لم تتوقف الحرب في حرق الأخضر واليابس في السودان، والتي بدأت من العاصمة الخرطوم حتى تمددت إلى الجنينة غربا وصولا إلى سنار والجزيرة، مما أدى إلى موجات نزوح وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ولذلك حاورت وكالة فرات محمد صالح يس وكيل أول وزارة الحكم الاتحادي في السودان سابقا والقيادي في تنسيقية تقدم ومسؤول العلاقات الخارجية في الحركة الشعبية الثورية "جناح ياسر عرمان", حول الوضع في السودان ودور القوى المدنية ومآلات الحرب الحالية والانتهاكات التي تحدث بها وصولاً إلى المفاوضات الأخيرة في جينيف، وإلى نص الحوار:
كيف ترى الحرب في السودان حالياً؟ واتهامهم كقوى مدنية انكم من ساعدتم على اشعالها؟
شماعة الناس تعلق عليها أسباب الفشل، أطماع الإسلاميين هي ما أدت إلى الحرب الحالية، وهو ما ظهر بعد انقلاب ٢٥ ابريل\نيسان عندما عاد أكثر من ٨٠٠ شخص إلى مناصبهم، كما استخدم هذا النظام الدعم السريع في عمليات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ولكن قوات الدعم السريع في النهاية انحازت للثورة واعتذرت عن الانقلاب وهو صراع على السلطة من أجل الثروة وكانت الفترة الانتقالية تسير الى تحول مدني وقمنا بعمل اتفاق إطاري وافق عليه الطرفان ومطالبنا بقيام جيش مهني واحد ولا يوجد تعدد جيوش في السودان وأن تنتقل السلطة من العسكرية إلى مدينة كاملة ولكن الحركة الإسلامية خلقت جيش موازي ومنظومة أمنية موازية كانت السبب الرئيسي من قيام الحرب الحالية وهي قد اتخذت من القوى المدنية شماعة.
كيف ترى الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي حدثت في الحرب الاخيرة؟
الجرائم ضد الإنسانية لم تكن جديدة على هذا النظام حيث ظهرت في حرب جنوب السودان وجبال النوبة والنيل الأزرق ثم ظهرت في حرب دارفور والآن تستمر في الحرب الحالية، وقامت حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بتشكيل لجنة تخصص حقائق والتي ذهبت بالفعل إلى مخيمات اللاجئين في تشاد تستمع منهم ما يهتم وما حدث في الجنينة، والحكومة تمنع بعثة تقصي الحقائق من الوصول الى السودان، ويجب خضوع كل المسؤولين في ولاية غرب دارفور الى المسائلة لأنه منذ مقتل الرفيق خميس أبكر هناك تامر على قبيلة المساليت ومن كانوا معهم في منطقة الجنينة وارمتا.
هل الدعم السريع صنيعة الجيش والحركة الإسلامية؟
يجب ألا ننسى أن الجيش السوداني ومن مارس الإبادة الجماعية في دارفور وهو من أسس مليشيات الدعم السريع وقام بتأطيرها بقانون تم إقراره من قبل البرلمان السوداني بل وقام بتفويجها للقيام بالحرب في اليمن وإضعاف الجيش السوداني منذ عام 2013 لصالح تقوية قوات الدعم السريع.
كيف ترى تدخل القوى الخارجية في السودان؟
الجيش السوداني يجد معاونة من الصين وروسيا وإيران وهذا يتضح جلياً لوجود أطماع عسكرية من روسيا لإقامة موانئ على البحر الأحمر وإعادة العلاقات مع إيران ووجد خلال الحرب مسيرات ايرانية، وكذلك مع قوات الدعم السريع نجد الصليح إما من الإمارات أو وارد عن طريق الإمارات خاصة وأن السودان رابط بين إفريقيا الشمالية والجنوبية وبين الساحل الشرقي ودول الساحل الإفريقي و مرتبط أيضاً بالأمن المائي المصري ولكن يبقى العامل الخارجي عامل ثانوي ولكن الجذور الأصلية للصراع هي جذور محلية نتجت عن غياب مواطنة متساوية ومشروع حضاري.
هل ترى أن حكم المركز في السودان ذهب بلا رجعة؟
هناك أحداث ضخمة مرت بالسودان لأن السودان كان مقسم لمناطق مغلقة مثل جنوب السودان والنيل الأزرق وجبال النوبة، والسودان مر فترتين وهي فترة الحكم التركي المصري وفترة الحكم الانجليزي التركي المصري، وبعد الاستقلال لم تقوم دولة بموازين عادلة ولكن كانت هناك نخب حاكمة في المركز ولذلك ظهر في جنوب السودان حركة الأنانيا ١؛ الأنانيا ٢؛ الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة الدكتور جون قرنق، وعندما تمكن الإسلاميين وقاموا بإعلان الجهاد حتى انفصل جنوب السودان، وظل الأمر هكذا حتى ثورة ديسمبر\كانون الثاني، ولكن الحرب الحالية.
