قراءة في بنود اتفاق قسد وسلطة دمشق
حالة من التفاؤل، شهدتها سوريا خلال الأيام القليلة الماضية إثر الإعلان عن توقيع مسودة اتفاق بين قوات سوريا الديمقراطية وسلطة دمشق.
حالة من التفاؤل، شهدتها سوريا خلال الأيام القليلة الماضية إثر الإعلان عن توقيع مسودة اتفاق بين قوات سوريا الديمقراطية وسلطة دمشق.
يتضمن الاتفاق الموقع بين قسد وسلطة دمشق مجموعة من البنود التي تنظم الشؤون الدفاعية والإدارية والمحلية في مناطق الإدارة الذاتية، مع مراعاة التنوع الثقافي والشعبي، ولاقى الاتفاق ترحيباً كبيراً من القوى الإقليمية والدولية وسط اعتراض الاحتلال التركي الذي يتعارض الاتفاق مع خططه الساعية إلى عدم تحقيق الاستقرار على الأراضي السورية، ويرى مراقبون أن اتفاق الطرفين قد يفضي لفرض حالة من الاستقرار الداخلي إذا تصرفت سلطة دمشق من منطلق وطني، مؤكدين أن الاتفاق يعيد للمكون الكردي دوره في عملية البناء الوطني، باعتباره مكونا أصيلا.
بنود الاتفاق
ويشمل الاتفاق عدة بنود أبرزها ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية وكافة مؤسسات الدولة، بناءً على الكفاءة بغض النظر عن خلفياتهم الدينية والعرقية، وأن المجتمع الكردي مجتمع أصيل في الدولة السورية، وتضمن الدولة السورية حقه في المواطنة وكافة حقوقه الدستورية، إلى جانب وقف إطلاق النار على كافة الأراضي السورية، وضمان عودة كافة المهجرين السوريين إلى بلداتهم وقراهم وتأمين حمايتهم من الدولة السورية ورفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة بين كافة مكونات المجتمع السوري.
بادرت الإدارة الذاتية بوضع كل الثروات الطبيعية في مناطقها تحت التصرف الحكومة في تصرف يثبت حسن النوايا والحفاظ على الوطن، فضلا عن إدراكها للمشهد الداخلي المعقد بداية من أحداث الساحل السوري وما يتردد من دعاوى بشأن الدروز تزامنا مع الدور الخارجي وتدخلات قوى إقليمية ودولية تسعى إلى تحقيق مصالحها على حساب مكونات سورية، ما قد يزيد الميدان تعقيدا في ظل تنوع الصراعات وتوزعها على عدة بؤر ساخنة، ويتطلب ذلك فرض حالة من الهدوء والسيطرة المؤقتة لحين استقرار الأوضاع ومتابعة ما سيجري تشكيله من لجان لتنفيذ الاتفاق الذي يمثل اتفاقا إطارياً وليس نهائياً ورغم ذلك حظي بدعم وإشادة كثير من دول المنطقة والعالم.
مخططات خارجية
قال الدكتور عبدالرحمن ربوع المحلل السياسي في تصريح لوكالة فرات للأنباء «ANF»، إنّ «اتفاق الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا مع سلطة دمشق والمتمثل بتوقيع كل من أحمد الشرع مع قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي جاء في وقت حيوي وحساس من هذه المرحلة الانتقالية حيث تشهد سوريا حالة من عدم اليقين والسيولة السياسية والأمنية تزامنا مع سعي عدة دول وحكومات وعصابات الجريمة المنظمة لدعم مخططات إفشال التحول السياسي في سوريا عبر زعزعة الاستقرار وتفشي الإرهاب، ليأتي الاتفاق كـ رد عملي على هذه المحاولات التي حاولت إشعال فتنة في منطقة الساحل وأدت لجرائم خطيرة أثرت كثيرا على المزاج العام في سوريا لتسود حالة من الحزن الممزوج بالغضب».
وأضاف أنه منذ خروج نظام الأسد بدأت مشاورات وحوارات ومفاوضات بين قسد وسلطة دمشق لتتكلل بالاتفاق يوم 10 آذار الجاري ونتوقع من هذا الاتفاق أن ينهي حالة الانقسام في سوريا وقطع الطريق على الأتراك الذين يستهدفون مناطق إقليم شمال شرق سوريا يوميا بالقصف وتدمير البنى التحتية، كما ننتظر من هذا الاتفاق أن تحل القضايا المتعلقة بصياغة دستور وطني يساوي بين كل المواطنين ويؤكد على تكافؤ الحقوق والفرص، ويأخذ بموجبه المواطنون الكرد حقوقهم الوطنية والإنسانية المستلبة منذ أكثر من مائة عام.
انفراجه سياسية
ومن الأهمية بمكان النظر للاتفاق على أنه جنب سوريا المزيد من الاقتتال وفتح الباب لحل المشكلات بالطرق السلمية التي تغلب لغة العقل والمنطق على لغة القوة والسلاح، كما يعد اتفاقاً وطنياً قطع الطريق على الدول المتدخلة في الشأن السوري وأعطى المثل الواضح أن بإمكان السوريين حل مشاكلهم بطرق متحضرة وأكد على أن الكرد مكون أساسي في الشخصية السورية ومن حقه التمتع بكامل حقوقه في سوريا المستقبل.
حسام طالب الكاتب الصحفي والمحلل السياسي أكد في تصريح لوكالة فرات للأنباء «ANF»، أنّ «الاتفاق بين قسد وحكومة دمشق يمثل بداية لانفراجه سياسية كبيرة وتركد التزام حكومة دمشق بتنفيذ وعودها باحتواء كل المكونات وأن سوريا للجميع، ويقطع الطريق على أية مخططات خارجية تستهدف بث الفرقة»، كما يمثل الاتفاق بداية نحو استعاد حقوق الكرد في سوريا تمهيدا للانخراط في العمل السياسي ومباشرة الحقوق السياسية بكل حرية ودون رقابة، كما يمثل الاتفاق بداية لمشاركة كردية في العملية الانتقالية وهو ما يتوجب على الكرد الانتباه له من خلال ضرورة حضورهم وفاعليتهم في إشكالية صياغة الدستور لضمان حقوقهم.