قسد تواصل تصديها لداعش.. وهجمات الاحتلال التركي تهدد بعودة التنظيم

بدأ تنظيم داعش الإرهابي لملمة صفوفه في البقاع الساخنة وأبرزها السودان وليبيا، تزمنا مع استمرار جهود قسد في التصدي للتنظيم الإرهابي بإقليم شمال وشرق سوريا.

أجبرت الانتهاكات الأخيرة لإدارة تحرير الشام والقوات الرديفة لوزارة الدفاع في الساحل السوري، على تغيير مسار الأحداث بلفت الانتباه نحو حدث أكثر أهمية تجسد في توقيع اتفاق مع الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية «قسد»، بعد إدراك المجتمع الإقليمي أهميتها في حماية الدولة من خطر التنظيمات الإرهابية، لينتهي هذا الإدراك المتأخر بتوقيع اتفاق مع قسد يضمن حالة من الاستقرار فضلاً عن التعاون في تحقيق الأمن الداخلي. وذلك على خلفية تحقيقها نجاحات كبيرة ضمن ملف مواجهة خطر التنظيمات الإرهابية، كان آخرها مطاردة العناصر الإرهابية واعتقال المدعو صلاح محمد العبد الله، زعيم خلية داعش بقرية الشحيل، الأمر الذي أكد تعاظم قوة قسد العسكرية والمعلوماتية وتطور أدائها على الصعيد العسكري، حيث تمت العملية بمهارة فائقة انتهت باعتقال المتهم وضبط كمية كبيرة من الذخائر والمتفجرات، وذلك بالتعاون مع قوات التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، بما يؤكد  أهمية دور «قسد»، في التصدي لخطر الإرهاب وهزيمة داعش  وتفكيك التنظيم ومنع عودة ظهور المجموعات الإرهابية المرتبطة به في المنطقة.

استهداف منهج

سبق وأن استهدفت مسيّرة تركية أكاديمية قوى الأمن الداخلي، وتسببت في استشهاد 29 فرداً من القوات المدنية التي تسعى للحفاظ على أمن سد تشرين ومناطق الإدارة الذاتية، ودعم استقرارها، ورغم فداحة ما يقدُم عليه الاحتلال التركي من جرائم إبادة إلا أن الكارثة تكمن في الهدف الذي تسعى دولة الاحتلال إلى تحقيقه بإقليم شمال وشرق سوريا، ويتمثل هذا الهدف في ضرورة تحقيق انطلاقة لمخطط عودة تنظيم داعش الإرهابي من خلال إنهاك قسد وهو ما يجب على الحكومة المؤقتة في دمشق التصدي له ورفض أي ضربات عسكرية تركية في الداخل السوري خاصة بعد توقيع اتفاقها الإيجابي مع قوات سوريا الديمقراطية.

لا يتوفر وصف.

الدكتور كرم سعيد الباحث في الشأن التركي أكد في تصريح لوكالة فرات للأنباء «ANF»، أنّ «التصعيد العسكري التركي في إقليم شمال وشرق سوريا سيؤدي إلى انشغال القوات التابعة للإدارة الذاتية في محاولة احتواء أية تداعيات قد تفرضها الهجمات التركية على الأرض، بشكل يمكن أن يساعد على ظهور تنظيم داعش بالساحة السورية من جديد، وهو ما بدت مؤشراته جلية في محاولة تنفيذ عمليات إرهابية مرة أخرى داخل العاصمة السورية دمشق، كان آخرها في 11 يناير 2025، عندما حاول التنظيم استهداف مرقد السيدة زينب، فضلاً عن تصاعد المخاوف من تراجع قدرة قسد على تأمين مخيمات إيواء عناصر التنظيمات الإرهابية، وخاصة مخيم الهول، الذي يقع في محافظة الحسكة السورية ويضم أعداداً كبيرة من نساء وأطفال داعش، وبالفعل أسهمت الهجمات التركية في خلق حالة من  حالة السيولة الأمنية، استفاد منها بعض قيادات عناصر التنظيم للفرار من المخيمات أو إعادة التموضع من جديد».

الجرائم الطائفية

لا يتوفر وصف.

منير أديب الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية قال في تصريح لوكالة فرات للأنباء «ANF»، إنّ «الإدارة المؤقتة لم تنجح في تحقيق الأمن في ظل انتشار فوضى السلاح، لأن هذه الإدارة قائمة على مجموعة من الميليشيات، فجبهة النصرة هي شكل جديد من تنظيم داعش الإرهابي وإن كانت أعلنت انفصالها عن التنظيم إلا أنها لاتزال تؤمن بفكره، وطالما كانت سوريا هدفا للتنظيمات الإرهابية التي ترى أن الرقة السورية كانت عاصمة للخلافة الإسلامية، وأعتقد أن ما جرى الجمعة الماضي بارتكاب مجازر بحق المدنيين من الطائفة العلوية سيكون مبرراً قويا لعودًة تنظيم داعش الإرهابي مرة أخرى ليستغل البيئة الطائفية».

وحول جهود قوات سوريا الديموقراطية في التصدي للتنظيم الإرهابي، أكد «أديب»، أن قسد لها باع طويل في التصدي للتنظيم الإرهابي وتكاد تكون القوة السورية الأولى في التصدي للتنظيم، بدليل حراستها للسجون والمخيمات التي تضم العناصر الإرهابية، وتواصل دائماً مطاردة خلايا التنظيم الإرهابي النائمة ليس فقط في إقليم شمال وشرق سوريا، وإنما في كافة الأنحاء لافتاً إلى أن التحريض من قبل الإدارة السورية المؤقتة ضد قسد يتزامن مع استهداف الاحتلال التركي لإقليم شمال وشرق سوريا والهدف هو إشغال قسد عن القيام بمهامها في التصدي للتنظيم الذي يخطط للعودة وإعادة التموضع من جديد، إلا أن التحول الأخير في سياسة حكومة دمشق المؤقتة بتوقيع اتفاق مع الإدارة الذاتية أو قسد يمثل بداية للتصحيح.    

إعادة تموضع

ووفقا للمعطيات السابقة، لا زال تنظيم داعش يمثّل تهديداً خطيراً للأمن الدولي نظراً لوجود خلايا سرية نشطة على الساحة العراقية والسورية، وسط توقعات قوية باحتمال انتشار عناصر التنظيم مجدداً عن طريق استغلال هشاشة الوضع السياسي والأمني في المناطق المتأزّمة، وهو ما توفره هجمات الاحتلال التركي بالفعل من خلال استهداف المنشآت الحيوية بإقليم شمال وشرق سوريا وإبقاء قوات قسد في حالة انشغال وإنهاك دائمين بهدف خلق ظروف مواتية لتسلل عناصر التنظيم الإرهابي وإعادة ترتيب صفوفهم مرة أخرى، وعقب توقيع الإدارة المؤقتة اتفاقاً مع الإدارة الذاتية، أصبح لزاماً عليها رفض استهداف الاحتلال التركي للأراضي السورية وهو ما سيتعارض مع سياسة حكومة دمشق التي تمثل تابعاً لتركيا وأحد أهم أذرعها في سوريا.