بعد حديث روسيا عن أسلحة تركية في أوكرانيا.. إلى أين تتجه العلاقات بين موسكو وأنقرة؟
تصريحات كانت مثيرة للاهتمام أطلقها وزير الخارجية الروسي بشأن إرسال تركيا أسلحة إلى أوكرانيا، تفتح الباب أمام تساؤلات عدة حول مسار العلاقات بين موسكو وأنقرة.
تصريحات كانت مثيرة للاهتمام أطلقها وزير الخارجية الروسي بشأن إرسال تركيا أسلحة إلى أوكرانيا، تفتح الباب أمام تساؤلات عدة حول مسار العلاقات بين موسكو وأنقرة.
قال سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي إن الأسلحة التركية تستخدم لقتل الجنود الروس في أوكرانيا، مضيفاً أنه "للأسف، تواصل أنقرة تعاونها مع نظام كييف في المجال العسكري التقني، وتستخدم القوات المسلحة الأوكرانية الأسلحة التركية لقتل أفراد عسكريين روس والمواطنين المدنيين"، مبدياً في الوقت ذاته دهشته إزاء تصريحات الجانب التركي بشأن رغبته في الوساطة بين موسكو وكييف.
وتذكر تقارير عدة أن تركيا تزود أوكرانيا بمعدات عسكرية مختلفة، تشمل المركبات الجوية المسلحة بدون طيار من طراز "بيرقدار" التي كانت فعالة جداً في استهداف أنظمة المدفعية والمركبات المدرعة الروسية، إضافة إلى الرشاشات الثقيلة حيث سلمت أنقرة كييف أكثر من 600 رشاشاً ثقيلاً.
كما تقدم تركيا كذلك للأوكرانيين الصواريخ الموجهة بالليزر، إذ تُستخدم مع طائرات بيرقدار بدون طيار لشن هجمات دقيقة، بجانب أنظمة الحرب الإلكترونية، حيث تساعد هذه الأنظمة في التشويش على اتصالات العدو والرادارات، وكذلك المركبات المدرعة ومعدات الحماية، وتوفر هذه المعدات الحماية الأساسية والتنقل للقوات الأوكرانية، حسب تقرير لصحيفة "زمان".
إشكالية تركيا
تعليقاً على تصريحات وزير الخارجية الروسي، يقول دكتور آصف ملحم مدير مركز جي إس إم للأبحاث والدراسات بموسكو إن إشكالية تركيا معروفة وهي أنها تريد الجلوس على كل الكراسي، ولهذا كانت هناك عدة خلافات بين موسكو وأنقرة، لكن الجانب الروسي بحاجة إلى نظيره التركي في بعض القضايا، ولهذا فإنه يحافظ على العلاقات مع الأتراك.
ولفت ملحم، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إلى عديد من الوقائع التي تعبر عن ذلك، من هذا أطلق أردوغان سراح بعض مقاتلي ما يعرف بـ "فوج آزوف" الأوكراني، رغم تعهده لموسكو بعدم مغادرتهم تركيا إلا مع نهاية الحرب، وكذلك عدم ممارستهم أي نشاط إعلامي، وبالتالي فقد خالف هذا التعهد، وحتى قائد هذا الفوج السابق دينيس بروكوبينكو تواصل مع بعض الشخصيات في إسبانيا، ومن المعروف أن والده كان يقاتل ضد الاتحاد السوفيتي.
وأشار كذلك إلى أن تركيا تقدم لأوكرانيا طائرات بيرقدار وتساعد كييف كثيراً، كما لفت كذلك إلى أن واحدة من الإشكاليات بين تركيا وروسيا، أن الأولى معروف أن لديها أطماع توسعية إمبريالية في جمهوريات آسيا الوسطى ومد نفوذها إلى هناك وإقامة ما يسمى باتحاد الشعوب التركية، والدول الغربية تدعم أنقرة في هذا الشأن ليس من أجلها وإنما نكاية في موسكو.
