مثقفون مصريون: الكرد أمة حضارية مؤثرة وتدريس لغتهم ضرورة
يرى مثقفون مصريون أن تدريس اللغة الكردية أصبح ضرورة للتواصل بين الشعوب المشرقية، لا سيما أن الكرد أمة ثقافية وحضارية لها تأثيرها.
يرى مثقفون مصريون أن تدريس اللغة الكردية أصبح ضرورة للتواصل بين الشعوب المشرقية، لا سيما أن الكرد أمة ثقافية وحضارية لها تأثيرها.
استضافت كلية الآداب بجامعة طنطا المصرية قبل أيام الملتقى الأول لأقسام اللغات الشرقية بالجامعات المصرية تحت رعاية وزير التعليم العالي المصري الدكتور أيمن عاشور ورئيس جامعة طنطا الدكتور محمود زكي، الذي أتى بهدف مناقشة واقع اللغات الشرقية وماضيها ومستقبلها، وما تلعبه من دور في تحقيق التواصل الحضاري بين الشعوب الناطقة بها.
ومن المعروف أن هناك 12 قسماً للغات الشرقية في الجامعات المصرية تدرس 4 لغات هي التركية والفارسية والعبرية والأوردية، إلا أنه لم يكن من بينهم اللغة الكردية التي يتحدث بها قطاع واسع من سكان منطقة الشرق الأوسط وبعض أطرافه، وقد كان ملفتاً للانتباه تبني الملتقى الأول توصية بتدريس اللغة الكردية، أو بشكل أدق افتتاح قسم لتعليم اللغة الكردية في جامعة طنطا.
تفاصيل المقترح
يقول الدكتور مدحت حماد رئيس قسم اللغات الشرقية بجامعة طنطا، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن الملتقى السنوي الأول لأقسام اللغات الشرقية بالجامعات المصرية شهد حضور مجموعة متميزة جداً من عدد من القطاعات، بحضور حوالي 30 عضو هيئة تدريس من خارج قسم اللغات الشرقية بكلية الآداب من 9 جامعات منها الأزهر وعين شمس وقناة السويس وأسوان وبني سويف والمنوفية، وغيرهم.
وأضاف أن فعاليات المتلقى شهدت مشاركة بعض مراكز البحوث مثل الأهرام للدراسات السياسية، وقد تمت تغطيته من مؤسسات إعلامية، وكان تحت رعاية رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور محمود زكي، وعميد الكلية الأستاذ الدكتور ممدوح المصري ووكيل كلية الآداب الأستاذ الدكتور عبد الرازق الكومي.
وأوضح أن الفكرة الأساسية من الملتقى كانت مناقشة الماضي والواقع الخاص بأقسام اللغات الشرقية، والتي تشمل 4 تخصصات حالياً هي: الفارسية والتركية والأردية والعبرية، علماً أن تاريخ نشأة أقسام اللغات الشرقية في مصر يرجع إلى 100 سنة، وإن كان يختلف تأسيسه من جامعة لأخرى.
ولفت إلى أنه بعد مناقشة الماضي والواقع الراهن لها، كانت مناقشة الدور المستقبلي لأقسام اللغات الشرقية على صعيد تطوير وتنمية العلاقات بين مصر والدول الناطقة بتلك اللغات على كافة الأصعدة وجميع أنواع العلاقات، وجرى مناقشة جميع المحاور في جلسات مطولة، وكان من بين المقترحات "الرائعة" كان اقتراح أحد الحضور بتدريس اللغة الكردية كلغة شرقية مثل اللغات الأربع الأخرى.
مقترح موضع استحسان
وأوضح أن طرح فكرة تدريس اللغة الكردية في جامعة طنطا لاقت استحساناً كبيراً، وحظت بنقاش علمي حقيقي أكاديمي سياسي اجتماعي ثقافي أمني استراتيجي، وما بين السطور كان السؤال حول ما إذا كان تدريس هذه اللغة في جامعة طنطا من شأنه أن يخدم الأمن القومي المصري أم لا، مشيرًا إلى أنه بالطبع كان هذا الطرح موضع استحسان.
