خطوة للأمام وعشر للخلف.. ما فرص وقف إطلاق النار في أوكرانيا؟

يثار من وقت لآخر الحديث عن إمكانية وقف إطلاق النار في أوكرانيا، لا سيما وأننا نقترب من إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية، لكن التحديات يبدو كبيرة.

وعلى مدار الأيام الماضية، تحدث عدد من وسائل الإعلام الغربية عن تحركات من بعض الدول الأوروبية لإقناع طرفي الحرب (روسيا وأوكرانيا) بوقف إطلاق النار حتى لوكان مؤقتاً، بهدف إعطاء دفعة لإطلاق مفاوضات تنهي هذا الصدام المسلح المستمر منذ فجر 24 فبراير/شباط من عام 2022، عندما شنت روسيا ما وصفته بـ "عملية عسكرية" خلال هجومها على الأراضي الأوكرانية، وما اعتبرته الدول الغربية في المقابل غزواً.

وتؤكد تلك التقارير أن المسافات بين الطرفين لا تزال متباعدة، إذ أن أوكرانيا ترفض القبول بطلبات وقف إطلاق النار وتتمسك بأن يكون ذلك في إطار انعقاد مؤتمر دولي للسلام يضع حلولاً دائمة، في المقابل فإن موسكو هي الأخرى ترفض وقف إطلاق النار ولا تبد ثقة تجاه أي من تلك المبادرات إذ ترى أن الطرف الآخر لا يلتزم بما يعد به.

فرص وقف إطلاق النار

لا يتوفر وصف.

تعقيباً على تلك التقارير، أعرب الدكتور عماد أبو الرب رئيس المركز الأوكراني للتواصل والحوار، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، عن اعتقاده بأن المرحلة الحالية من الحرب في أوكرانيا لا تشير إلى أن هناك أية نوايا لدى طرفي الأزمة في وقف الحرب، بل على العكس نحن أمام أصوات متشددة تؤكد عدم وقفها.

وأضاف أبو الرب أن كل طرف من طرفي الأزمة يرى أن وقف الحرب يعني إعطاء الفرصة للطرف الثاني ليعيد تنظيم صفوفه ويسلح نفسه جيداً والبحث عن أسلحة جديدة، ومن ثم إمكانية التوصل إلى تسوية لا تتناسب مع أهواء كل طرف، ولهذا لا يوجد على أرض الواقع ما يشير إلى إمكانية التوقف على الأقل في هذه المرحلة.

وأعرب السياسي الأوكراني عن أمله في أن يتم تقليل الفجوة بين موسكو وكييف عبر جهود الوسطاء والدول ذات الموقف الحيادي الإيجابي في هذا الشأن، معتبراً أن المشهد أصبح معقداً للغاية وتحول إلى ما يشبه الحرب المفتوحة في ظل إعلان الدولتين عن التعبئة المستمرة.

وفي ختام تصريحاته لوكالة فرات، أكد أبو الرب أن الحرب في أوكرانيا لم تعد مجرد عملية عسكرية كما كانت تطلق عليها روسيا في السابق، بل جعلاها الطرفان حرباً واسعة ومفتوحة، بدليل التوسع في التسليح وتصنيع الأسلحة وشراء الذخائر، وبالتالي لا يتصور أن يكون هناك وقف هناك لإطلاق النار ولو مؤقتاً في ظل هذه الحرب المستعرة والمستمرة.

ماذا عن موقف الإدارة الأمريكية؟

أغلب وجهات النظر ترى أن القرار بشأن وقف إطلاق النار في أوكرانيا ليس في كييف وإنما في الولايات المتحدة الأمريكية، لا سيما وأن الأراضي الأوكرانية تحولت إلى ساحة مواجهة بين موسكو وواشنطن بذكريات الحرب الباردة، ما يطرح تساؤلات حول إمكانية حدوث تحولات في موقف إدارة جو بايدن لا سيما ونحن في عام الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

لا يتوفر وصف.

يقول محمد العالم الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن الأمريكي بواشنطن، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن موقف إدارة بايدن واضح في أكثر من كلمة وتصريح بما في ذلك اجتماعات حلف شمال الأطلسي "الناتو" الأخيرة، موضحاً أنه مُصر على المضي قدماً في نفس الاتجاه الضاغط لدعم أوكرانيا بأسلحة مختلفة وأنظمة دفاع جوي مختلفة لمنع القوات الروسية من التقدم.

وأشار العالم إلى أنه في بعض الأحيان يكون هناك دعم لفكرة الهجوم المضاد الذي فشل من قبل، لكن لا تزال فكرته قائمة باعتباره أمراً في صالح الولايات المتحدة الأمريكية وخططها المستقبلية فيما يتعلق بفكرة إنهاك الجيش الروسي في حرب استنزاف طويلة، وبالتالي تحييد موسكو نوعاً ما عن فرص الدعم الكامل للصين في مواجهة واشنطن في ظل توجهات الأخيرة نحو بحر الصين الجنوبي لتقويض انتشار نفوذ باكين نوعاً ما.

واستبعد الكاتب الصحفي بدوره كذلك فكرة التوصل إلى وقف لإطلاق النار في الوقت الحالي، إذ قال إن بايدن مصمم على نفس التوجهات، وبالتالي حلف الناتو خلف الإدارة الأمريكية في ظل حالة انسجام كاملة بينهما، وهو انسجام يعود إلى مخاوف الحلف من عودة دونالد ترامب عبر انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني والذي يملك توجهات مناهضة للناتو، عكس بايدن الذي يرى أن دول حلف شمال الأطلسي تمثل العمق الاستراتيجي لبلاده.

واعتبر العالم، في ختام تصريحاته لوكالة فرات للأنباء، أن كل المؤشرات في الوقت الحالي داخل الإدارة الأمريكية تقول إنه لا أمل في التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا، معرباً عن اعتقاده بأن الأمل الوحيد يمكن أن يتمثل في قدوم شخص مثل ترامب، لكن حتى هذا الأمل يتوقف على فكرة عدم سماح روسيا بالتنازل عن أي أرض ضمتها خلال فترة الحرب.