على مدار عام كامل من الحرب خسر السودان 25 % من الناتج المحلي الإجمالي وسط معاناة 25.6 مليون سوداني من انعدام الأمن الغذائي ناجم عن التراجع الحاد في قطاع الزراعة الغذائية الذي سجل نسبة 34% من إجمالي الناتج المحلي وفق تقديرات أممية.
منظمة الفاو التابعة للأمم المتحدة تجري متابعات دورية للأوضاع السودانية، لبيان مدى تأثر عمليات الإنتاج الزراعي، وكشفت المتابعات مؤخرا أن الفيضانات التي شهدتها البلاد خلال العام الجاري أثرت على 1.7 مليون هكتار من الأراضي الزراعية ويعادل الهكتار 2.47 فدان.
عبد الحكيم الواعر المدير الإقليمي لمنظمة الفاو، أكد في تصريحات صحفية تدهور الانتاج الزراعي بسبب ردي الأوضاع الأمنية وهجرة المزارعين لأراضيهم لافتا إلى أن المنظمة أجرت دراستين قبل أشهر كشفت تقلص المساحة المزروعة في السودان بنحو 15% مقارنة بمتوسط المساحات قبل خمس سنوات فضلا عن انخفاض زراعة محاصيل القمح والقطن على حساب زراعة الذرة الرفيعة والدخن، نتيجة الفوضى والانفلات حيث تحتاج المحاصيل الاستراتيجية إلى مباشرة يومية وهو ما يصعب على المزارعين تحقيقه بسبب الحرب وصعوبة التنقل.
50 % من السكان يعانون من الجوع
ووفقا للتقارير الأممية يعاني نحو نصف سكان السودان من الجوع وسوء التغذية، بسبب المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وقالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان كليمنتاين نكويتا سلامي -في بيان سابق أن السودان يعيش واحدة من أسوأ المآسي الإنسانية في العالم بسبب النزوح والمجاعة ووفقا للتقديرات الصادرة عن الأمم المتحدة وصل 755 ألف شخص إلى أوضاع كارثية وطال خطر المجاعة 14 منطقة، ويعاني 25.6 مليون شخص مستويات عالية من الجوع الحاد، وفق أرقام منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.
وحذرت ثلاث وكالات تابعة للأمم المتحدة (الفاو واليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي) من التدهور السريع في أوضاع الشعب السوداني، وخصوصاً الأطفال، مع انهيار الأمن الغذائي جراء الحرب التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من عام وانخرطت تلك المنظمات الأممية في حشد مساعدات إنسانية واسعة النطاق داخل السودان وفي البلدان المجاورة التي لجأ إليها أكثر من مليوني نسمة بحثاً عن الأمان.
حشد المساعدات والتحقيق مع مسؤولين أممين
كمال كرار المحلل في الشأن السوداني أكد نجاح برنامج الأغذية العالمي في إيصال مساعدات إلى أكثر من ثلاثة ملايين شخص نازح ومعرض للخطر في السودان، فضلا عن زيادة المساعدات لإيصالها إلى خمسة ملايين شخص آخر بحلول نهاية العام. ويبذل البرنامج جهوداً عاجلة لتوسيع نطاق إيصال المساعدات وفتح ممرات إنسانية جديدة – من البلدان المجاورة وعبر جبهات القتال. وسلم البرنامج هذا العام مواد غذائية وتغذوية لنحو نصف مليون شخص في إقليم دارفور بواسطة قوافل تعبر من تشاد – ومن المقرر إرسال مزيد من هذه القوافل لنحو 250 ألف شخص في الأسابيع المقبلة. ويقوم برنامج الأغذية العالمي أيضاً بتخزين المساعدات عند المعابر الرئيسية وطرق الإمداد قبيل بدء موسم الأمطار الذي يجعل الكثير من الطرق غير سالكة في دارفور ومناطق أخرى عديدة في السودان.
فتحي غانم الباحث في الشأن السوداني كشف أن برنامج الأغذية العالمي يحقق مع قياديين تابعين للبرنامج على الأراضي السودانية بتهمة لاحتيال وإخفاء معلومات عن المانحين بشأن توصيل المساعدات الغذائية وسط أزمة الجوع الشديدة التي تشهدها البلاد، إلى جانب التستر على دور مشتبه به للجيش السوداني في عرقلة المساعدات لافتا إلى أن التحقيق الذي يجريه مكتب المفتش العام التابع لبرنامج الأغذية العالمي يتزامن مع استمرار الوكالة المعنية بالمساعدات الغذائية في توفير المواد الغذائية لملايين الأشخاص في السودان الذي تمزقه الحرب والذي يعاني في الوقت الراهن من واحدة من أكثر أزمات نقص الغذاء حدة في العالم منذ سنوات.
انتشار الأمراض المرتبطة بسوء التغذية
وتشهد العديد من المدن السودانية شلل تام في سلاسل الإمداد الخاصة بالأدوية ، ما نتج عنه انتشار الأمراض المرتبطة بسوء التغذية والتلوث البيئي، بالإضافة إلى غياب المواد الغذائية الضرورية، كما تنتشر في العاصمة السودانية العديد من الأمراض، منها الإسهال المائي الحاد والكوليرا، إلى جانب حالات متزايدة من التيفوئيد والملاريا، وأمراض أخرى لم يتم التعرف عليها بعد نتيجة غياب أدوات الفحص وتوقف المستشفيات، بحسب غرفة الطوارئ.