رسالة القائد عبدالله أوجلان ترسم مستقبل السلام في المنطقة

سادت حالة من التفاؤل الحذر بين الأوساط الدولية والإقليمية عقب إعلان مضمون رسالة القائد عبد الله أوجلان لحزب العمال الكردستاني التي فتحت آفاقا جديدة للسلام.

لاقت رسالة القائد أوجلان إلى حزب العمال الكردستاني ردود فعل دولية وإقليمية على نطاق واسع، حيث رحب البيت الأبيض بالدعوة على لسان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي وأثنى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على نداء القائد أوجلان ناصحا الطرف الكردي بالتعاطي بحذر، واصفا إعلان القائد بأنه بارقة أمل لتحقيق السلام الكردي التركي أخيراً، كما رحبت العراق برسالة القائد مؤكدة أنها ستكون منطلقا لتحقيق السلام وأشادت العاصمة برلين بدعوة القائد ووصفتها بأنها فرصة تاريخية.

ترحيب دولي

كما أعربت العديد من الأوساط العربية عن تفاؤلها بتلك الرسالة التي تجسد تغيير كبيراً في المنطقة ضمن التحولات السياسية الكبرى التي تشهدها، وأن التعاطي التركي مع تلك الرسالة يجب أن يكون على نفس القدر من المسؤولية وألا يعتمد أسلوب المراوغة ويجب أن يقابل رسالة القائد تحركات تركية تؤكد رغبتها في السوية وحل القضية وبالتالي تتوجه النظار حاليا إلى سياسات حكومة تركيا المرتقبة تجاه رسالة القائد، خاصة بعد أن أعلن المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية في تركيا تصريحات مضللة قد تسبب في أزمة مستقبلا بعد إعلانه أن التسوية تتطلب إلقاء كل القوات الكردية في سوريا والعراق سلاحها، تزامنا مع رفض حزبين قوميين التفاوض مع القائد أوجلان، بما يؤكد أن التعامل التركي على الصعيد الرسمي لم يرق إلى مستوى دعوة القائد التي تضمنت رسائل تاريخية ستمثل نقطة انطلاقة نحو تحولات كبيرة في الشرق الأوسط إذ ما جري التعاطي معها بفاعلية، وهو ما شددت عليه نائبة الرئيس المشارك للمجموعة البرلمانية لحزب الديموقراطية والمساواة للشعوب، كليستان كلج كوج قائلة: «إذا تعاملت الحكومة بأكملها مع القضية من هذا المنظور، فإن تقدُّم العملية سيكون صعباً للغاية«.

تحول سياسي

أكد الدكتور نبيل رشوان المحلل السياسي في تصريح لوكالة فرات للأنباء «ANF »، أنّ «مبادرة القائد ودعوته لحزب العمال الكردستاني بإلقاء السلاح ستحول وجه المنطقة وتنهي معاناة كبيرة للشعوب الكردية وتمثل مصدرا للأمل والتفاؤل فيما يخص في سوريا، فقوات قسد التي تصدت للتنظيمات الإرهابية ولا زالت في إقليم شمال وشرق سوريا،  أعلنت عن وضع حقول النفط تحت تصرف حكومة دمشق المؤقتة بهدف توريد النفط للحكومة المركزية السورية ومن ثم فإن الملف الكردي يشهد عدة انفراجات على أكثر من جبهة، ويظهر حسن النية الكردية، وبحسب ما أعلنه رئيس الحكومة المؤقتة في دمشق ستتم المصالحة في سوريا على أن تشمل العملية السياسية كل القوى دون استثناء، أما جنوب شرق تركيا فهي منطقة كردية ومن الممكن منحها صلاحيات الحكم الذاتي الموسع وترتيب شؤونهم الداخلية وأتمنى تبني نفس النهج على الجانب الإيراني، ووسائل الإعلام التركية مرحبة بما طرحه القائد وحان الوقت لمصالحة فعلية على اعتبار أن تركيا هي الجبهة الأكثر سخونة فيما يتعلق بالملف الكردي، وهذا ممكن والكرد مستعدين لحكم الفيدرالية وبدء عهد جديد يسمح لهم بممارسة حقوقهم خاصة وأن القوميات عموما لا تشكل أي مصدر توتر فروسيا على سبيل المثال تضم 150 قومية تتمتع بحكم ذاتي داخل روسيا دون أي مشاكل وإذا اتخذت حكومة تركيا إجراءات على قدر إعلان القائد أوجلان سيؤدي ذلك إلى السلام وحقن الدماء».  

دعوة للسلام

وقال الدكتور علي ثابت الباحث في شؤون الهوية في تصريح لوكالة فرات للأنباء «ANF»، إنّ «إعلان القائد عبدالله أوجلان يمثل صفحة جديدة في العلاقات الكردية التركية، وهو دعوة لإطلاق الحوار الوطني في تركيا بين مكونات الجمهورية التركية الحديثة، كما تجمل تلك الدعوة السلام للجميع ويبرهن عليها بهذا الاعلان قولا وفعلا، كما أن تسوية الملف الكردي في جنوب شرق تركيا يحتاج إلى خطوات فاعلة من قبل الإدارة التركية تقابل دعوة القائد أوجلان، وعلى الإدارة التركية أن تمهد الأرضية السياسية لاستيعاب الكرد،  وكذلك إطلاق سراح القائد عبدالله أوجلان،  لأنه يمثل نقطة ارتكاز محورية في حل القضية الكردية».

وأضاف الدكتور علي ثابت أنّ «أردوغان يعتمد نهجين في التعامل مع الملفات الداخلية والخارجية، النهج الأول قاعدته المركزية هي التسويف لكسب الوقت وهو نهج استخدمه السلطان العثماني عبدالحميد الثاني، أما النهج الثاني يتضمن إرساء قواعد الأخوة المزعومة لخدعة الثائرين أو المطالبين بالحرية وهو نهج استخدمه مصطفى كمال أتاتورك، ويستخدم أردوغان سياسية التسويف وكذلك يعلن دائما تمسكه بسياسة الأخوة المزعومة،  كل هذا من أجل كسب والوقت والأرض، وأعتقد أن حزب العمال الكردستاني لم يقدم تنازلات ولكن قراره بإعلان وقف إطلاق النار يسهم في إقرار رؤية القائد أوجلان ودعم العملية السياسية السلمية،  فالحزب بإعلانه وقف اطلاق النار يسير في اتجاه إقرار السلام في تركيا،  ولكن لابد أن يقابل هذه  الإجراءات تحركات فعلية من الإدارة التركية ودمج الكرد وتضمين الدستور التركي مواد تحافظ على خصوصيتهم وهويتهم وثقافتهم»، وعن  موقف قوات سوريا الديمقراطية، قال «ثابت»، إن قسد تواجه الطموحات العثمانية الأردوغانية التوسعية في الشرق الأوسط عموما وفى إقليم شمال وشرق سوريا خصوصا، لذا قوات سوريا الديمقراطية تختص بالمشكلة السورية وليس التركية،  وبالتالي تدافع قسد عن الإدارة الذاتية وغير ملتزمة بقرار حزب العمال الكردستاني، إلا إذا أعلنت تركيا وقف إطلاق النار في إقليم شمال وشرق سوريا.