دعم واسع لأوجلان.. رسائل حاضرة في مسيرة كولن

عشرات الآلاف تقاطروا من ألمانيا والدول الأوروبية إلى مدينة كولن، أمس السبت، للمشاركة في المسيرة التي نظمت لدعم حرية المفكر عبدالله أوجلان وتسليط الضوء على قضيته.

أشاد مراقبون بالحضور واسع النطاق في هذه المسيرة التي أتت تحت شعار "الحرية الجسدية للقائد آبو"، بما كشفت عنه من حالة إجماع لدى الكرد والتفاف حول قضية المفكر عبدالله أوجلان، وكذلك التفاف الضمائر الإنسانية المؤمنة بعدالة قضيته والقضية الكردية، معتبرين أنها جاءت كناقوس لإيقاظ المجتمع الدولي وإخراجه من صمته تجاه ما يتعرض له القائد أوجلان والشعب الكردي من ظلم وتنكيل.

وقد دعا إلى المسيرة عدد من المؤسسات الكردستانية الناشطة في ألمانيا وأوروبا، في إطار المرحلة الثانية من حملة "الحرية لعبدالله أوجلان، الحل السياسي للقضية الكردية"، حيث أكد خلالها المشاركون وحدة إرادتهم واستمرار نضالهم حتى تحقيق الحرية الجسدية للقائد "آبو"، داعين السلطات التركية إلى الإفراج عنه من أجل الديمقراطية وإثبات جديتها في تحقيق السلام.

اهتمام إعلامي واسع

وكانت المسيرة موضع اهتمام كبير من قبل وسائل الإعلام الألمانية التي توقفت عند الحضور الكبير والتنظيم الجيد لهذه الجموع، منوهة إلى أنهم أتوا من أجل المطالبة بإطلاق سراح المفكر عبدالله أوجلان القابع في السجن بتركيا منذ قرابة 26 عاماً، وأشادت بعدم تسجيل أية خروقات على عكس ما كان يخشاه البعض.

كما كانت المسيرة موضع اهتمام كذلك لدى العديد من وسائل الإعلام العربية التي كتبت أن آلاف الكرد يتظاهرون في غرب ألمانيا للمطالبة بالإفراج عن عبدالله أوجلان، مشيرين إلى أن الأمور سارت فيها بشكل سلمي وسلس دون تدخلات تذكر من قبل الشرطة الألمانية التي اضطرت إلى اتخاذ بعض التدابير لضمان سيولة حركة المرور في بعض الطرق نتيجة الأعداد القادمة إلى كولن.

دعم شعبي للقضية

تقول روشن مسلم عضو لجنة العلاقات العامة بحزب الاتحاد الديمقراطي السوري في أوروبا إن المشاركة الواسعة في مسيرة كولن عكست دعماً شعبيا قوياً لقضية القائد والمفكر عبد الله أوجلان، الذي يمثل رمزاً للنضال من أجل الحرية وحقوق الشعب الكردي والشعوب المضطهدة.

وأضافت، في تصريح مكتوب لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن هذا الحشد الكبير يؤكد وحدة أبناء الشعب الكردي في المهجر وقدرته على إيصال صوته بوضوح للعالم، لافتة إلى أن ما يميز هذه المسيرة هو الزخم الإعلامي والاهتمام الدولي الذي حظت به، حيث غطتها العديد من وسائل الإعلام الألمانية والفرنسية وغيرها من وسائل الإعلام الدولية.

واعتبرت روشن مسلم أن هذه التغطية تشير إلى أن قضية عبدالله أوجلان وقضية الشعب الكردي ليستا محصورتين ضمن حدود معينة، بل هما جزء من حراك الشعوب الدولي المطالب بالعدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان، مشيرة إلى أن المسيرة كانت لديها رسائل واضحة أولها الدعوة للإفراج عن أوجلان، وثانياً التأكيد على أهمية احترام حقوق الشعب الكردي وحقه في تقرير مصيره، كما أنها تعكس قيم الحرية والعدالة التي لا تخص الكرد فقط، بل قيم إنسانية يجب أن تُحترم عالميا.

