حياد دمشق.. لماذا كثف الجيش الإسرائيلي هجماته على سوريا؟

تواصل إسرائيل استهداف العديد من مناطق سوريا بدعوى قطع الإمدادات عن حزب الله واستهداف قياداته والحرس الثوري الإيراني وبعض الحركات الفلسطينية الموالية لإيران، بينما تلتزم دمشق الصمت ولا تصدر أية بيانات رسمية تندد فيها بتلك الاعتداءات على سيادة سوريا.

تواصلت الضربات الجوية الإسرائيلية على مناطق متفرقة بالأراضي السورية ضمن قائمة بنك الأهداف التي وضعها الجيش الإسرائيلي تزامنا مع شروعه في تشييد سد تحت مسمى خط ألفا في الجولان السورية، ضمن ما أسماه استراتيجية الأمن الدفاعي وحماية إسرائيل من هجوم حزب الله والأذرع الإيرانية، وهو ما استدعى حكومة دمشق إلى التشديد على الميليشيات الإيرانية بعدم إطلاق أية قذائف أو صواريخ من الأراضي السورية تجاه إسرائيل خوفا من اتساع رقعة جغرافية الحرب بإعلان تل أبيب حربا على دمشق واستهداف القيادة السورية.

المصالح الروسية وتداخلها في صناعة القرار

يبدو أن رئيس النظام قد قفز من مركب محور المقاومة مبكراً بناء على تحذير روسي من مغبة الدعم الصريح لأذرع إيران المسلحة في المنطقة بما يفضي إلى شن حرب إسرائيلية تستهدف إسقاط رأس النظام وهو ما أذعن له الأخير خاصة في ظل الانتكاسة التي تعيشها الدولة السورية على الصُعد السياسية والاقتصادية والعسكرية، ما يجعلها غير قادرة على خوض أية حروب فضلا عن ارتهان قراراتها العسكرية بالمصالح الروسية التي تجيد سياسة الجمع بين الخصوم، ففي الوقت الذي يدعم فيه الرئيس الروسي بشار الأسد يتعاطى مع تل أبيب في العديد من الملفات المتقاطعة ومن بينها حماية قواعده العسكرية في حميميم وطرطوس من أية اعتداءات إسرائيلية وضمان أمن قواته العسكرية على الأرض.

محمود جابر الباحث في الشأن السوري والإيراني، أكد في اتصال لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن الرئيس الروسي حريص على عدم الانخراط في الحرب الدائرة بين المقاومة وتل أبيب رغم علاقته القوية بإيران التي تصل في بعض الأحيان إلى علاقة استراتيجية على صعيد عدة ملفات بينها النفط والسلاح وأمن المنطقة، إلا أن علاقات موسكو القوية بتل أبيب فرضت حيادها تجاه الأحداث الراهنة، باستثناء ما تردد بشأن تسليح جماعة الحوثي اليمنية بصواريخ روسية حديثة إلا ان تل أبيب تعلم جيدا من خلال استخباراتها أن تلك الأسلحة تمرر عن طريق طهران.

فيما أكد قصي عبيدو المحلل السياسي في اتصال لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن موسكو حرصت منذ البداية على عدم الانخراط المباشر في الحرب، فضلا عن أن انتقاداتها لما يجري في غزة موجه في المقام الأول إلى الإدارة الأمريكية التي تمثل الراعي الرسمي للمحتل، بدليل أن هناك علاقات قوية بين بوتين ونتنياهو فضلا عن التعاون الاستخباراتي القديم الذي يشمل التنسيق في كثير من الملفات.

الوجود الميليشياوي الإيراني وأثره على قرارات النظام

جسد الوجود الإيراني العسكري على الأراضي السورية مصدرا لإزعاج إسرائيل التي تسعى إلى استئصال كل العناصر العسكرية من الراضي السورية بدليل استمرار نهج الاغتيالات في صفوف حزب الله إلى جانب قصف مخازن الأسلحة والذخيرة وورش تصنيع السلاح وسبق وأن وجهت القوات الجوية الإسرائيلية ضربة قاصمة للوجود الإيراني في سوريا باستهداف القنصلية الإيرانية في دمشق واغتيال قادات من الحرس الثوري وفيلق القدس وبالتي باتت كل الأراضي السورية هدفا مشروعا لسلاح الجو الإسرائيلي بذريعة التصدي للعناصر الميليشاوية وعناصر المقاومة، وهو ما دقع بشار إلى التنسيق مع القوات التابعة لحزب الله بنقل مقارها إلى الجنوب في محاولة لتضليل تل ابيب التي تحتفظ بمعلومات دقيقة عن أماكن تواجد تلك العناصر في كل البقاع السورية.

أسباب صمت النظام السوري؟

تكشف حيادية النظام السوري تجاه حرب غزة والحرب في لبنان عن أمرين مهمين أولهما، انصياعه للأوامر الروسية التي تستهدف حماية مصالح موسكو في المياه الدافئة (البحر المتوسط) وعدم استدراجها في حرب مع إسرائيل لأن استمرار وجود رأس النظام في سوريا يمثل استمرارا للوجود الروسي العسكري والسياسي القوي في منطقة الشرق الأوسط، فضلا عن انصياعه للأوامر الإيرانية من خلال عدم الاعتراض على الوجود العسكري للحرس الثوري وحزب الله وميليشيات العراق وباكستان، وإنما التنسيق معها في محاولة لحماية وجودها من خلال الاعتماد على شقيقه ماهر الأسد الذي يقود فرقة عسكرية مهمتها التنسيق مع عناصر تلك المجموعات والقوات الإيرانية وأتباعها على الأرض.