الألماني أولاف شولتز رفض بلاده لتصفية القضية الفلسطينية بالأدوات العسكرية وأي محاولات لتهجير الفلسطينيين قسريًا من أرضهم أو أن يأتي ذلك على حساب دول المنطقة وذلك في خضم حديث إسرائيلي وقتها عن تهجير الفلسطينيين نحو سيناء المصرية، محذرًا من تدمير السلام بين مصر وإسرائيل.

غضب حزبي مصري

وقد كان لتصريحات نتنياهو أصداء كبيرة رافضة في الداخل المصري، إذ أصدرت مجموعة من الأحزاب والقوى السياسية المصرية بيانًا مشتركًا تؤكد فيه "رفضها الكامل للأكاذيب التي يروج لها رئيس الوزراء الإسرائيلي بشأن مصر"، حيث ذكر البيان أن "فشل نتنياهو في قطاع غزة أصبح حديث العالم، مما كشف عن زيف ادعاءاته وأكاذيبه التي لا تحمل أي مصداقية"، مؤكدة كذلك "وقوفها صفًا واحدًا" خلف القيادة السياسية المصرية.

لا يتوفر وصف.

حول هذا البيان، يقول ناجي الشهابي رئيس حزب الجيل المصري، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن نتنياهو يناصب مصر العداء منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي إذ يحملها تقوية الموقف الفلسطيني وإفشال صفقة أمريكا التي كانت تستهدف تصفية القضية الفلسطينية عبر تهجير الشعب الفلسطيني، فضلًا عن رفض القاهرة أي تواجد إسرائيلي في محور فيلادلفيا.

وشدد الشهابي على دعم كافة الأحزاب السياسية المصرية لموقف الرئيس عبد الفتاح السيسي ووقوف الشعب المصري صفًا واحدًا خلف مواقف حكومته في كل ما يتعلق بحماية الأمن القومي، منوهًا إلى أن الإسرائيليين كانوا يعتقدون أنه بعد توقيع اتفاقية السلام مع المصريين فإن الموقف المصري سيكون أكثر ليونة ومستأنسًا، لكنهم وجدوا مصر تدافع عن القضايا العربية والأمن القومي العربي، وفقًا له.

ومحور فيلادلفيا محور عازل على الحدود الفلسطينية المصرية بين قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء ويبلغ عرضه 100 متر وطوله 14 كيلومترًا وتم إنشاؤه وفقًا لشروط اتفاقيات كامب ديفيد التي وقعتها مصر وإسرائيل في سبتمبر/أيلول 1978، فيما يؤكد سياسيون مصريون أن الاتفاقية لا تسمح بأي وجود عسكري إسرائيلي في هذا المحور.

أبعاد عسكرية؟

وسط تلك التوترات، قام الفريق أحمد خليفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية بزيارة مفاجًاة إلى المنطقة الحدودية بين مصر وغزة لتفقد الأوضاع الأمنية وإجراءات التأمين على الحدود مع القطاع، والذي أكد أن المهمة الرئيسية للقوات المسلحة هي الحفاظ على حدود الدولة على كافة الاتجاهات الاستراتيجية.

وحول هذه الزيارة وما إذا كان لها دلالات عسكرية، يقول اللواء أركان حرب نصر سالم رئيس جهاز الاستطلاع المصري الأسبق، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إنه يجب ألا يأخذ الأمر أكثر من حجمه، موضحًا أن هذه الزيارة لا يمكن تفسيرها على الإطلاق بأنها ردة فعل على تصرفات نتنياهو.

وأضاف سالم أن رئيس الأركان يذهب إلى هناك في إطار مرور روتيني، والأخير يكون لمتابعة القوات أو حل بعض المشكلات أو تذليل صعاب أو تقديم دعم معنوي، مؤكدًا أن ما قام به نتنياهو فيما يتعلق بمحور فيلادلفيا مخالفة في إطار معاهدة بين البلدين وهذه المخالفات يتم حلها في إطار آليات هذا الاتفاق.

لا يتوفر وصف.

بدوره يقول اللواء أركان حرب سمير فرج مدير الشؤون المعنوية السابق بالجيش المصري، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إنه من الصحيح أن زيارة رئيس الأركان ليس لها أية أبعاد عسكرية إلا أنها تتضمن "رسالة لمن يهمه الأمر" مفادها أن القوات المسلحة المصرية جاهزة وقادرة على حماية أرضها وهي في أعلى درجات الاستعداد لذلك.

وكرر اللواء سمير فرج تصريحه بأنه حين يذهب رئيس الأركان المصري إلى هذه المنطقة فهي رسالة لمن يهمه الأمر لكن ليست لها أية أبعاد عسكرية، فمصر ليست في حرب لأن معبر فيلادلفيا ليس ضمن أرضنا وإنما ما حدث مخالفة اتفاقية لا أكثر ولا أقل، حسب تصريحه.

وخلال تفقده القوات، أكد الفريق أحمد خليفة أن "رجال القوات المسلحة قادرون على الدفاع عن حدود الوطن جيلًا بعد جيل"، كما أكد "أهمية التحلي بالعلم والإرادة والحفاظ على اللياقة البدنية العالية لضمان تنفيذ كافة المهام باحترافية عالية".

وشدد رئيس أركان الجيش المصري على ضرورة "عدم الانصياع للشائعات والأحاديث التي تهدف إلى النيل من الدولة المصرية التي تحملت الكثير في حربها على الإرهاب وتجفيف منابعه حتى تحقق الأمن والاستقرار الذي ينعم به الشعب المصري عموماً وأهالي سيناء بوضع خاص".