رغم نداء أوجلان واتفاق "قسد".. ممارسات النظام التركي تهدد تقدم عملية السلام

تحذيرات تتواصل من خطورة خطوات النظام التركي العدوانية، وإفساده عملية السلام التي عززها نداء القائد عبدالله أوجلان واتفاق قوات سوريا الديمقراطية.

على مدار السنوات الماضية عدد الاحتلال التركي حججه لمواصلة اعتداءاته وانتهاكاته بحق الشعب الكردي سواء في إقليم شمال وشرق سوريا، أو في جنوب كردستان، والتي كان على رأسها زعمه أنه يواجه حزب العمال الكردستاني، ويواجه قوات سوريا الديمقراطية، وينعتهم بصفات الإرهاب الكاذبة.

وجاءت الأسابيع الماضية شاهدة على إطلاق القائد والمناضل عبدالله أوجلان نداء السلام التاريخي، بدعوة حزب العمل الكردستاني إلى إلقاء سلاحه وحل نفسه، هذا فيما يتعلق بالداخل التركي، أما على صعيد الجارة سوريا، فقد أبرم مظلوم عبدي القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية اتفاقاً مع سلطة دمشق بقيادة أحمد الشرع، يجعلها جزءاً من القوات الرسمية للدولة السورية.

المنطقي أمام تلك الخطوتين المهمتين وغير المسبوقتين من قبل الجانب الكردي، أن تكون الخطوة التالية على الفور أن يوقف الاحتلال التركي تلك الممارسات والانتهاكات، لما لا ومبرراته التي كان يغطي بها عدوانه انتفت، لكنه لا يزال يواصل نفس الاعتداءات، سواء بالتعاون مع المليشيات والمرتزقة له في روج آفا كردستان، أو من خلال مواصلة السلطات داخل تركيا ملاحقة الناشطين والحقوقيين والصحفيين الكرد.

وانتقد مراقبون للأحداث تلك الممارسات والانتهاكات، التي يرون أنها تكشف حقيقة النظام التركي، الذي يبدو أنه لا يؤمن بالسلام بعد، ولا يزال يريد التعامل مع نداء السلام واتفاق "قسد" من باب الإذلال، ومحاولة تصوير نفسه أنه الأقوى وأنه في نهاية المطاف من انتصر، وأن الطرف الآخر – سواء في سوريا أو تركيا – هو من قدم التنازلات.

افتقار النظام إلى الجدية

لا يتوفر وصف.

يقول الباحث والمحلل السياسي الدكتور طه علي، في تصريح هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إنه كان من المفترض أن تتخذ الدولة التركية خطوات إيجابية على نفس الوزن والمستوى الذي أبداه المفكر عبدالله أوجلان، سواء إعلامياً أو حتى على مستوى الخطوات السياسية، لكن النظام التركي لا يزال يفتقر بعد إلى الجدية.

ويرى الدكتور طه علي أنه رغم نداء السلام الذي أطلقه "آبو" لا يزال النظام التركي يلاحق عناصر حزب العمال الكردستاني وينعتهم بالإرهابيين، وهنا السؤال: إذا تم حل الحزب كيف سيكون تعامل النظام معهم في نضالهم السياسي وهو متمسك بنفس الخطاب والألفاظ العنصرية؟ كيف سينخرط هؤلاء في العملية السياسية في ظل هذه السلوكيات من قبل النظام، معتبراً أن هذا من شأنه أن يخلق حالة عدم ثقة بين الطرفين.

ويؤكد المحلل السياسي المصري أن العنصر المفقود، سواء ما يتعلق بالتعاطي مع نداء السلام أو اتفاق "قسد"، هو الجدية من قبل الدولة التركية، مشيراً إلى أنه في الوقت ذاته تتخذ الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا عديداً من المبادرات الإيجابية على المستوى العملي، وكافة التصريحات القادمة من مسؤولي الإدارة الذاتية إيجابية، لكن أردوغان والأتراك في المقابل نجد التصريحات منهم سلبية وضد الحكم الذاتي أو الكونفدرالية في سوريا.

وفي ختام تصريحاته لوكالة فرات للأنباء، حذر الدكتور طه علي من خطورة ما يقوم به النظام التركي، مما قد يجعل نداء السلام فرصة ضائعة جديدة من أجل السلام، كما حدث عام 2013، حيث كان حزب العمال الكردستاني قريباً للغاية من ترك السلاح، ولكن للأسف تم تصوير ذلك على أن الحزب هزم، وأنهم يتركون سلاحهم أذلاء، وغيرها من المزاعم التي أضاعت تلك الفرصة وقتها، ومعها نحتاج إلى 12 سنة من أجل مبادرة جديدة.

إرضاء القوميين

ولطالما كان موقف النظام التركي من الكرد مرتبطاً بأبعاد سياسية تتعلق بشعبيته المتراجعة، ولهذا كان الضغط على الكرد دائماً ورقة منه لكسب أصوات القوميين، خاصة التيار اليميني القومي المتطرف، ورغم أن حليفه القومي الرئيسي دولت بهجلي لعب الدور الرئيسي في مساعي السلام مع القائد عبدالله أوجلان، إلا أن هناك وجهة نظر ترى أن أردوغان لا يزال يراهن على نفس الشيء أي على فكرة إذكاء الجوانب القومية والاستفادة منها.

لا يتوفر وصف.

بدوره، يرى سيد أبو اليزيد الكاتب الصحفي المصري بجريدة الجمهورية، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن تركيا لا تزال ترى أن الكرد يشكلون تهديداً أمنياً لها، رغم الاتفاقات التي تبرم مع الحكومات المركزية، وتعتبر ظهور الحكم الذاتي تهديداً لها، ولا يخفى في الوقت ذاته على أحد أن أنقرة تسعى إلى تعزيز نفوذها في المنطقة.

وأشار في هذا السياق إلى أن التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه النظام التركي حالياً هي التي تدفعه لمثل هذه الممارسات والهجوم ضد الكرد؛ لكسب أصوات ودعم القوميين، مشيراً إلى أنه من المستغرب أن تركيا تقوم بتلك العمليات بداعي أنها تتخذ إجراءات وقائية لحماية أمنها، في تجاوز واضح من قبلها للقوانين الدولية والتفاهمات الدبلوماسية.

وقد لاقى نداء السلام من قبل المفكر الأممي عبدالله أوجلان – الأسير في سجن إمرالي – دعماً وترحيباً دولياً كبيراً، وسط دعوات إلى النظام التركي باتخاذ خطوات للأمام من أجل تحقيق السلام، وطي عقود الصراع، وفتح صفحة جديدة بين الشعبين الكردي والتركي تعود بالنفع على الجميع، وكذلك كان الحال بالنسبة للاتفاق الذي أبرمه السيد مظلوم عبدي.