هيومن رايتس ووتش: أردوغان يسيء استخدام السلطة لدرجة اعتقال مرددي الأغاني الكردية بحفلات زفافهم

تقرير جديد صدر عن منظمة هيومن رايتس ووتش الدولية يفضح الدرجة التي وصل إليها النظام التركي في إساءة استخدام السلطة حين يتم اعتقال الكرد لمجرد ترديد أغانيهم بحفلات زفافهم.

كشف تقرير المنظمة الدولية عن اعتقال النظام التركي عشرات الكرد في حفلات الزفاف، بسبب الغناء أو الرقص على الأغاني الشعبية السياسية، ووصفت ذلك بأنه إساءة استخدام للسلطة وانتهاك لحرية التعبير، داعية إلى الإفراج الفوري عن المعتقلين، قائلة إن السلطات التركية تسيء استخدام نظام العدالة لقمع التعبير السياسي الكردي، حسب تقرير لصحيفة "توركيش مينيت" التركية.

وقد أصبح مقطع فيديو على تيك توك لنساء يرقصن الهالاي وهي رقصة خطية شائعة في تركيا بحفل زفاف على أغنية ذات صلة بالنضال الكردي ذريعة للشرطة لاحتجاز 6 أشخاص في بلدة كورتالان بمقاطعة سيرت جنوب شرق تركيا في 26 يوليو/تموز الماضي وتحيل المحكمة كذلك امرأتين و3 فتيات إلى الحبس الاحتياطي.

تهمة الإرهاب الجاهزة

وعقب تداول هذا المقطع، أصدر مكتب محافظ سيرت بياناً على وسائل التواصل الاجتماعي تعهد فيه بأن "النضال ضد المنظمات الإرهابية سيستمر بإصرار وعزيمة"، وهنا إشارة جديدة إلى تهمة الإرهاب وهي التهمة الجاهزة التي يلصقها نظام أردوغان بكل من يدعم نضال الكرد للحفاظ على هويتهم وممارسة حقوقهم بشكل طبيعي، على نحو لاقى انتقادات دولية وحقوقية لكن النظام لا يزال يواصل نفس السياسات.

ووقعت اعتقالات مماثلة في محافظات أخرى، بما في ذلك أيدين وإسطنبول وديار بكر (آمد) ومرسين وعثمانية وهكاري (جولميرك)، وقضى ما لا يقل عن 34 شخصاً أسابيع في الاحتجاز السابق للمحاكمة قبل المثول أمام المحكمة لترديد مثل هذا النوع من الأغاني، في خطوة تأتي بالمخالفة لقرار سابق من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي قضت من بأن غناء الأغاني أو القصائد الشعبية أو الهتاف بشعارات عامة، بما في ذلك في التجمعات العامة بما في ذلك الإشارة حزب العمال الكردستاني يعد حرية تعبير محمية.

ووفقاً لمنظمة هيومن رايتس ووتش، فإن محتوى الأغاني والشعارات من حفلات الزفاف وأماكن أخرى لا يحرض على العنف ولا يخلق خطراُ وشيكاً على الأفراد يمكن أن يبرر توجيه اتهامات جنائية إليهم، مضيفة أن تحويل حفلات الزفاف الكردية إلى مسارح للجريمة من خلال اعتقال ومحاكمة الضيوف والموسيقيين ليس سوى أحدث مثال على كيفية تحريف السلطات التركية لعقود من الزمن لنظام العدالة الجنائية لاستهداف الأنشطة المشروعة والتعبير السياسي للكرد.

عداء تركي إيديولوجي للكرد

لا يتوفر وصف.

يقول هاني الجمل وهو رئيس وحدة الدراسات الدولية والاستراتيجية بمركز العرب للدراسات إنه للأسف الحكومة التركية بقيادة أردوغان لم تستطع حتى الآن احتواء القضية الكردية والتعامل معها باعتبارها مكون أساسي وفصيل يجب احترامه بثقافته وتراثه الإنساني داخل تركيا، مشيراً إلى أن اعتقال الكرد في العديد من المناسبات الاحتفالية مجرد حالة فردية، بل هو نهج متواصل ضد حفاظ الكرد على تراثهم.

وأضاف الجمل، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن السلطات التركية حولت أفراح كثير من الكرد إلى مآتم بعد اعتقالات طالت من كانوا في تلك الأفراح لمجرد ترديد أغان تعبر عن التراث الكردي، منوهاً إلى أنه جرى اعتقال مغن كردي شهير لترديده كلمات اعتبرت من قبل إحدى المحاكم دعماً لحزب العمال الكردستاني وسط رفض كبير من المجتمعات الغربية لهذا الوضع المشين.

ويلفت الباحث السياسي المصري إلى تطور خطير جراء هذا النهج من قبل نظام أردوغان، إذ قال إن هذه الحالة من العنف اللامبرر من الحكومة التركية غذى مشاعر الكراهية على المستوى الشعبي على نحو جعل بعض المواطنين يطعنون شباب كردي بالسلاح الأبيض خلال ترديدهم أغان تعبر عن واقع الكرد المرير داخل الأراضي التركية.

واعتبر هاني الجمل أن هذه السلوكيات من قبل نظام أردوغان تعبر عن العداء الإيديولوجي التركي لكل ما هو كردي، مشيراً إلى أن حالة البغض والكره وصلت إلى درجة منع استخدام اللغة الكردية حتى في مناطق الكرد، وفي حين لم ينتشر خطاب التسامح لمواجهة خطاب الكراهية الذي يتصاعد في المجتمع التركي للدرجة التي تدفع مواطن إلى طعن مواطن آخر، كما وصل التبجح ليس بمنع الأغاني الكردية وإنما بطلب تحويل كلمات بعضها إلى التركية.

الكرد في تركيا.. المعاناة تتواصل

وغالباً ما يتعرض الكرد في تركيا للضغوط لعدم التحدث بلغتهم الأم، حيث يعود حظر استخدام اللغة الكردية في تركيا إلى سنوات طويلة، كما تم حظر الملابس والفولكلور والأسماء الكردية في عام 1937، وكانت كلمات مثل الكرد وكردستان والكردية من بين الكلمات المحظورة رسمياً، وبعد الانقلاب العسكري في عام 1980، تم حظر التحدث باللغة الكردية رسمياً، حتى في الحياة الخاصة.

ولم يصبح ظهور اللغة الكردية على شاشات التلفزيون وفي وسائل الإعلام المطبوعة ممكناً إلا في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بفضل التقدم الكبير الذي أحرزته البلاد في محاولة أن تصبح عضواً في الاتحاد الأوروبي، ومع ذلك، فإن الانجراف نحو القومية وتحالف حزب العدالة والتنمية الحاكم مع حزب الحركة القومية اليميني المتطرف في العقد الماضي أدى إلى زيادة الهجمات العنصرية ضد الكرد.