تم تدمير المركز وتحول من المركز القابض والسلطة تصرفت تسربت ونزحت إلى الأطراف والحكومة نزحت داخلياً من الخرطوم إلى البور السودان لأنها لم تستطيع أن تضبط في الخرطوم كما أن الأقاليم الموجودة تحت سيطرة الدعم السريع بها نوع من السيولة وغير معروف من يقوم بالحكومة وتقديم الخدمات الأساسية في تلك الأقاليم كما أن السودان.
هل يمكن القول أن حركات الكفاح المسلح في السودان أصبح لها الكلمة العليا في الدولة خاصة بعد وجود أكثر من قيادي في مناصب عليا في الدولة والنضال الذي قامت به الحركات في كلا من الفاشر والدلنج؟
الحرب لازالت مستمرة والفاشر لا زالت محاصرة ويوجد هدنة لمدة ثلاثة أيام من قبل الدعم السريع لفك الحصار عن الفاشر، بينما في مدينة الدلنج الأطفال يصطفون من الصباح للحصول على البليلة والحركة الشعبية جناح عبد العزيز الحلو أغلقت الطرق المؤدية للإغاثة، كما أن الهدف الرئيسي من الحرب هو تثبيت أقدام الحركة الإسلامية ومشروع جماعة الإخوان المسلمين في السودان ولا أظن أن عبد العزيز الحلو أو عبد الواحد هذا مشروعهم لأنهم ضد المشروع الإسلامي في السودان، كما أن السودان يعد دولة منقوص في السيادة حيث يوجد في منطقة جبال النوبة والنيل الازرق إدارة مدنية تتبع للحركة الشعبية جناح عبد العزيز الحلو ويوجد في جبال مرة إدارة اخرى تتبع لحركة عبد الواحد محمد النور وفي أبيي توجد قوات دولية.
كما أن حركات الكفاح المسلح تتعامل وفق استراتيجيات التأقلم مع الواقع، حيث أن هناك حركات مسلحة تقاتل ضد الجيش والجزء التزم الحياد ويقوم بحماية المدنيين، لأن تلك الحركات جاءت في فترة من الفترات التاريخية الصعبة وشاركت في السلطة في الخرطوم وفق اتفاق جوبا وتم الانقلاب عليها وهي تحافظ على المكاسب التاريخية التي حصلت عليها بموجب اتفاق جوبا
كيف يرى العالم الحرب الحالية في السودان وطرفي الحرب؟
تعتبر الشرعية منقوصة في السودان لأن العالم يعتبر أن الحكومة الحالية فقدت الشرعية في انقلاب 25 أكتوبر\ تشرين الأول ويتم التعامل مع السلطة الحالية باعتبارها سلطة أمر واقع بسبب الانقلاب وهي نفس المعاملة التي يتم التعامل بها مع قوات الدعم السريع كسلطة أمر واقع، بل تطالب قوات الدعم السريع بتعليق شرعية حكومة بورتسودان في الأمم المتحدة، ومما ساعد على هذا الوضع أن الحكومة لا توجد في القصر الجمهوري أو توجد في القيادة العامة.
كيف ترى المفاوضات الأخيرة الغير مباشرة بين الدعم السريع والجيش السوداني في جنيف؟
الحكومة السودانية لا تعترف بأن هناك مفاوضات، بل لا يعترفون بأن الدعم السريع يمكن أن يدخل مباني الأمم المتحدة ليفاوض، ولذلك أرسلت وفد فني للشؤون الإنسانية بشكل بحت، لكن وفد الدعم السريع ناقش مع الأمم المتحدة الكثير من القضايا الشائكة وقدم تسهيلات لدخول الإغاثة عبر طرق عابرة للدول.
وبعد تنبيهات منظمات المجتمع المدني في السودان بعدم وصول الإغاثة لمستحقيها ولذلك أصرت الأمم المتحدة أن تحضر الطرفين للمداولات ليسمحوا لمرور الإغاثة الإنسانية في داخل السودان، ومعسكرات اللاجئين، وكان على رأس وفد الحكومة السودانية سلوى بنية مفوض عام الشؤون الإنسانية وهي مسؤوليتها إدخال المساعدات، وحماية موظفي الأمم المتحدة، وضم وفدها ضابط كبير في البحرية. وضابط آخر في الأمن والمخابرات، بينما وفد الدعم السريع كان يرأسه ضابط كبير وعضوية قانوني وشئون إنسانية وعضو إعلامي.
هل يمكن أن تفرض وصاية دولية على السودان؟
هذا أمر وارد، وهو قبول طرفي الحرب بتدخل طرف ثالث، ويمكن أن يخضع السودان لوصاية دولية، لأنه إذا وصلت الحرب عند حد معين من نشر الفوضى في المنطقة وتهديد استقرارها سيتحرك العالم، وحتى المفاوضات الحالية في جنيف جاءت بطلب من مجلس الأمن.