مناورات مضادة.. هل تلاعب إسرائيل إيران بورقة أذربيجان؟
مع ارتفاع وتيرة التصعيد في المنطقة اتجهت الأنظار إلى المناورات العسكرية التي قامت بها أذربيجان حليفة إسرائيل مباشرة بعد مناورات قامت بها إيران، وكأن تل أبيب تلاعب طهران.
مع ارتفاع وتيرة التصعيد في المنطقة اتجهت الأنظار إلى المناورات العسكرية التي قامت بها أذربيجان حليفة إسرائيل مباشرة بعد مناورات قامت بها إيران، وكأن تل أبيب تلاعب طهران.
وقد اتجهت الأطراف المتصارعة في الشرق الأوسط كل على حدا تفتش في دفاترها لإيجاد أوراق وأدوات ضغط قابلة للعب بها لا سيما والحديث يدور عن نظام دولي جديد يتشكل، ومن هنا ربما يرى البعض أن إسرائيل في ظل تصاعد التوترات بينها وبين إيران قد تلاعب الأخيرة بورقة أذربيحان المعروفة بعلاقتها المتوترة للغاية مع طهران التي تصل إلى حد العداء في كثير من الأوقات.
في ضوء ذلك ذهبت وجهة نظر إلى اعتبار أن إقدام باكو على مناورات عسكرية مباشرة بعد مناورات أخرى لطهران كان بمثابة رسالة من إسرائيل إلى الإيرانيين بأنها يمكنها استخدام أذربيجان كأداة في المواجهة مع الجانب الإيراني لا سيما وأن خريطة التصعيد تتمدد، بل تسود المخاوف من انزلاق الأوضاع نحو حرب إقليمية.
رسالة إسرائيلية لإيران؟
في هذا السياق، يقول هاني سليمان المدير التنفيذي للمركز العربي للدراسات، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن العلاقات بين إيران وأذربيجان لا يمكن وصفها بعلاقات الصداقة وفي نفس الوقت لا ترتقي إلى العداء المباشر، مشيراً إلى أنه قد تم تطويع باكو للضغط على طهران بشكل أو بآخر وتوظيفها لهذا الغرض.
وأضاف سليمان أن أذربيجان إحدى أهم الأدوات التي تشكل تحدياً للنظام الإيراني في توقيتات معينة ومن جانب بعض الدول مثل تركيا وأيضاً إسرائيل، مثل التفاوض حول الملف النووي الإيراني وكذلك مفاوضات فيينا، وقد كان هناك نوع من التعاون بين إسرائيل وأذربيجان وكذلك نوع من الدعم العسكري غير المباشر، لافتاً إلى أن تل أبيب تحاول التقارب مع باكو لتضغط على طهران وتشكل نوعاً من التهديد والإيحاء بأن الإسرائيليين قادرون على تحريك المكون الأذري في إيران والتواصل مع هذه الأقلية وكذلك تهديدات تتعلق بالحدود.
وقال سليمان إن إسرائيل تحاول دائماً الاستفادة من هذا الوضع، موضحاً أنه لهذا السبب لا يستبعد أن تكون المناورات العسكرية الأذربيجانية جاءت كرد على المناورات الإيرانية، وربما أرادت إسرائيل إيصال رسالة إلى طهران غير مباشرة عبر أذربيجان، وبالتالي قد يكون ذلك أحد العوامل أو الأدوات التي يمكن تحريكها من قبل إسرائيل ضد الجانب الإيراني، منوهاً إلى أن أذربيجان تشكل خطورة كبيرة على طهران.
وأعلنت وزارة الدفاع الأذربيجانية، السبت الماضي عبر موقعها الإلكتروني، أنه قد تم تفعيل أنظمة الدفاع الجوي، بما في ذلك نظام إس - 300 بعيد المدى، للتدريب على الدفاع عن المنشآت المهمة ضد هجمات صاروخية وهمية، وقد جاءت المناورات بعد أيام قليلة من إجراء البحرية الإيرانية تدريبات في بحر قزوين، في منطقة قريبة من الحدود مع أذربيجان.
ويعود جزء كبير من المشاكل بين إيران وأذربيجان إلى حرب ناجورنو قره باخ بين أذربيجان وأرمينيا في 2020، ففي أعقاب الحرب التي استمرت 44 يوماً، ظلت طهران المتاخمة لكلا البلدين صامتة، لكنها اعترفت في النهاية بأن المنطقة المتنازع عليها كانت أراضي أذربيجانية، على الرغم من كونها حليفا تقليدياً ليريفان.
فرص المواجهة
وتخشى إيران أن تستخدم أراضي أذربيجان لشن هجوم إسرائيلي محتمل عليها، في ظل أن تل أبيب مزود كبير للأسلحة إلى باكو، وقد تصاعدت تلك المخاوف مع انتظار الجانب الإسرائيلي رد من الإيرانيين على اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية في طهران، وانتظار الأخيرة كذلك رد محتمل من تل أبيب.
يقول رمضان أبو جزر مدير مركز بروكسل للأبحاث، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن التوتر بين الجانبين الإيراني والأذربيجاني يعود عملياً إلى ما قبل أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول، وقد ظهر ذلك على سبيل المثال في دعم طهران لأرمينيا في نزاعها الحدودي مع أذربيجان وحتى سياسياً كانت تقدم الدعم ليريفان، في المقابل كانت إسرائيل تقدم الدعم لأذربيجان وأقامت لديها القواعد العسكرية، بل مكنتها من تحقيق التفوق العسكري في مواجهة أرمينيا على نحو ساعدها في تحقيق انتصارات عسكرية.
ويرى الخبير السياسي الفلسطيني أنه من الصعب ربط المناورات الإيرانية والأذربيجانية بما يحدث في قطاع غزة، لكنه يرى أنه يمكن القول إن إسرائيل تستخدم تواجدها وقواعدها العسكرية في أذربيجان للتجسس على طهران مستغلة التسهيلات المقدمة من الجانب الأذربيجاني لرصد التحركات الإيرانية، مشيراً إلى أنه منطقي أن تستخدم تل أبيب جميع الأراضي الممكنة سواء أذربيجان أو غيرها للعمل ضد طهران، وهذا لا يخفى على الأخيرة والتي تتعامل مع هذا الوضع كإجراء عدائي، وتعتبر أن أذربيجان أراض معادية لها.
واستبعد أبو جزر أن يكون هناك أي استهداف عسكري من قبل أذربيجان لإيران لصالح إسرائيل إذا توسعت دائرة الصراع في المنطقة، إذ أن هناك نقاط تماس كثيرة تستخدمها إسرائيل ضد إيران مثل الهجمات السيبرانية والاغتيالات وضرب الأهداف الإيرانية في سوريا والعراق ولبنان، وبالتالي فإن تل أبيب ليست بحاجة إلى استخدام أراضي أذربيجان في عمل عسكري.
ولفت في ختام تصريحاته إلى أن إيران هي الأخرى ليس لديها أي خطط لاستهداف الأراضي الأذربيجانية بسبب العلاقات بين باكو وتل أبيب، لأن الأخيرة ليست بجديدة بل قديمة ومستمرة، ولو كانت طهران تريد القيام بأي عمل عسكري ضد جارتها لهذا السبب لفعلت ذلك من قبل.