قصف مجدل شمس والضاحية الجنوبية لبيروت..هل يغير من قواعد الاشتباك بين حزب الله وإسرائيل

شهدت الاشتباكات بين حزب الله وإسرائيل تطورات متسارعة بعد سقوط صاروخ على قرية مجدل شمس أودى بحياة 12 طفلاً، ردت عليه إسرائيل بقصف الضاحية الجنوبية لبيروت واغتيال قيادي بارز في حزب الله.

أعلن بيان للجيش الإسرائيلي استهداف قيادي حزب الله بالضاحية الجنوبية في بيروت، متهماً إياه بأنه المسؤول عن هجوم مجدل شمس الذي سبق القصف بعدة أيام وخلف 12 قتيلا من أطفال القرية الدرزية بالجولان السوري المحتل أثناء مباراة كرة القدم بالملعب البلدي، وهو الهجوم الذي نفى حزب الله صلته به، فيما يرى مراقبون أنه نتج عن صاروخ اعتراضي من القبة الحديدية.

وتعتبر قرية مجدل شمس من القرى البارزة في الجولان السوري المحتل وهي ذات أغلبية درزية، وتظاهر أهالي القرية ضد زيارة كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير المالية المتطرف بتسلئيل سيموتريتش وطردتهم من داخل البلدة.

ويعد القصف الإسرائيلي للضاحية الجنوبية هو ثاني اغتيال لمسؤول كبير تنفذه إسرائيل في الضاحية، حيث كان الاستهداف الأول لنائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري، بينما كان الهدف هذه المرة القيادي في حزب الله فؤاد شكر رئيس غرفة عمليات حزب الله، وهو مطلوب لدى كل من إسرائيل التي اتهمته بأنه يشرف على مشروع الصواريخ الدقيقة لحزب الله.

ولم تكن تل أبيب الجهة الوحيدة التي تطارد «شكر»، لأنه مطلوبا لدى الولايات المتحدة بسبب حادث تفجير ثكنات مشاة البحرية الأميريكية في بيروت عام 1983، الذي أودى بحياة 241 فرداً من الجيش الأميريكي، وصنفته عام 2019 على أنه "إرهابي عالمي".

لا يتوفر وصف.

يقول العميد الركن الطيار أندره بومعشر الطيار المتقاعد بالجيش اللبناني في تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء((ANF، إن المعارك بين حزب الله والجيش الإسرائيلي بدأت منذ يوم 8 أكتوبر\تشرين الأول ومستمرة سواء بالقصف أو الهجمات المتبادلة، ومتوقع أن تتطور في أي لحظة، ولكن يردد الطرفين عدم رغبتهما الذهاب إلى الحرب الشاملة.

وأضاف أن القصف الذي زعمت إسرائيل تورط حزب الله فيه بقرية مجدل شمس في الجولان السوري المحتل لم تقدم أي دليل عملي على أن حزب الله هو من قام بالهجوم، مبيناً أن هناك أدلة تنفي الرواية الإسرائيلية التي تدعي تورط حزب الله في قصف القرية عبر صاروخ فلق1 أنطلق من مزارع شبعا، منها: مدى الصاروخ الذي لا يتعدى مداه 10كم، والقرية التي تم قصفها أبعد بكثير من تلك المسافة.

ويكمل العسكري اللبناني السابق: الأدلة التي تنفي قيام حزب الله بالهجوم، منها: آثار الانفجار والحفرة التي خلفها لا يتناسب مع قدراته التدميرية لأنه يحمل 53 كجم من الحشوة المتفجرة، ولذلك فإن قدراته التدميرية كبيرة، وأن إسرائيل لم تقدم أي شظايا أو بقايا للصاروخ الذي أصاب البلدة، ما يجعل التفسير الإسرائيلي غير مقبولاً عسكرياً، مطالباً بلجنة تحقيق محايدة لتكشف مصدر الصاروخ ومن أين أطلق.