وقال حماد: "أنا على المستوى الشخصي أيدت هذا الطرح كرئيس لقسم اللغات الشرقية وأستاذ للغة الفارسية والدراسات الإيرانية من منظور أن هذا الأمر سيخدم الأمن القومي المصري على أعلى مستوى"، مضيفاً أنه من منظور حضاري وثقافي فإن إدخال برنامج لتعليم اللغة الكردية في مصر بصفة عامة وجامعة طنطا بصفة خاصة سيكمل دائرة التواصل الثقافي والحضاري والأدبي والتاريخي والفلسفية بين الأمم والشعوب الإسلامية، مؤكداً أنه لو كان بإمكانه تدريس جميع اللغات الشرقية لفعل ذلك، كونه يخدم النواقص في دوائر التواصل بين الشعوب الإسلامية.
ولفت الدكتور مدحت حماد إلى أنه أيد وسيؤيد بقوة إنشاء برنامج تدريس اللغة الكردية، استناداً إلى الدور الذي يلعبه الكرد والناطقين باللغة الكردية في حضارة المشرق بجناحيه الإسلامي والمسيحي، ولهذا يؤكد إعجابه بهذا المقترح، مؤكداً كذلك أن الناطقين باللغة الكردية هم أمة ثقافية وحضارية وفكرية وفنية وفلسفية يجب أن تكتمل بهم دوائر الحضارة المشرقية الإسلامية المسيحية المعاصرة، مشدداً على أن هذا هو الهدف الاستراتيجي من وراء هذا المقترح.
وأعرب "حماد" عن أمنياته أن يتم هذا الأمر، وأعرب كذلك عن أمنياته بالسفر إلى إحدى الجامعات المتخصصة في اللغة الكردية، لكي يتم معرفة كيفية إنشاء برنامج تدريس اللغة الكردية وصياغة المقررات والمناهج اللازمة، لعدم توافرها حالياً في مصر، لافتاً إلى أنه في شهر يوليو/تموز المقبل سيقدم مشروع البرنامج للجامعة الذي سيكون وفق حقائق عملية تؤدي إلى نجاح الهدف النهائي من هذا الأمر، المتمثل في تعليم نخبة من الشباب المصري وربما العربي اللغة الكردية وآدابها والتاريخ الحضاري للأمة الكردية.
وهناك أكثر من 40 مليون شخص على الأقل يتحدثون اللغة الكردية، كما أن الشعوب الكردية لديها تداخل ثقافي وحضاري وتاريخي كبير مع الشعوب العربية، وهم جزء لا يتجزأ من حضارة تلك المنطقة وتطورها على مر العصور المختلفة.
ضرورة للحوار والتقارب الثقافي
بدوره، يؤكد الكاتب الصحفي فتحي محمود مدير مركز أتون للدراسات، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن المدخل الثقافي هو الأساس الذي يمكن أن يتجمع حوله كثير من المفكرين والمثقفين والشباب والمرأة من الجانبين الكردي والعربي بعيداً عن أيّ تأثيرات سياسية، وفي هذا المدخل مشتركات كثيرة يمكن العمل عليها لتوطيد العلاقات بين المجتمعين العربي والكردي، وأن يسعى كل طرف لتبديد مخاوف الأخر، وصولاً إلى التوافق على أهمية التمسك بالحوار والسعي لمنح كل القوميات في المنطقة حقوقها الأساسية كاملة على أساس المواطنة والشراكة والمساواة، والإيمان بأن مصيرهم جميعاً واحد.
وأضاف "محمود" أن هذا المدخل الثقافي يتضمن التعرف على الأدب الكردي بالتأكيد، وعلى السينما الكردية وعلى كل ما يتعلق بالثقافة الكردية، مشدداً على أنه لن يتأتى ذلك إلا بأن يكون هناك قسم لتعليم اللغة الكردية في الجامعات المصرية ضمن اللغات الشرقية، حتى يمكن تنشيط حركة الترجمة من الكردية إلى العربية لتعريف الرأي العام العربي بالثقافة الكردية الصحيحة، والتعامل من خلال ورش عمل وندوات وأنشطة ثقافية مشتركة.
وفي ختام تصريحاته، يرى الكاتب الصحفي المصري فتحي محمود أن وجود مترجمين بهذا الشكل لا يمكن أن يتوفر إلا بوجود قسم لتعليم اللغة الكردية، ولذلك كان هذا الاقتراح بوجود قسم لتعليم اللغة الكردية في الجامعات المصرية، مشيراً إلى أنه أكد على أهمية هذا الأمر في ملتقى اللغات الشرقية بالجامعات الذي أوصى بإنشاء قسم لتعليم اللغة الكردية.