محسن عوض الله: إطلاق سراح أوجلان خطوة أساسية نحو حل الصراع التركي-الكردي

أكد محسن عوض الله، الصحفي والمتخصص في الشؤون الدولية وأزمات الشرق الأوسط أن رسالة عبد الله أوجلان تمثل نقطة تحول تاريخية، حيث يفتح الباب أمام حل سياسي جديد للقضية الكردية تحمل في طياتها تحولًا جذرياً في استراتيجية النضال الكردي.

تحدث لوكالتنا وكالة فرات للأنباء الصحفي والمتخصص في الشؤون الدولية وأزمات الشرق الأوسط، محسن عوض الله عن رسالة عبد الله أوجلان التي تعد تاريخية بكل المقاييس، حيث جاءت في توقيت حساس بالنسبة للنضال الكردي. وذكر عوض الله أن هذه الرسالة تعكس تحولاً كبيراً في طريقة فهم المقاومة وأدواتها، فبعد أن كان عبدالله أوجلان يتحدث عن الكفاح المسلح كوسيلة لضمان حقوق الكرد، أصبح اليوم يرى أن المرحلة تتطلب استراتيجيات جديدة تتماشى مع المتغيرات السياسية والاجتماعية في تركيا والمنطقة.

تحول استراتيجية النضال الكردي

قال الصحفي والمختص في الشؤون الدولية وأزمات الشرق الأوسط، محسن عوض الله: " تعتبر رسالة عبد الله أوجلان تاريخية بكل المقاييس حيث أتت في توقيت حساس بالنسبة للنضال الكردي، وتعكس تحولاً في طريقة فهم المقاومة وأدواتها. لم يعد أوجلان يتحدث عن الكفاح المسلح كوسيلة لنيل حقوق الشعب الكردي، بل يرى أن المرحلة تتطلب استراتيجيات جديدة تتماشى مع المتغيرات السياسية والاجتماعية في تركيا والمنطقة. إذ يعكس حديثه عن ضرورة حل حزب العمال الكردستاني وإلقاء السلاح، إدراكه بأن النضال يجب أن يتخذ أشكالاً أخرى أكثر تأثيراً، بعيداً عن المواجهة المسلحة التي فرضتها ظروف الماضي. هذه الرسالة تفتح باب النقاش حول مستقبل الحركة الكردية والسبل الممكنة لضمان الحقوق ضمن إطار سياسي جديد. كما أنها تلقي الكرة في ملعب الدولة التركية التي طالما اتهمت أوجلان وحزبه بالإرهاب.. رسالة أوجلان ورد فعل حزبه فضحت نظام أردوغان أمام الأتراك فإما أن يبادل الكرد خطوات نحو السلام ويجنب البلاد صراع ممتد منذ عقود أو يتوقف عند نفس المواقف والتصريحات المعادية وتعود دائرة العنف بصورة أسوء من السابق.

حزب العمال الكردستاني ودوره في النضال الكردي

وتابع محسن: "على مدار عقود، لعب حزب العمال الكردستاني دوراً محورياً في مقاومة السياسات التي حاولت طمس الهوية الكردية. منذ تأسيسه، خاض الحزب مواجهات مسلحة ضد السلطات التركية، في ظل غياب أي أفق لحل سياسي. كان الحزب يمثل صوتاً معبراً عن تطلعات قطاع واسع من الكرد، ورغم العنف الذي شهده الصراع، فقد تمكن من فرض القضية الكردية على الساحة الدولية. ومع ذلك، فإن تغيير الظروف السياسية في تركيا والمنطقة يدفع إلى التفكير في خيارات أخرى، لا سيما بعد تأكيد أوجلان على أن الحزب استنفد دوره في شكله الحالي. كما أن سرعة استجابة الحزب لنداء أوجلان بوقف العمليات واستعداده إلقاء السلاح تشير لحجم المرونة التي يبديها الحزب تجاه المتغيرات وهو ما يجعله قادراً على لعب دور جديد في ظل التطورات الحالية.

إعادة النظر في مفهوم المقاومة الكردية

ونوه "عوض الله" إلى أن رسالة أوجلان تسلط الضوء على الحاجة إلى إعادة النظر في مفهوم المقاومة الكردية، إذ لم يعد العمل العسكري هو السبيل الوحيد لانتزاع الحقوق، بل أصبح من الضروري التركيز على الأدوات السياسية والاجتماعية. فيتحدث أوجلان عن ضرورة بناء مجتمع ديمقراطي يمكن فيه للكرد ممارسة حقوقهم دون الحاجة إلى السلاح، ولكن ما أخشاه أن الكرد يخسرون بالمفاوضات ما حصدوه بالسلاح فربما تحتاج الكيانات السياسية الكردية للمزيد من الخبرات في مجال التفاوض والعمل السياسي حتى لا يخسروا السلاح والسياسة معا.

