وكانت وكالة فرات للأنباء حاورت الدكتور سمير فاضل وهو أستاذ التاريخ والأمين العام لمؤسسة المصريين للبحوث والدراسات الثقافية، حيث سلط الضوء في الجزء الأول من اللقاء الهاتفي على القيمة والمكانة التي يتمتع بها عبد الله أوجلان كقائد فز وملهم لكل المناضلين في العالم، وقد أعرب بشدة عن رفضه لحالة العزلة والتجريد التي يفرضها عليه "النظام التركي القمعي".
ولا يكون الحديث عن تجربة عبد الله أوجلان إلا ولا بد من الذهاب بشكل لا إرادي للحديث عن تجربة المرأة الكردية، وفق الدكتور سمير فاضل، إذ يرى أنها تجاوزت مرحلة المشاركة الشكلية إلى المضمون والجوهر وأصبحت فاعلة ومؤثرة للغاية، كما تفوقت على المرأة الألمانية في دورها عقب الحرب العالمية الثانية، مؤكداً على أنها قدمت ملحمة نضالية وتجربة ستدرس لاحقاً.
وإلى نص الحوار:
*دكتور سمير على ذكر تجربة الكرد النضالية التي أشدت بها، ماذا عن رؤيتك لدور المرأة بها؟
- هذا سؤال مهم، ونحن حين نتحدث عن التجربة النضالية للكرد فلا بد لنا أن نذكر وبكل إجلال الدور المهم والمحوري النضالي للمرأة الكردية جنباً إلى جنب مع الرجل، فإذا كنا نقول إن عبد الله أوجلان قائد فز وملهم، فإنه بطبيعة الحال هناك شخصيات أخرى كان لها دورها المميز النضالي وفي المقاومة مثل المرأة الكردية، بل ومن الواضح جداً أنها قدمت ملحمة في المقاومة.
*إلى أي مدى برأيك تتميز التجربة الكردية بإفراد مساحة مميزة للمرأة؟
- هناك الكثير والكثير من النماذج النسائية الكردية النضالية، ونحن في عالمنا العربي لدينا تلك النماذج لكنها محدودة، بينما في التجربة الكردية النماذج كثيرة، وهذا يعود إلى أن هناك توجهاً شعبياً كردياً يعطي للمرأة مكانتها، كما أن فكرة النضال نفسها أصبحت توجهاً شعبياً لجميع الكرد رجالاً ونساءاً ولهذا كان لدينا كثير من النماذج النسائية الكردية المناضلة، وهناك حضور قوي للمرأة.
*ماذا يعني ذلك برأيك؟
- يمكن القول إن النساء الكرديات تجاوزن دائرة المشاركة الشكلية، أي تجاوزن المرحلة التي تكون المشاركة فيها للمرأة من أجل أن يقال فقط إن المرأة تشارك، أي انتقلت من مرحلة الشكل إلى المضمون والجوهر، فالمرأة الكردية صنعت قفزات في الحركة النضالية غير مسبوقة.
*كيف ترى تفاعل الشعوب المجاورة مع تجربة المرأة الكردية بكل هذا التميز والاستفادة منها؟
- للأسف كثير من الشعوب المجاورة لا ترصد ولا تظهر تجربة المرأة الكردية ونجاحها، لأن هناك حالة من الخجل لدى هذه الشعوب من نتائج المقارنة بين وضع المرأة هنا وهنا، نتيجة القفزات الكبيرة التي حققتها المرأة الكردية، وذلك على الرغم من الظروف القاسية والصعبة للغاية التي تتواجد فيها.
*هذا يجعلني اسألك عن الظروف التي عاشتها المرأة الكردية ما بين قمع أنظمة وإرهاب غير ذلك، ماذا عنها؟
- المرأة الكردية والمناضلات الكرديات واجهن ظروفاً قاسية وصعبة للغاية ومتعددة، وشاركن في تجربة النضال إلى جانب عملهن الأساسي، فمنهن الأمهات والمحاميات والصحفيات والطبيبات، أي أن المرأة الكردية تعمل بكل المهن إلى جانب تجربتها النضالية في الوقت ذاته رغم كل الظروف المحيطة بها، والحقيقة إن تجربة المرأة الكردية ستدرس في مراحل لاحقة، بل أنها تفوقت على المرأة الألمانية، تفوقت على "سيدات الأنقاض" وهو كما نعلم مصطلح كان يطلق على السيدات اللائي قمن بإزالة أنقاض المباني المهدمة إثر الدمار الذي لحق بالمدن الألمانية في الحرب العالمية الثانية، لكن المختلف أن المرأة الكردية يمكن أن يطلق عليها "سيدات التعمير" لكل المناطق، وبالتالي فدورها واضح وبارز جداً.
*هل لديك ما تود أن تضيفه بخصوص المرأة الكردية ومستقبلها؟
- المستقبل بشكل واضح يقول إن المرأة الكردية سيكون لها نقلة عالمية متميزة جداً، وهذا ما هو إلا نتاج توجه شعبي كردي آمن بالنضال وقيمة ومكانة المرأة فيه، وأفكار عبد الله أوجلان نفسها تؤمن بمكانة المرأة وجعلها شريكة في كافة المجالات على قدم المساواة مع الرجل وبشكل عملي في إطار مراعاة معايير الموضوعية والكفاءة، خاصة مسألة الإيمان بأن المرأة الحرة من شأنها أن تخلق مجتمعاً حراً ودولة حرة.