ويرى الكاتب والباحث السياسي أن العلاقة تركيا بمثابة حليف يمكن وصفه بـ "الصعب" لروسيا، وهي علاقة ليست بالعدائية وفي نفس الوقت ليست بالصداقة، فكل شيء ليس على ما يرام بين أنقرة وموسكو، مشيراً كذلك إلى أن الأتراك لا يعترفون بسيادة الروس على شبه جزيرة القرم ولا على الأراضي التي ضمتها كذلك موسكو خلال العملية العسكرية التي اندلعت في 24 فبراير/شباط من عام 2022 داخل الأراضي الأوكرانية.
العلاقات بين روسيا وتركيا
والسؤال أيضاً، إذا كانت هذه الخلافات قائمة فهل يمكن أن تتأثر العلاقات بينهما مستقبلاً؟، وهل يمكن أن نكون أمام أزمة بين البلدين بتصريحات لافروف؟، هنا يستبعد الدكتور عمار قناة أستاذ العلوم السياسية ومدير مركز الدراسات الاستراتيجية والتنبؤ السياسي، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن يكون لهذه التصريحات أي تأثير على العلاقات التركية – الروسية، معللاً ذلك بأن البلدين في حاجة إلى بعضهما البعض في كثير من الملفات والقضايا سياسياً واقتصادياً.
ويضيف أنه إذا كان الحديث عن الطائرات التركية المسيرة، فإن هذا يتم في إطار اتفاقات للتصنيع العسكري المشترك بين أنقرة وكييف وتعود إلى ما قبل العملية العسكرية الروسية، معتبراً أن تصريحات لافروف ربما كانت كمجرد ملاحظة على الموقف التركي، لا سيما أن الجانب التركي جاء موقفه إلى حد بعيد محايداً فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية، ويدلل على أن العلاقات طبيعية بأن أردوغان صرح مؤخراً أنه طلب من نظيره فلاديمير بوتين الوساطة لتطبيع العلاقات مع النظام السوري.
تداعيات على الأزمة السورية؟
وعلى ذكر الأزمة السورية، فمن المعروف حجم التنسيق الكبير بين روسيا وتركيا فيما يتعلق بالأوضاع في سوريا بعد سنوات من التباعد في المواقف، فالأولى كانت إلى جوار بشار الأسد أما الثانية فكانت في صف مناوئيه من معارضة وفصائل مسلحة وتنظيمات إرهابية، لكنهما الآن وبالشراكة مع إيران أصبحوا كما لو كانوا الفاعلين وحدهم في هذا الملف ورسم مستقبل سوريا، ومن ثم يمكن التساؤل حول أن يكون لأزمة أوكرانيا تداعيات على التنسيق بينهما في الملف السوري.
يقول الدكتور ميرزاد حاجم الأستاذ المحاضر في السياسة والعلاقات الدولية بجامعة يارسلافل الحكومية الروسية، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن حديث روسيا عن الأسلحة التركية في أوكرانيا ليس لأول مرة، وفيما يتعلق بالملف السوري فهو معقد، ونحن نتذكر الاتفاقيات التي حدثت بين الروس والأتراك التي بموجبها انسحبت المعارضة التي كانت تحاصر دمشق، في المقابل خسرت سوريا مدينة عفرين الكردية لتركيا وغيرها وحل المستوطنون مكان سكانها الأصليين الذين تم تهجيرهم.
وأضاف أنه لذلك فإن موسكو لا يمكن أن تخضع لأي ضغط الآن في الملف السوري، صحيح أن تركيا تريد التوسع لكن موسكو لن تدعها، خاصة أن روسيا تريد إعادة سوريا إلى القسم الأول من المشكلة، مشيراً إلى أن هناك خططاً كبيرة اً لسوريا إما تدفع البلاد إلى حرب أهلية، أو تذهب بها نحو حل ضمن إطار فيدرالي، مشيراً إلى أن نفس تجربة سوريا هذه ستطبق في أوكرانيا.