أول دولة في مجموعة الـ 7.. إعادة العلاقات الإيطالية مع النظام السوري
أصبحت إيطاليا أول دولة في مجموعة السبع التي تعيد سفيرها إلى سوريا، وهي خطوة تثير التساؤل حول أسبابه واحتمالات حدوث تطبيع أوروبي مع النظام لمحاولة منع تدفقات اللاجئين إلى القارة.
أصبحت إيطاليا أول دولة في مجموعة السبع التي تعيد سفيرها إلى سوريا، وهي خطوة تثير التساؤل حول أسبابه واحتمالات حدوث تطبيع أوروبي مع النظام لمحاولة منع تدفقات اللاجئين إلى القارة.
أعلنت وزارة الخارجية الإيطالية عن تعيين سفير لها في سوريا، وذلك بعد أن قامت روما بتعليق نشاط بعثتها الدبلوماسية في دمشق عام 2012 احتجاجاً على العنف غير المقبول من الحكومة السورية، لتصبح بذلك أول دولة في مجموعة الدول الصناعية السبع التي تعيد علاقاتها مع النظام.
ولقد قررت روما تعيين المبعوث الخاص حالياً لوزارة الخارجية الإيطالية إلى سوريا ستيفانو رافا جنان سفيراً، وقامت بإرسال خطاب إلى مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد جوزيب بوريل مع عدة دول أخرى محذرين من موجات جديدة من اللاجئين نتيجة خروج السوريين من بلادهم، وزيادة الوضع الإنساني والاقتصادي بالبلاد تدهوراً، مما يطرح أسئلة حول سبب اتخاذ إيطاليا تلك الخطوة وتداعياتها وهل يمكن أن تشكل جسر لتقارب أوروبي مع النظام.
الحد من الهجرة غير الشرعية
كان الشعار الأبرز لحكومة ميلوني منذ أن جاءت على سدة الحكم هو وقف تدفقات اللاجئين غير الشرعيين، وكانت تلك الشعارات السبب الرئيسي في وصول الحكومة إلى سدة السلطة، حيث سجلت في عام 2023 وحده، أكثر من تسعة وثمانين ألف إنزال على شواطئها، وفي الشهر الماضي وفد إلى إيطاليا 5 ألاف لاجئ منهم 13% من السوريين، مما يجعل قضية الهجرة هي الملف الأبرز بين روما ودمشق.
وفي نفس السياق، يقول عمر الحبال، السياسي السوري المقيم في القاهرة في تواصل هاتفي مع وكالة فرات للأنباء (ANF): "إن الحكومة التي قامت بالتطبيع مع نظام الأسد هي الحكومة اليمينية في إيطاليا، والتي رفعت عدة شعارات أبرزها الحد من الهجرة غير الشرعية، مبيناً أن الحكومة الإيطالية استشعرت الحرج عندما وجدت أن هذا السفير سيعتمد أوراقه من بشار الأسد، مما جعلها تخفض تمثيلها إلى ممثل دبلوماسي كي لا يحتاج أن يمثل أمام بشار".
وأضاف، الحبال: "أن الخلاف الرئيسي الذي سيحول بين أي اتفاق دائم هي أزمة اللاجئين، بالإضافة إلى المشكلة الاقتصادية في سوريا، مشيراً إلى أن الأوروبيين اقترحوا تحويل منطقة وسط سوريا وبخاصة منطقة ريف حمص مثل منطقة تلبيسة إلى منطقة آمنة، ولكن بعد عودة 100 عائلة إلى تلك المنطقة ولكن بعد أيام قام النظام باعتقال تلك العائلات.
ويقول عبد الرحمن ربوع، الكاتب والصحفي السوري في تواصل هاتفي مع وكالة فرات للأنباء (ANF)، إنه بعد اثني عشر عاماً من القطيعة والعقوبات؛ قامت إيطاليا بالإضافة إلى عدة دول أخرى في أوروبا منها النمسا وقبرص والتشيك واليونان وكرواتيا وسلوفينيا وسلوفاكيا بالسعي حالياً للعب دور سياسي وأمني أكبر في سوريا عبر تعيين مندوب خاص أو سفير في دمشق لعدة أسباب أهمها مواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية مع ازدياد أعداد المهاجرين السوريين غير الشرعيين عبر تركيا ولبنان وليبيا وتونس إلى إيطاليا.
