كشفت قوات سوريا الديمقراطية عن انتهاء العمليات العسكرية في منطقة دير الزور بعد اشتباكات عنيفة مع قوات حكومة دمشق وميليشيات الدفاع الوطني، أسفرت عن مقتل 25 من عناصرها و29 مسلحاً و13 مدنياً وإصابة 5 آخرين، بينهم 6 أطفال ونساء على وقع اشتباكات متواصلة منذ عدة أيام بين الطرفين.
و تدخلت الوساطة الروسية لوقف إطلاق النار بين الجانبين، بعد أن اتجهت قوات سوري الديمقراطية في مرحلة لاحقة إلى قطع الطرقات الواصلة إلى "المربع الأمني" التابع للنظام السوري في محافظة الحسكة، مما يثير التساؤلات حول تلك المعارك وتدخل حكومة دمشق بها وأسباب شنها وهل ترتبط بأجندة خفية بين دمشق وأنقرة.
جيش العشائر أم قوات حكومة دمشق
أكدت قوات سوريا الديمقراطية من خلال بيانٍ لها أن الأجهزة الأمنية التابعة للجيش السوري وعلى رأسهم رئيس "جهاز المخابرات العامة"، حسام لوقا وميليشيات الدفاع الوطني شنوا هجمات على مقاتليهم في منطقة دير الزور.
كما أكدت تقارير أمريكية أيضاً هذا البيان، متحدثة عن تورط قوات من الجيش السوري في العمليات الأخيرة، وان القصف نفذته قوات النظام السوري بالمدفعية والصواريخ، انطلاقا من قواعدها في قرية البوليل في الجهة الغربية من نهر الفرات.
وتبنى الهجمات ما يسمى بـ "جيش العشائر" الذي يقوده إبراهيم الهفل، أحد شيوخ قبيلة "العكيدات" مما يكشف حقيقة ارتباط تلك القوة بحكومة دمشق والميليشيات المنضوية تحت لوائها، خاصة بعد لجوء "الهفل" نفسه إلى العاصمة السورية وظهوره داخلها.
كما هاجمت خارجية حكومة دمشق قوات سوريا الديمقراطية، في عقب هجوم الميليشيات التابعة لها، ورداً على ذلك، قالت "الإدارة الذاتية": إن عقلية تزييف الحقائق التي يتبعها النظام هي ما أوصل البلاد إلى ما هي عليها الآن، وتلك العقلية ارتكبت مجازر بحق الشعب السوري، ولا يزال على ذات المنهج.
"لا يوجد جيش عشائر" بتلك الكلمات استهل محمود حبيب الناطق الرسمي باسم لواء الشمال الديمقراطي في تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء (ANF)، حول أزمة دير الزور، مبينا أن جيش العشائر هي تسمية إعلامية فقط، ولكن المواجهة كانت بين قوات سوريا الديمقراطية من جهة وبين جيش حكومة دمشق ومجموعات مرتزقة تعمل معه تسمى الدفاع الوطني.
وأضاف، أنه تم زج اسم جيش العشائر على تلك المجموعات لإثارة النعرات القومية والطائفية ولكنها ممارسات مكشوفة وليس لها تأثير على أرض الواقع ولكن فقط يتم استثمارها في الإعلام لتحقيق مصالح حكومة دمشق.
بينما يقول شكري شيخاني، عضو المجلس الرئاسي في مجلس سوريا الديمقراطية ورئيس التيار السوري الإصلاحي في اتصال هاتفي مع وكالة فرات للأنباء(ANF)، إن حكومة دمشق اتجهت إلى إخلاء الخلايا النائمة التي تعمل لصالحها في بعض العشائر المتواجدة في دير الزور وارياف دير الزور، إضافة إلى مشكلة ابراهيم الهفل، وكان قيادي في قوات سورية الديمقراطية، ووصل إلى مراتب عالية في قوات سوريا الديمقراطية، ولكنه مثله مثل أي رجل قد يخون من أوصله إلى هذا المركز، وقد يخون قضيته، وذلك لأنه يريد أن يجعل من نفسه أميراً للمنطقة على غرار "الجولاني" وأمراء الحرب الآخرين الذين ظهروا بعد الأزمة السورية، وهذا لم يكن ليتم لولا الدعم البعثي للنظام السوري، وبعض الميليشيات الإيرانية.