وقال السياسية الكردية إن المسيرة تُظهر كذلك أن القضية الكردية لا يمكن أن تُحل عبر القمع أو السجون، بل تحتاج إلى حلول سياسية قائمة على الحوار واحترام حقوق الجميع، داعية المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته في دعم الحلول السلمية التي تُنهي هذا النزاع الممتد منذ عقود، مؤكدة أن المسيرة كانت وسيلة ديمقراطية فعالة للضغط على المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية وتسليط الضوء على قضية أوجلان.

وقضى المفكر عبدالله أوجلان قرابة 26 عاماً في سجن إمرالي، ما يعني أنه – وفقاً للقانون – يجب أن يتمتع بحق الأمل، أي الإفراج عنه بعد قضاء حكم المؤبد الذي صدر بحقه عقب أسره في إطار مؤامرة شارك فيها العديد من الأطراف الدوليين، لكن رغم ذلك تخيم حالة من الصمت على المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية الدولية بشأن هذا الرجل الذي كل ما اقترفه أنه دافع عن حقوق الكرد ضد محاولات طمس الهوية والتنكيل بهم.

ناقوس لإيقاظ العالم

يقول هاني الجمل وهو متخصص في العلاقات الدولية إن الحضور الكبير لمسيرة كولن دق ناقوس خطر للعالم ضد صمته حيال ما يحدث للقائد عبدالله أوجلان الذي اعتقل في إطار مؤامرة دولية شهدت العديد من الخروقات لحقوق الإنسان، وسلبه من حقوقه كسجين سياسي له حق الأمل بعد أن قضى كل هذه السنوات الطويلة في السجن.

وأضاف، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن مسيرة كولن تؤكد أنها رمزية ليس فقط لتكاتف مكونات الكرد في بلاد العالم المختلفة، بل للتأكيد على قناعة الضمير الإنساني بضرورة الحرية الجسدية لأوجلان والإفراج عنه من سجن إمرالي، وأن هذا هدف يقف خلفه الكرد بمختلف توجهاتهم، كما أن كولن لها رمزية تاريخية كونها كانت مكاناً للعديد من الوقفات التي نظمها الرافضون للمؤامرة الدولية لاعتقال أوجلان، المعبرة عن غطرسة الإمبريالية العالمية.

وأكد هاني الجمل أن مسيرة كولن سلطت الضوء كذلك على فشل المنظمات الدولية والمحكمة  الأوروبية في إخراج أوجلان من سجنه أو ضمان خضوعه لمحاكمة عادلة ونزيهة، معتبراً أن عدم إطلاق سراحه يؤكد أن الديكتاتورية التي يؤسسها الأتراك بمختلف زعمائهم يخافون من الكرد لما لهذا الشعب من تأثير عظيم في الحضارة الإنسانية عبر التاريخ.

وشدد على أن مسيرة كولن ممتدة من حيث تأثيرها إلى كل دول العالم للدفاع عن الحقوق الإنسانية والحرية لأوجلان، الذي أسس وقدم العديد من الحلول القانونية والسياسية التي يمكن أن تعالج الكثير من المشكلات والأزمات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط، لا سيما أفكاره الفلسفية التي يعبر عنها مفهوم الأمة الديمقراطية.

واعتقل المفكر عبدالله أوجلان في إطار مؤامرة دولية ألقت به في السجن بجزيرة إمرالي التركية  لنحو 26 عاماً، خضع فيها لعزلة قسرية فرضها عليه النظام الديكتاتوري، لدرجة أنه في آخر 44 شهراً لم يسمح له إلا بلقاء نجل شقيقه النائب عمر أوجلان قبل نحو 3 أسابيع، ثم فرضت عليه لاحقاً عقوبة تأديبية جديدة ظالمة بحرمانه من الزيارات.

ويتواصل ظلم النظام التركي بحق الشعب الكردي، فلم تكفه الاعتقالات والانتهاكات الواسعة بحقهم داخل الحدود التركية، بل امتدت أذرع العدوان لديه بعمليات عسكرية في شمالي سوريا والعراق، تستهدف الأبرياء من الأطفال والشيوخ والنساء، وتدمر البنى التحتية، بالمخالفة لكافة الأعراف والقوانين والمواثيق الدولية.