في حضور أوروبي .. مصر تؤكد رفضها التام للتصعيد بالساحل السوري

موقف مصري جديد تجاه الأوضاع في سوريا، أتى على لسان وزير الخارجية يؤكد خلاله رفض القاهرة التام لما جرى في الساحل السوري.

أكد الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة المصري، اليوم الأحد، دعم مصر الشامل والثابت للشعب السوري، والحفاظ على سيادة سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها، معرباً عن رفض القاهرة التام للتصعيد في الساحل السوري الذي أسفر عن مقتل عدد من المدنيين الأبرياء.

وعاشت سوريا أياماً دموية من القتل والانتقامات الطائفية، وُصفت بأنها الأسوأ منذ سقوط نظام بشار الأسد، مع هجمات نفذتها مليشيات موالية لسلطة دمشق الجديدة، أطلق عليهم "الشبيحة الجدد"، تجاه أبناء الطائفة العلوية في مناطق الساحل، بداعي أنهم من فلول النظام السابق، ما أسفر عن سقوط مئات القتلى والجرحى.

الحاجة إلى عملية سياسية شاملة

وأضاف وزير الخارجية، خلال كلمته بمؤتمر صحفي، مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي كايا كالاس: "توافقنا على أهمية الحفاظ على سيادة سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها، والحفاظ على مؤسساتها"، مشدداً: "نعيد تكرار أهمية شمولية العملية السياسية الانتقالية؛ لتشمل كل فئات الشعب السوري الشقيق، باعتبار أن ذلك هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والأمن".

الرسائل السابقة ذاتها، أكدها بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم الأحد، بشأن تلك المباحثات، حيث أشارت إلى أنها تناولت تطورات الأوضاع في سوريا، إذ أكد الوزير عبد العاطى دعم مصر للشعب السوري وتحقيق تطلعاته، مشيراً إلى أهمية إطلاق عملية سياسية شاملة تراعي كافة مكونات الشعب السوري دون إقصاء أي طرف؛ لتحقيق الأمن والاستقرار في سوريا.

مواقف ثابتة

لا يتوفر وصف.

تعليقاً على تصريحات وزير الخارجية المصري، يقول الباحث السياسي مصطفى صلاح، في اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن تصريحات الدكتور بدر عبد العاطي تأتي اتساقاً مع موقف مصر الثابت تجاه تطورات الأوضاع في سوريا؛ إذ أن القاهرة منذ البداية تمسكت برفض أي إقصاء لأي طرف أو أي من مكونات الشعب السوري، وضرورة إطلاق عملية سياسية شاملة للجميع، والجانب المصري يدرك أنه دون ذلك فإن السوريين سيظلون في وضع الأزمة دون أي خطوات للأمام.

وأضاف "صلاح" أن أحداث الساحل السوري كانت مؤسفة للغاية، ومن شأنها فتح الباب أمام دوامة عنف طائفي، ربما لن يقف نطاقها على الحدود السورية، الأمر الذي كانت مصر متنبهة له جيداً، خاصة أن القاهرة ترى أن الدول العربية في أمس الحاجة إلى عدم تفجر نزاعات جديدة، لا سيما في ظل المخططات الخطيرة التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية.

يتعين مساعدة السوريين

بدورها دانت السيدة كايا كالاس أحداث الساحل السوري، مؤكدة أن "الأعمال العدوانية في سوريا تجعلنا نقوم بكل شيء من أجل تحقيق الاستقرار في المنطقة، ويتعين علينا مساعدة السوريين من أجل الاستفادة من الفرصة الحالية التي تمر بها البلاد، في إشارة ضمنية منها إلى تخلص السوريين من نظام بشار الأسد، والدخول إلى مرحلة جديدة.

ولفتت المسؤولة الأوروبية إلى أنه كانت هناك قمة في بروكسل جرى خلالها استضافة مؤتمر سوريا، وتم التعهد فيه بتقديم 508 مليارات دولار من أجل إعادة إعمار سوريا، ولكن هناك عقوبات واجبة، مشددة على أنه "يجب أن نتأكد أن المساعدات تذهب في الاتجاه الصحيح، وندعم سوريا في الوقت المهم الذي يحدث فيه تحول، ونساعدهم على استيفاء المتطلبات على أرض الواقع".

لا يتوفر وصف.

بدوره، يقول السياسي والناشط الحقوقي التونسي المقيم بفرنسا عبد العزيز شرف الدين عقوبي، في تصريح لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن الدول الأوروبية تتعامل مع السلطة الجديدة في دمشق بقدر كبير من الحذر، حتى لو بدت منفتحة عليها، لا سيما أنها تضع في اعتبارها الخلفية الأساسية التي انحدرت منها هيئة تحرير الشام كونها منبثقة عن تنظيم القاعدة.

وأضاف أن هناك تناسق بين الموقفين المصري والأوروبي، موضحاً أن تصريحات كايا كالاس تقول إن أوروبا لن تقدم "شيكاً على بياض" إلى سلطة الجولاني برفع العقوبات وضخ أموال الإعمار؛ إلا بعد التأكد من اتخاذ خطوات ملموسة على صعيد تلبية تطلعات الشعب السوري، وعدم القيام بأي إجراءات انتقامية بحق أي من المكونات السورية المختلفة، لا سيما وأن الوضع في النقطة الأخيرة ليس على ما يرام حالياً بدليل أحداث الساحل السوري.

لكن الناشط الحقوقي التونسي يخشى أن تتجاهل أوروبا تلك الضمانات والالتزامات، نتيجة حسابات المصالح الضيقة، الأمر الذي تكرر – وفقاً له – في كثير من المواقف، داعياً سلطة دمشق الحالية إلى ضرورة إطلاق عملية سياسية شاملة، وعدم الوقوع في أخطاء النظام السابق، والتي كانت سبباً في إدخال البلاد إلى أزمة غير مسبوقة استغلتها بعض المخططات الدولية، على حد قوله.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، قبل نحو 3 أيام، بارتفاع عدد العدد الإجمالي للقتلى من مدنيين وعسكريين إلى 2089 بأحداث الساحل، موثقاً وقوع 58 مجزرة، مشيراً إلى تفاقم الأوضاع المعيشية في الساحل وجباله؛ نتيجة انقطاع المواد الغذائية والاحتياجات اليومية للعائلات، بالتوازي مع العمليات الأمنية التي تجرى هناك.