وعدّد «بو معشر» السيناريوهات التي تسببت في إطلاق الصاروخ، منها: إطلاق الصاروخ عن طريق الخطأ تجاه القرية من منظومة القبة الحديدة، والسيناريو الثاني: الصاروخ متعمد إطلاقه على القرية لمحاولة زرع بذور الفتنة في القرية وتأليب الشعب العربي في الجولان ضد حزب الله ومحيطه العربي، خاصة أن القرية لها مواقف مشرفة ضد الاحتلال وكانت رأسا حربة في المظاهرات المناهضة للقوانين التي يفرضها على الجولان السوري، ورفضت استقبال الجرحى من داعش والمتشددين الذين تم نقلهم بمعرفة إسرائيل للعلاج بها أثناء الثورة السورية.

وحول القصف الأخير في الضاحية الجنوبية، يقول الطيار المتقاعد بالجيش اللبناني إن العملية تعتبر تحول نوعي في طبيعة الأهداف فقط، لأنه سبق واستهدفت القيادي في حماس صالح العاروري وبنفس نوع السلاح، مشيراً إلى أن الاستهداف في هذه المرة لقيادي حزب الذي تم بالضاحية الجنوبية، ولكن يحاول الطرفين ضبط إيقاع الحرب حتى لا تصل إلى حرب شاملة، لأن إسرائيل أعلنت أن ردها انتهى بينما يرى حزب الله أن العملية عدوانا وسيكون هناك ردا.

وأردف «بو معشر»، أن الطرفين جاهزان للحرب الشاملة ولديهما الخطط المناسبة لها ولكنهما ارتضيا دعم نشوبها، وهناك جهد دولي يبذل لعدم نشوب حرب إقليمية بين إيران وجبهة المقاومة وصولاً إلى تدخل روسيا لتوريط الولايات المتحدة في حرب بالشرق الأوسط، ولذلك إدارة الرئيس بايدن تحاول خفض التصعيد بين الجانبين لعلمها بالآثار المدمرة لهذه الحرب.

ويشير في ختام تصريحاته لوكالة فرات للأنباء، إلى أن الوضع في غزة يذهب إلى خواتيمه ولا بد من الذهاب لتسوية الأمور، وذلك على العكس من الوضع في جنوب لبنان الذي تعتبره إسرائيل هدفا دائما، وأعلنت أنها تريد إبعاد حزب الله 10كم عن الشريط الحدودي لحماية المستوطنات، وهي تحاول عبر الجهود الدبلوماسية أن تصل إلى هذا الحل، وفي حال فشلت تدخل إلى الحل العسكري الذي قد يكون أحد أدواته هو عملية برية ستكون نتائجها كارثية على غرار ما حدث في عام 2006 بين الطرفين.

لا يتوفر وصف.

وفي نفس السياق يقول إسماعيل صخر، القيادي في تيار المستقبل اللبناني في تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إنه من خلال الأحداث التي تشهدها المنطقة تتبين أن تجنب لبنان الحرب لم يعد مطروحا والتفاهم بين الأطراف المعنية في هذا الشأن بات مستبعداً، مشيراً إلى أن قصف مجدل شمس لم يكن مقصوداً إنما كان نتيجة رد نظام القبة الحديدية التي لا يهمها أمر خارج حدود المستوطنات.

وأضاف، أنه لا مصلحة في أي طرف قصف مناطق خارج الأهداف الإسرائيلية إلا الاحتلال نفسه، مبيناً أن قصف الضاحية هو رداً قاسياً لأنه الحصن المنيع للحزب والذي من خلاله يرد العدو الصهيوني اعتباره ليوحي بذلك على أنه مازال يتمتع بقوته ومدى استطاعته بالوصول إلى أهدافه بدقة.

في ختام تصريحاته لوكالة فرات للأنباء، يؤكد السياسي اللبناني، أن الطرفين لا يرغبان بالتصعيد وخصوصاً بأن إسرائيل غارقة في خسائر غزة وغير قادر على تخطيها.

لا يتوفر وصف.

