في إطار التطورات السياسية والدستورية الراهنة في سوريا، أجرت وكالتنا لقاءً مع الدكتورة والباحثة في العلوم الاجتماعية والسياسية، هدى رزق، التي طرحت رؤى نقدية هامة حول الإعلان الدستوري الجديد. وقالت: "وصف الدولة بأنها الجمهورية العربية السورية يُقصي القوميات غير العربية مثل الكرد، التركمان، السريان، والآشوريين". وأضافت أن الإعلان الدستوري يساهم في منح النظام الجديد دعماً من الأغلبية السنية، خاصة عندما يُحدد أن ديانة رئيس الدولة هي الإسلام، ما يؤدي إلى تهميش الأديان الأخرى. وأكدت أن هذا يتعارض مع المادة التي تنص على أن جميع المواطنين السوريين متساوون في الحقوق.
وأشارت الدكتورة رزق إلى ضرورة تمثيل كافة السوريين في العملية السياسية، وأن يُعطى أصحاب الكفاءات دورهم في قيادة الدولة. مذكرة أن "الجمهورية العربية السورية" تعزز الهوية العربية على حساب التنوع الذي تتمتع به البلاد، ما يؤدي إلى إقصاء المكونات الأخرى.
إضافة إلى ذلك، تناولت الباحثة قضية تجاهل الإعلان الدستوري للاتفاق الذي تم بين أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، الذي لاقى ترحيباً واسعاً من مختلف الأطراف، وأوضحت أن الدستور الجديد لم يتضمن أي مواد تشير إلى تمثيل المكونات القومية أو الدينية مثل الكرد، التركمان والسريان، رغم أن الاتفاق نص على ضرورة تمثيل كافة مكونات الشعب السوري.
وفيما يتعلق بالعدالة الانتقالية، أكدت رزق أن الدستور ينص على محاسبة انتهاكات النظام السابق، لكنها شددت على أن العدالة الانتقالية يجب أن تشمل جميع الانتهاكات التي وقعت على الأراضي السورية، وليس فقط تلك التي ارتُكبت في عهد النظام السابق، منوهة إلى أن هناك انتهاكات جديدة قد ارتُكبت من قبل النظام الحالي، ويجب إدراج كافة الانتهاكات، لا سيما تلك التي حدثت في الساحل السوري.
وتطرقت الدكتورة إلى مسألة صلاحيات الرئيس السوري، مشيرة إلى أن الدستور يضع صلاحيات واسعة في يد الرئيس، بما في ذلك تعيين تمديد المرحلة الانتقالية لمدة خمس سنوات. واعتبرت ذلك أمراً خطيراً، حيث يعيد البلاد إلى مرحلة حكم الفرد التي كانت سائدة في عهد بشار الأسد.
وفيما يخص مسألة الأحزاب السياسية، قالت هدى رزق: "تعليق عمل الأحزاب إلى حين إصدار قانون جديد يعطل الحياة السياسية"، وطالبت بتحديد موعد دقيق لإصدار هذا القانون بأسرع وقت، معتبرة أن الإعلان الدستوري يجب أن يكون بمثابة نقلة نوعية للبلاد من الاستبداد إلى التعددية السياسية.
كما تناولت الباحثة وضع المرأة في الدستور الجديد، حيث قالت: "إن الدستور قد تناول وضع المرأة في الحياة الأسرية والاجتماعية، لكنه أغفل الحديث عن تعزيز دورها في الحياة السياسية، وذكرت أن الدستور يجب أن يتناول دور المرأة في صناعة القرار، وأنه لا يكفي أن يُذكر دورها في الأسرة والمجتمع فقط دون أن يكون لها حضور فعال في الحياة السياسية".
وأضافت: "النساء في شمال وشرق سوريا، وخاصة الكرديات، يشاركن في الحياة السياسية والعسكرية بشكل فعّال، وهن يشعرن بالغضب تجاه الدستور الجديد"، وأشارت إلى أن هناك تساؤلات حول غياب التنوع الطائفي والعرقي في الهوية السورية، ومن هنا، طالبت بتعديلات دستورية تشمل تمثيل مختلف مكونات الشعب السوري.
وفي الختام، أكدت الدكتورة هدى رزق أن الاتفاق بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وسلطة دمشق يثير العديد من التساؤلات حول كيفية تأثيره على تطلعات الشعب في شمال وشرق سوريا. ولفتت الانتباه إلى أن الاتفاق لم يتطرق إلى نزع سلاح قوات سوريا الديمقراطية، بل اكتفى بدمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في الإدارة الجديدة، مما يثير التساؤلات حول التركيبة الجديدة للحكم الذاتي الكردي.
وأن الدستور الجديد لم ينفذ أي شيء من الاتفاق الذي تم بين مظلوم عبدي وأحمد الشرع، واكتفى بتحديد صيغة حكم تضمن حقوق مكونات الشعب ضمن إطار الدولة الوطنية دون تخصيص.