بين غزة وسوريا وإيران.. كيف سيتعامل فريق ترامب الحكومي مع قضايا المنطقة؟

تتسم الأسماء التي أعلنها الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بمواقفها المتشددة تجاه عديد من الملفات لا سيما مسألة الدعم لإسرائيل ومعارضة إيران، لكنها تضم أصوات أخرى برغماتية.

قبل عودته إلى البيت الأبيض في 20 يناير/كانون الثاني المقبل، كشف ترامب عن مجموعة تعيينات مثيرة للجدل ضمن فريقه الحكومي، مثل مارك روبيو وزير الخارجية الذي يصف بأنه من صقور المتشددين ضد فلسطين، وكان يرى أن الولايات المتحدة تحت قيادة جو بايدن مقصرة في تقديم الدعم اللازم لحماية إسرائيل، كما يرى أن اليهود هم السكان الأصليين للأراضي الفلسطينية.

وسيكون حاكم أركنساو السابق مايك هاكابي سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل، وهو من أشد المسؤولين الأمريكيين دعما لتل أبيب، وسبق له أن رفض فكرة الدولتين لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، هذا في الوقت الذي يتحدث الرئيس الأمريكي المنتخب أن لديه خطة لإنهاء الحرب في الشرق الأوسط، إلا أن هذه التعيينات تبدو مثيرة للقلق.

وضع فلسطين ولبنان

لكن ترامب في الوقت ذاته اختار ستيف ويتكوف لتولي مهمة المبعوث الخاص للشرق الأوسط، وهو من أصدقائه المقربين، ومن المعروف أنه صاحب خلفية اقتصادية تتعلق بالمال والعقارات، ما يراه مراقبون موازناً لنفوذ الصقور في الإدارة الأمريكية، إذ أن خلفيته تجعله أكثر ميلاً لفكرة إبرام الصفقات القائمة على الربح للجميع دون النزوع إلى الحروب، مثله مثل إيلون ماسك.

"تعيينات مرعبة وعليها عديد من علامات الاستفهام"، بتلك العبارة استهل الدكتور مايكل مورجان الإعلامي والمحلل السياسي الأمريكي تعليقه لوكالة فرات للأنباء (ANF) حول فريق ترامب وتعاطيه مع الوضع في غزة وجنوب لبنان، وقال إن سفير واشنطن الجديد لدى إسرائيل من المعروف عنه دعمه الكبير للاستيطان، ولكن مبعوث الشرق الأوسط لديه خلفية معمارية عقارية أي ربما يدفع بخطة لإعادة إعمار غزة ويحيي صفقة القرن مجدداً التي نتمنى أن تكون عادلة.

وأضاف أن ترامب في ضوء هذا الفريق سيدعم وقف إطلاق النار، لكنه سيعطي تل أبيب المناطق التي سيطرت عليها في الفترة الماضية كنوع من الصفقة، أما بالنسبة للوضع في لبنان فلا يتصور أن تتوقف الحرب وستتواصل من أجل القضاء على حزب الله، لا سيما أن هذا يأتي في إطار الردع لإيران.

ولم يبد مورجان اهتماماً بمسألة توصيفهم بـ"المتشددين لصالح إسرائيل"، موضحاً أنه لو نظرنا بشكل عملي، سنجد إن الإدارة الحالية تقوم بنفس الأمر، فوزير الخارجية يهودي صهيوني، ووزيرة المالية هكذا، قائلاً إن "الصهاينة استطاعوا اختراق معظم الإدارة الأمريكية، واستطاعوا إقناع المجتمع بأن إسرائيل دولة تريد العيش في سلام، وأن من حق تل أبيب الدفاع عن نفسها".

الأزمة السورية

من بين التعيينات الملفتة للانتباه في إدارة ترامب اختيار تولسي جابارد للاستخبارات الوطنية، التي سبق لها أن زارت سوريا عام 2017 ضمن إحدى المهام، والتقت بشار الأسد، بعدها كان لها تصريحات شهيرة دعت فيها إلى ضرورة التفاوض مع رئيس النظام السوري من أجل تحقيق السلام.

يذكر أيضاً أنه حين سألت تولسي جابارد عن بشار الأسد كمجرم حرب، أجابت أنه لا يمكن أن يكون هكذا، ومن ثم تثار التساؤلات حول ما إذا كان هناك جديداً سيطرأ على تعاطي واشنطن مع دمشق خاصة مع دخول متغير الأوضاع في غزة ولبنان على الأزمة السورية.