الإرادة السياسية والتفاهمات المحتملة

رسالة أوجلان نفسها تجيب عن هذا السؤال، خاصةً في حديثه عن الإرادة السياسية التي أظهرها رئيس الجمهورية، وإشارته إلى موقف حزب القومي بزعامة بهجلي، مما يوحي بإمكانية وجود تفاهمات لم يُعلن عنها رسمياً، قد لا يكون هناك اتفاق واضح، لكن الرسالة تحمل إشارات إلى احتمال فتح قنوات جديدة للحوار.

دروس من تجربة عملية السلام السابقة

شهدت السنوات الماضية جولاتٍ من المفاوضات بين تركيا وحزب العمال الكردستاني، إلا أن جميعها انتهت بالعودة إلى المواجهة العسكرية. تقدم تجربة عملية السلام، التي بدأت في عام 2013 وانتهت في عام 2015، نموذجاً لما يمكن أن يحدث إذا لم يكن هناك التزام جدي من الطرفين. إن استئناف أي حوار جديد يتطلب ضمانات حقيقية تحول دون تكرار الإخفاقات السابقة، سواء من خلال وساطات دولية أو عبر التزام رسمي من الدولة التركية بمسار سياسي واضح يحترم حقوق الكرد.

الحلول الأمنية وحدها لن تفي بالغرض

التعامل مع القضية الكردية في تركيا لا يمكن أن ينجح بالحلول الأمنية وحدها. إذا كانت الدولة ترغب في إنهاء هذا الصراع، فعليها الاعتراف بأن منح الكرد حقوقهم السياسية والثقافية هو الطريق الوحيد لتحقيق الاستقرار. التضييق على القوى السياسية الكردية يؤدي إلى تأجيج الأزمة بدلاً من حلها، وقد أثبتت التجارب السابقة أن انغلاق الأفق السياسي يدفع نحو تصعيد المواجهة، بينما يؤدي الانفتاح إلى تقليص العنف.

رسالة أوجلان: تحوّل في أساليب النضال الكردي

رسالة أوجلان لا تعني نهاية القضية الكردية، بل تؤكد على ضرورة تغيير أساليب النضال بما يتماشى مع المتغيرات السياسية والاجتماعية. يرى أوجلان أن الكفاح المسلح كان ضرورة فرضتها مرحلة معينة، لكنه لم يعد الأداة المناسبة لتحقيق المطالب الكردية اليوم. الانتقال إلى العمل السياسي والاجتماعي لا يعني التخلي عن الحقوق، بل هو محاولة لجعل النضال أكثر فعالية وأقل تكلفة، عبر الاستفادة من الفرص المتاحة داخل المشهد السياسي.

بناء مشروع ديمقراطي متكامل لحماية حقوق الكرد

تشير رسالة أوجلان إلى أن المرحلة القادمة تتطلب تحولًا في أساليب العمل الكردي. بدلاً من التركيز على الكفاح المسلح، ينبغي توجيه الجهود نحو بناء مؤسسات سياسية قوية، وتعزيز الحضور في المشهد العام، واستثمار الأدوات القانونية والدبلوماسية للدفاع عن الحقوق. هذا التحول قد يشكل تحدياً كبيراً، لكنه في الوقت نفسه يمثل فرصة حقيقية لتحقيق مكاسب دائمة، بعيداً عن دوامة العنف. حيث يركز أوجلان في رسالته على ضرورة بناء مشروع ديمقراطي متكامل يحمي حقوق الكرد في إطار تركيا موحدة. وتحقيق هذا الهدف يتطلب رؤية واضحة واستراتيجية تقوم على العمل السياسي المنظم، والتواصل مع القوى الديمقراطية داخل تركيا وخارجها، وتعزيز المشاركة السياسية بدلاً من الانكفاء على الذات، دون هذا التوجه، ستبقى مطالب الكرد عرضة للتهميش، وسيظل الصراع مفتوحاً على مزيد من الأزمات.

خطوات عملية لإنهاء الصراع وتحقيق السلام

وفي ختام حديثه قال محسن عوض الله، الصحفي والمتخصص في الشؤون الدولية وأزمات الشرق الأوسط، إذا كانت الحكومة التركية جادة في إنهاء الصراع، فإن عليها التعامل بجدية مع هذه الرسالة واتخاذ خطوات عملية لفتح المجال أمام حل سياسي حقيقي. أول هذه الخطوات إطلاق سراح أوجلان نفسه ووقف الحملات الأمنية ضد النشطاء والسياسيين الكرد، وتهيئة مناخ ديمقراطي يسمح بالحوار، وإعادة النظر في السياسات التي أدت إلى فشل المحاولات السابقة.