طالبات مصريات عن أوجلان: مناضل مثل مانديلا وأفكاره عبرت أسوار سجنه
مهما حاول النظام التركي من ممارسة الاضطهاد والقمع لوقف أفكار أوجلان، فإن النتيجة عكسية، فأفكاره كما الهواء لا ينتهي والمياه الجارية التي لا تنضب، تجري مجرى الدم من جيل إلى جيل.
مهما حاول النظام التركي من ممارسة الاضطهاد والقمع لوقف أفكار أوجلان، فإن النتيجة عكسية، فأفكاره كما الهواء لا ينتهي والمياه الجارية التي لا تنضب، تجري مجرى الدم من جيل إلى جيل.
قبل أيام عقد امتحان الفصل الدراسي الأول من مادة قضايا تاريخية معاصرة للفرقة الثالثة بقسم التاريخ في كلية الآداب بجامعة دمنهور المصرية، وكان القائد عبد الله أوجلان بطلاً لأسئلة الامتحان، إلى جانب نموذج نضالي أخر مشرف مثل الزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا، بما امتلكا الاثنان من نضال في مواجهة العنصرية والإبادة ومحاولات طمس الهوية وإنكار الوجود.
وكالة فرات للأنباء (ANF) تحدثت مع بعض هؤلاء الطلاب، وكانت المصادفة مع طالبتين، أي امرأتين، والكل يعلم المكانة التي أولاها أوجلان للمرأة على نحو ليس له مثيل، ويبدو أنه على قدر مكانة المرأة لديه جاءت مكانته لدى الطالبتين المصريتين، فقد أكدتا على القيمة والمكانة النضالية والإنسانية والفكرية للقائد "آبو" الذي لم يهب دولة بحجم تركيا وتمسك بحقوق شعبه ورفض الظلم والقمع، مشددتان على أن أفكاره عبرت أسوار السجن رغم كل المحاولات التركية للقضاء عليها.
شخصية مؤثرة
تقول الطالبة شيماء محمد البنا، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن عبد الله أوجلان شخصية قوية ومؤثرة وقف في وجه الظلم التركي من أجل الدفاع عن حقوق شعبه من الكرد، رغم أنه لم يمتلك ظهيراً كبيراً مسانداً له إذا تم مقارنة وضعه بالدولة التركية في المقابل أو الدول التي ناصبت العداء للكرد.
وأضافت الطالبة المصرية أن أوجلان ناضل وقاوم الإبادة التي أرادت الدولة التركية تنفيذها بحق الكرد، وما كان ليلجأ إلى المقاومة المسلحة إلا لأن النظام التركي في المقابل أراد إبادة الكرد وطمس هويتهم وثقافتهم بالقوة، مشددة على أنه لو لم يكن أوجلان مؤثراً ما كانت أنقرة تضعه في السجن الآن منذ أكثر من ربع قرن، وما كان ليلاقي ما لاقى من انتهاكات بحقه وسوء معاملة وصلت إلى عزله وتجريده من أهله ومحاميه وذويه.
أوجلان ومانديلا
وقد تضمن الامتحان الدراسي سؤالاً في شكل مقارنة بين دور نيلسون مانديلا في مواجهة سياسات الفصل العنصري بجنوب أفريقيا وبين دور عبد الله أوجلان في مواجهة النظام التركي إزاء مساع محو الهوية الكردية، كما تضمن الامتحان سؤالاً آخر لمناقشة آراء وأفكار المفكر والقائد أوجلان.
عن إجابتها على هذا السؤال، أعربت شيماء عن قناعتها بأن شخصية أوجلان تشبه كثيراً في نضالها الزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا الذي قاوم نظام الفصل العنصري، وعمليات التهجير التي كانت تطال بني جلدته من السود من أماكن تواجد البيض الذين كانوا يريدون القضاء تماماً على هوية السكان الأصليين للبلاد.
وتابعت أن أوجلان هو الآخر دافع ويدافع عن حقوق شعبه المشروعة في الاعتراف بهويتهم وثقافتهم ولغتهم ورفض إقصائهم من الحياة، والوقوف في وجه مخططات الإبادة التي تريدها تركيا للكرد، منوهة إلى أن الزعيم الكردي استطاع أن يقف وحده أو مع مجموعة قليلة من أنصاره في مواجهة دولة كبيرة بحجم الدولة التركية.
وقد تضمن الامتحان سؤالاً كذلك مضمونه اختبار مفهوم الإبادة الجماعية على الكرد والفلسطينيين، وفي هذا السياق اعتبرت شيماء أن الفلسطينيين والكرد شركاء في التعرض لمحاولات الإبادة الجماعية، فالأمر ليس مجرد تطهير عرقي وإنما حرب لمحور الكرد والفلسطينيين، فما تفعله إسرائيل في الشعب الفلسطيني هو نفسه ما تفعله السلطات التركية بحق الشعب الكردي.
وفي ختام تصريحاتها لوكالة فرات للأنباء (ANF)، قالت شيماء البنا إن أوجلان كانت له مطالب سلمية في البداية، لكن لم تعرها تركيا أي اهتمام، وبالتالي كان من الممكن أنه إذا قبل النظام التركي بالتفاوض كان يمكن الوصول إلى حل يرضي الطرفين، لكن أنقرة أصرت على القضاء على أوجلان وأفكاره، ويظهر ذلك في أنها عندما قبضت عليه وجهت له 14 ألف اتهام، وهذا ليس طبيعياً إلا من كيان متعمد إنهاء أوجلان من خلال القضاء على القضية الكردية بهدف إغلاق ملفها تماماً.
ازدواجية معايير
وسبق أن نظم نفس المجموعة من الطلاب نماذج محاكاة لمجموعة من المناضلين، الذي أتى في مقدمتهم القائد عبد الله أوجلان ونيلسون مانديلا والزعيم الليبي عمر المختار والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، حيث جرى استعراض سيرتهم وتاريخهم وأفكارهم ونضالهم من خلال تقمص مجموعة من الطلاب لشخصياتهم تحت رعاية الدكتور محمد رفعت الإمام عميد الكلية سابقاً.
وتحدثت وكالة فرات للأنباء (ANF)، مع الطالبة هدى الجمل التي كان دورها في المحاكاة تقديم النقد الموضوعي، والتي بكل موضوعية سلطت الضوء على ازدواجية المعايير لدى الأنظمة التركية، إذ قالت إن قوانين تركيا لا تسمح بالعزلة المفروضة على أوجلان، ومع ذلك تتم مخالفة تلك القوانين وتضعه في حبس انفرادي في إمرالي.
وترى أن هذه العزلة المفروضة عليه هي نتاج أن تركيا والقوى التي تقف خلفها تهاب أفكار وآراء القائد عبد الله أوجلان، ولهذا فهم يستمرون في فرض العزلة عليه بما يخالف كل القوانين، مؤكدة في الوقت ذاته أنهم مهما فعلوا فلن توقف أسوار السجن أفكاره من الانتشار، بل على العكس وصلت أفكاره إلى شعوب الشرق الأوسط وأثرت فيهم تأثيراً كبيراً.
وتلفت هدى إلى أنها خلال نموذج محاكاة أوجلان، فإنها توقفت عند تبنيه الهم الكردي مبكراً، والكيفية التي نقل بها النضال من إطار العشيرة إلى إطار أممي عالمي، لافتة إلى أن هناك كثيراً من القواسم بينه وبين الزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا، من حيث التكوين الفكري والتجربة النضالية في مواجهة الفصل العنصري ومحاولات الإبادة الجماعية لشعبيهما.