هنا يقول محمد فتحي الشريف مدير مركز العرب للأبحاث والدراسات، لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن ترامب في ولايته الأولى كان لديه مواقف متشددة للغاية تجاه بشار الأسد، وكانت لديه رغبة شديدة خلال إحدى الفترات في توجيه ضربات عسكرية للنظام، لكن تراجع بعد تدخل من البنتاغون، إلا أن هذا النهج لن يكون عنوان الولاية الثانية، لأن الوضع على الأرض في سوريا تغير كثيراً.

وأضاف أن دمشق عادت إلى جامعة الدول العربية، وكثير من الدول باتت ترى أن التفاوض مع النظام أصبح ضرورة إذا أردنا تجاوز الوضع الحالي في سوريا، حتى واشنطن نفسها وصلت إلى قناعة بذلك، لا سيما وأن الأمور تبدلت كما نعلم منذ تدخل روسيا لصالح النظام، ثم تراجع قضية سوريا أمام ما يجري في فلسطين ولبنان، وكذلك الحرب الروسية – الأوكرانية.

واعتبر أن أي تحرك في مسار الأزمة السورية سيرتبط بما يجري في غزة وكذلك لبنان، والتفاهمات مع إيران، فضلاً عما قد يطال الأزمة الأوكرانية كذلك من توافقات بين موسكو وواشنطن، وكذلك ما قد يطراً على العلاقات بين تركيا والإدارة الأمريكية الجديدة لا سيما فيما يخص الضربات التركية على مناطق شمال وشرق سوريا والملف الكردي.

وكانت السيدة إلهام أحمد الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية بشمال وشرق سوريا قد باركت، عبر حسابها على منصة "إكس"، تعيين تولسي جابارد للاستخبارات الوطنية الأمريكية، معتبرة أنه من الملهم أن ترى امرأة قوية تتولى هذا المنصب المهم، مشيرة إلى أنها سبق لها حضور خطاب ترامب عن حالة الاتحاد في فبراير/شباط من عام 2019 بدعوة منها.

ويذكر أن السيناتور ماركو روبيو وزير الخارجية في فريق ترامب كان لديه عديداً من التصريحات الرافضة لعمليات الاحتلال التركي العسكرية في مناطق شمال وشرق سوريا، خاصة انتقاده عملية نبع السلام، معتبراً أن نظام أردوغان قام بها لينسى فقدانه أنقرة وإسطنبول في الانتخابات البلدية لعام 2019، كما انتقد مراراً تصرفات أنقرة ضد قوات سوريا الديمقراطية، مشيراً إلى أن الأخيرة لعب دوراً محورياً في مواجهة تنظيم داعش الإرهابي.

الموقف من إيران

كما عين ترامب العسكري السابق ومذيع قناة فوكس نيوز بين هيجسيث، الذي لم يسبق له أن تولى أي منصب سياسي وزيراً للدفاع، ومن المعروف مواقفه المتشددة للغاية ضد إيران، فهو عضو مجموعة "متحدون ضد إيران النووية"، وكان من أكثر المؤيدين لاغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني السابق، وهو كذلك من أشد الداعمين لإسرائيلي في حربها ضد البرنامج النووي الإيراني، ويرى ضرورة تقديم الدعم الكافي لتل أبيب لاستهدافه.

تعليقاً على ذلك، يقول الدكتور محمد اليمني الخبير في العلاقات الدولية، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إنه في ضوء تولي ترامب الرئاسة الأمريكية ومع ملامح فريقه الحكومي، فإنه يتوقع أن تكون لواشنطن مواقف أكثر تشدداً من طهران، وربما يقدم على اتخاذ عقوبات الهدف منها خنق الاقتصاد الإيراني أكثر.

وأضاف أن فريق ترامب يريد خنق إيران على كافة المستويات، وسيتبع نفس نهجه في الولاية الأولى، مشيراً إلى أن هناك من يرى أن الرئيس الجديد ربما يغير موقفه في ظل أن هناك محادثات، لكنه يؤكد أنه من الطبيعي أن تكون هناك لقاءات بين الجانبين، إلا أن الجمهوريين لن يغيروا طريقة تعاملهم مع الإيرانيين.

وكانت وسائل الإعلام الأمريكية كشفت عن اجتماع بين رجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك عضو الفريق الحكومي المحتمل لترامب ومستشاره مع أمير سعيد أيراواني سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن الاجتماع ناقش كيفية نزع فتيل التوتر بين واشنطن وطهران، وإن كانت الأخيرة نفت هذا اللقاء لاحقاً.