تركيا تطل برأسها.. من المستفيد من محاولات تهريب الدواعش؟

أكثر من تقرير دولي على مدار الفترة الماضية يحذر من خطورة إحياء نشاط تنظيم داعش الإرهابي مرة أخرى، خاصة مع ضربات تركيا على شمالي العراق وسوريا، فضلاً عن صراع القوى في الشرق الأوسط.

وقد كانت الأيام الماضية شاهدة على هروب 5 من عناصر تنظيم داعش من أحد مراكز الاحتجاز في مدينة الرقة في إقليم شمال وشرق سوريا التي تقع في منطقة بها العديد من الدواعش المحتجزين، في الوقت الذي يعمل النظام التركي فيه على تنفيذ ضربات متواصلة من شأنها تقويض حالة الاستتباب الأمني التي نجحت بها قوات سوريا الديمقراطية بما قدمت من تضحيات.

وتشير تقارير عديدة إلى أن هناك ما يقرب من 30 ألف مقاتل من داعش على الأقل يتوزعون بمرافق الاحتجاز في جميع أنحاء العراق وسوريا، بالإضافة إلى ذلك فإنه يتم احتجاز أكثر من 65 ألف امرأة وطفل مرتبطين بالتنظيم في معسكرات منفصلة في كلا البلدين، وبالتالي تبقى مسألة تهريب هؤلاء هدفاً استراتيجياً بالنسبة لـ "داعش" وكذلك لبعض الأطراف المستفيدة منه لا سيما تركيا.

علاقة تخادم

"هي علاقة تخادم بين تركيا وداعش"، بتلك العبارة علق طارق حمو الباحث السياسي بالمركز الكردي للدراسات، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، على العلاقة بين هذا التنظيم الإرهابي والنظام التركي قائلاً إن من يتابع الأحداث في سوريا منذ 2011 وبعد تطور الاحتجاجات لعمل عسكري مسلح سيلاحظ أن تركيا استفادت بشكل كبير من المجموعات الجهادية المسلحة، مشيراً إلى أن ذلك كان في البداية من خلال أحرار الشام وجبهة النصرة ثم تنظيم داعش الإرهابي.

ولفت إلى أننا نتذكر عندما ظهر داعش وهجم على تلعفر والموصل ومن ثم على قضاء شنكال كان هناك تصريحاً للرئيس التركي أردوغان بأن هؤلاء هم السنة الغاضبون، وقد سمحت داعش للموظفين الأتراك في القنصلية التركية بالموصل بالمغادرة دون أن يمسهم أي ضرر، موضحاً أن أنقرة استفادت منه بهجماته على الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا وكذلك كوباني في 2014، معتبراً أن النظام التركي كان يظن أن داعش الأداة المناسبة لتمكينه من القضاء على مناطق الإدارة الذاتية.


وأضاف حمو أن النظام التركي رأى في الإدارة الذاتية خطراً أكثر عليه من خلافة داعش المزعومة، منوهاً إلى أنه بعد أن احتل داعش الباب وجرابلس ومنبج وغيرها ثم تأسيس قوات سوريا الديمقراطية والقضاء على التنظيم إلا أن أنقرة تدخلت بشكل مباشر واحتلت هذه المناطق عبر عدة عمليات عسكرية، وبالتالي تركيا ترى داعش هو الأداة المهم للقضاء على تجربة الإدارة الذاتية.

وتحدث كذلك عن التمويل الذي أتى من تركيا إلى داعش وتغاضي المخابرات التركية عن وصول عناصر التنظيم وغيرها من الجماعات الإرهابية من الأراضي التركية إلى الأراضي السورية، مشيراً إلى أن معظم قادة داعش قتلوا في المناطق التي تحتلها تركيا في شمال وشرق سوريا، كما تم تدوير وتأهيل كثير من قادة التنظيم ليعملوا بما يعرف بالجيش الوطني السوري العميل لتركيا.

صراع الشرق الأوسط

أحد أوجه الخطر التي حذرت منها عدة تقارير هي أن حالة الصراع المتصاعدة في الشرق الأوسط لا سيما مع العدوان الإسرائيلي على غزة الممتد منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي ينذر بإفساح المجال أمام نشاط أوسع للتنظيمات الإرهابية التي تجد دائماً بيئة خصبة لها في أجواء كالحالية، لاسيما أن هناك بعض القوى الدولية قد توظف تلك المجموعات لخدمة مصالح خاصة.


يقول هاني الجمل مدير وحدة العلاقات الدولية بمركز العرب للأبحاث والدراسات، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن الشرق الأوسط منطقة مخاض كبيرة بسبب تداخل القوى الكبرى والنزاعات المتبادلة لإحداث تغيير ديمغرافي، فضلاً عن التواجد الأمريكي المساند لإسرائيل والتواجد الروسي والتواجد الصيني الذي يتسع نفوذه في الشرق الأوسط وصولاً إلى أفريقيا جنوب الصحراء.

ويؤكد الجمل أن الجماعات الإرهابية والراديكالية تجد لها مساحة في مثل هذه الأجواء لأن من شأنها إحداث تغير جيوسياسي في المنطقة، مشيراً إلى أنه هنا تجد الدول الكبرى ضالتها في مثل هذه التنظيمات التي تلعب دور الوكيل مدللاً على ذلك بما يجري في عدة مناطق مثل الساحل والصحراء في أفريقيا أو سوريا، وبالنسبة للأخيرة فتدخلات تركيا واضحة.

ويرى الخبير السياسي المصري أن وجود داعش وغيره من التنظيمات مرهون بمصالح بعض الدول الغربية والقوى الإقليمية التي تريد الاستفادة منها في معركة التمدد وبسط النفوذ كالتحركات التركية في ليبيا والساحل والصحراء والتواجد في الصومال للسيطرة على من يصفون أنفسهم بـ"المجاهدين" في هذه المناطق الجغرافية الجديدة للنفوذ التركي.