بينما تقول أورنيلا سكر الباحثة والصحفية المتخصصة في العلاقات الدولية والدراسات الاستشراقية، في تصريح لوكالة فرات للأنباء( (ANF، إن إسرائيل تستثمر الهجوم على مجدل شمس من حيث الضغط على المنظمات الأممية بأنها تتعرض لهجمات صاروخية واسعة النطاق من قبل ميليشيا حزب الله اللبناني وهي مضطرة للرد المباشر ولذلك هذه الصورة التي وصلت من مجدل شمس ربما قد تتكرر في لبنان فيما لو نشبت الحرب، لذلك هي تسحب الذرائع من يد حزب الله تدريجياً من خلال تلك المجازر التي نفذت ومن ثم تبدأ بالانقضاض المباشر على الجنوب اللبناني وربما قد تشمل تلك الحرب الوصول إلى بيروت.

وأضافت أن صناع القرار في تل أبيب يريدون إظهار للمنظوم الدولية أنهم مجبرين للدفاع عن أمنهم القومي، ولذلك يقومون بإجراء الحرب، وأنهم لا يرغبون بالحرب إطلاقا لكن استدامة التهديدات والمخاطر التي تنطلق من حزب الله يتطلب اتخاذ هذا الإجراء الحاسم.

ترى الصحفية اللبنانية أن الضربات لم تقتصر على جنوب الليطاني وإنما توجه إسرائيل ضرباتها لأحد قيادات حزب الله في الضاحية الجنوبية من بيروت والسبب الرئيسي في ذلك أن لدى إسرائيل تصور بأن القضاء على حزب الله يتطلب التخلص من قياداته بشكل عام لا سيما قيادات الصف الأول وأن التكتيك المستخدم في اغتيالات قادته لن ينتهي سواء حصلت حرب أو لم تحصل لكن في حال حصول الحرب فإن المسار ربما قد يتجه صوب التصعيد الأكبر.

وتشير أورنيلا سكر، إلى أن السيناريو الإسرائيلي هو التصعيد المتدرج على الجبهات وتقدير الموقف ميدانياً من قبل صانع القرار العسكري الميداني وستكون عمليات عبر مراحل والتي بدأت بعمليات جراحية نوعية لأهداف متعددة عبر تنفيذها من خلال أسراب الطائرات المسيرة وصولا إلى المقاتلات من الجيل الخامس إف 35 لاستهداف البنية التحتية للمشروع العسكري لحزب الله، والمرحلة الثانية ستشمل توجيه رسائل مباشرة إلى الحاضنة الاجتماعية لحزب الله من بينها: نحن لا نريد الاشتباك معكم ولكن عليكم أن تكفوا عن الحزب وألا تعرض لبنان للخطر.

وحول رد حزب الله، تقول الصحفية اللبنانية المتخصصة،  إن الحزب يتعامل مع المسألة بتكتيك امتصاص الغضب الإسرائيلي لما بعد سقوط الصاروخ في مجدل شمس، وليس لدى حزب الله الجرأة الكافية لتجاوز الخطوط الحمراء الإيرانية في التعامل مع الجانب الإسرائيلي، وسيبقى الحزب يلجأ إلى التهدئة خشية توسيع النطاق في الحرب القادمة ويحاول سحب الذرائع من قبل إسرائيل لمنع الاجتياح الشامل وفق التهديدات الإسرائيلية، والأيام القليلة القادمة تفصح لنا عن الكثير من التكتيكات التي سيستخدمها الحزب خفضا للتصعيد ورفعه وفق المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية.

وبسؤالها عن مدى ارتباط التطورات على الساحة اللبنانية بما يحدث في غزة، تقول الصحفية أورنيلا سكر، إنه لا يوجد  ارتباط ما بين الساحات الشمالية والجنوبية في فلسطين المحتلة وأن مشروع وحدة الساحات قد تم تأكيد فشله من خلال التصريحات الرسمية التي كان يبديها زعيم حزب الله والذي قال منذ اللحظات الأولى لما قبل الاجتياح البري في غزة بأنه لو أقدمت إسرائيل على اجتياح غزة فإنه مضطرا لإمطار تل أبيب بالصواريخ لكن ما حصل هو اشتباك مع العمود لا أكثر، ولم تأتي التعليمات من طهران بتوسيع نطاق الاشتباك على الحدود، لذلك هو ملتزم باتفاقياته المبرمة ما بين طهران والمنظومة الدولية لما يخص موضوع التصعيد من عدمه في المنطقة العربية.