وأضاف، أن حكومة دمشق والميليشيات الإيرانية دعمت "الهفل" دعماً حقيقياً لم يأتي بين ليلة وضحاها ولكن كان هناك تنسيق بين بعض الأجندة الاستخباراتية لحكومة دمشق ومع بعض الخلايا النائمة كانت متواجدة في دير الزور، مشيراً إلى أن هذه الخلايا أو الجيش المسمى بجيش العشائر لم نكن نراه عندما كانت هناك معارك ضد داعش، والسؤال الذي يجب أن نسأله جميعاً أين كان جيش العشائر عندما احتلت "داعش" المدينة وارتكبت بها الفظائع.
أهداف حكومة دمشق
وحول أهداف حكومة دمشق من إشعال دير الزور، يقول رفيق حبيب، في الأساس يعيش النظام على حالة الانقسام والتفرقة بين أطياف الشعب كي يستطيع السيطرة والتحكم وهذا نهج ثابت في تعاطيه السياسي والأمني وتأتي هذه الأحداث لتثبت من جديد على استمرار هذا الأسلوب، موضحاً أن حكومة دمشق لكي تحافظ على كرسي السلطة على مدى ثلاثة عشر عاما شاهدنا كيف استخدمت العنف المفرط والقتل الممنهج ضد ابناء الشعب السوري، وهذا ينسحب على احداث دير الزور.
معارك دير الزور والتطبيع بين دمشق وأنقرة
تأتي المعارك في دير الزور عقب تصريحات أدلى بها وزير الخارجية التركي هاكان فيدان عن لقاء مرتقب بين الأسد وأردوغان وهو اللقاء الذي تحدثت موسكو عن ترحيبها باستضافته، في خطوة جديدة لقطار تطبيع العلاقات بين الجانبين، والتي رأى الكثير من المراقبين أن المستهدف الأول منها هي الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا والتي تقوم أنقرة بهجمات شبه يومية ضدها تستهدف البنية التحتية وتوقع خسائر في صفوف المدنيين.
ولفت حبيب في ختام تصريحاته لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أنه من الواضح أن صفقة التفاهم مع تركيا تمر عبر محاولات النظام التحرش بـ قوات سوريا الديمقراطية ليثبت صدق نواياه للجانب التركي الذي اشترط للمصالحة مع النظام أن يقوم بشراكة مع تركيا لخوض تلك المعركة ضد "قسد" ولكن تم افشال كل تلك المخططات ولن نسمح لأي طرف بالاعتداء على مناطق شمال وشرق سوريا.
وحول علاقة الهجمات بالتطبيع التركي السوري، أوضح "شيخاني" أنه من الطبيعي أن يكون للحكومة السورية هدف وهو إسقاط مشروع الإدارة الذاتية بأي وسيلة، مشيراً إلى أن ذلك يتم حالياً عبر التطبيع مع الاحتلال التركي، ورغم أن حكومة دمشق لم تتوافق مع الاحتلال التركي على أي شيء، ولكنهم توافقوا فقط على أن يكون هناك إسقاط مشروع الإدارة الذاتية، ولذلك اتجه النظام إلى إعادة المشكلات التي يفتعلها في منطقة دير الزور ضد قوات سوريا الديمقراطية.
وقال شيخاني في ختام تصريحاته لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن أنقرة ودمشق اختلفوا على باقي الملفات لأن حكومة دمشق تضع شروط مسبقة من أجل التطبيع ولكن الطرف التركي يرفض الشروط المسبقة، وبقي عدائهم تجاه الإدارة الذاتية هو الملف الوحيد المتفقين حوله.