وأضاف، أن ظاهرة الهجرة غير الشرعية من سوريا والتي أصبحت ورقة في يد الكثير من الدول مثل تركيا للضغط على أوروبا هي المشكلة الأكبر للأوروبيين، مبيناً أنه رغم وجود ست سفارات لدول من الاتحاد الأوروبي حاليا في دمشق، وهي سفارات رومانيا وبلغاريا واليونان وقبرص وجمهورية التشيك والمجر، إلا أنها لا تفي بحاجة دول أوروبية أخرى تريد التعاون مع دمشق للحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر التي يتم تنظيمها وإدارتها من دمشق باتجاه أوروبا، حيث ترفض دمشق التعاون مع إيطاليا بهذا الخصوص إلا من خلال السفارة والسفير.
ويشير الصحفي السوري إلى أن روما ترغب في فتح قنوات تعاون دبلوماسي وقضائي بين إيطاليا وسوريا بقصد تسهيل إعادة المهاجرين السوريين غير الشرعيين إلى دمشق. لأن روما تجد الكثير من الموانع التي تقيد حركتها في هذا المجال ولا تجد مخرجاً من هذه الضائقة القانونية والقضائية إلى بالتعاون مع دمشق.
وأكد "ربوع" في ختام تصريحاته لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن السؤال الذي يطرح نفسه إلى أي مدى ستستجيب دمشق للمطالب الإيطالية وإلى أي مدى تتعاون خصوصاً وأن سوريا ما زالت دولة طاردة للسكان ولا تملك حكومة دمشق أي مقومات أو إمكانات تسمح لها بالإبقاء على المواطنين وتأمين أبسط حقوقهم وحاجاتهم المعيشية والخدمية.
استمرار الوضع الحالي
تتقاطع مصالح الكثير من الدول في بقاء الأزمة السورية عند الواقع الراهن لها مع عدم تحريك جدي لملف الحل السياسي وتغاضي بعض الدول الأوروبية مثل إيطاليا عن ملف حقوق الإنسان بالتطبيع مع حكومة دمشق رغم الانتهاكات المستمرة في سوريا، حيث سجل المرصد السوري لحقوق الإنسان في العام الجاري فقط استشهاد 1034 مدنياً في مختلف مناطق سوريا، وشمل هذا الرقم 117 سيدة و163 طفلاً وطفلة، تتصدرهم أعداد المتوفين تحت التعذيب في السجون وحالات الإعدام الميداني، وشهدت مناطق درع الفرات الخاضعة للاحتلال التركي 40 قتيل في شهر واحد غير 5 قتلى جراء الانفلات الأمني.
وفي هذا السياق، يقول عمر الحبال، إن الخطوة الإيطالية هي خطوة مرفوضة، مشيراً إلى أن أوروبا والكثير من الدول الغربية تريد بقاء الوضع كما هو عليه حالياً وإطالة أمد النظام مع بقاء نفوذ القوى المهيمنة على سوريا مثل تركيا في الشمال والهيمنة الروسية والإيرانية في مناطق النظام، والدليل أن تلك الخطوات تأتي في ظل حراك ثوري مستمر من الشعب السوري سواء في إدلب ضد إرهاب الجولاني المحمي من الاحتلال التركي والحراك في السويداء الذي دخل فيما يقارب العام من احتجاجات واعتصامات مستمرة.
خطوات سابقة
لا تعد الخطوة الإيطالية هي الأولى في سباق التطبيع مع حكومة دمشق حيث سبقتها إعادة علاقات مع العديد من العواصم العربية مثل القاهرة وأبو ظبي والرياض، و6 دول أوروبية أخرى أعضاء في الاتحاد الأوروبي لم تقابل باعتراض سواء من الاتحاد أو من المجتمع الدولي رغم مخالفتها للقرارات الأممية مثل قرار مجلس الأمن رقم 2254 الذي طالب بالوصول إلى تسوية سياسية في سوريا.
ويشير السياسي السوري، أن تلك الخطوة جاءت بعد قيام جامعة الدول العربية بإعادة العلاقات مع حكومة دمشق وإعادة مقعد سوريا في الجامعة العربية له، والطلب التركي لتطبيع العلاقات مع حكومة دمشق وهي دولة في الناتو، مما يجعل أي دولة أخرى تتخذ من خطوة الجامعة كذريعة لإعادة العلاقات مع دمشق.