نداء أوجلان والشرق الأوسط .. هدية القائد لتحقيق تطلعات الشعوب
يعد الشرق الأوسط الساحة الأولى التي تتلقى ارتدادات نداء السلام الذي أطلقه القائد والمناضل عبد الله أوجلان قبل أيام.
يعد الشرق الأوسط الساحة الأولى التي تتلقى ارتدادات نداء السلام الذي أطلقه القائد والمناضل عبد الله أوجلان قبل أيام.
يكتسب نداء السلام الذي أطلقه القائد عبد الله أوجلان تأثيرات خاصة على الشرق الأوسط، لما لا والقضية الكردية ليست قضية تركيا وحدها، بل هي قضية المنطقة مثلها مثل القضية الفلسطينية، والشعب الكردي موزع إلى جانب تركيا بين 3 دول أخرى هي سوريا والعراق وإيران، ومن ثم فنداء القائد "آبو" ذو بعد إقليمي ودولي.
ولهذا يتوقع خبراء ومراقبون أن يكون لدعوته حزب العمال الكردستاني إلقاء سلاحه، وعقد مؤتمر لحل الحزب، ارتدادات وتأثيرات إيجابية على الشرق الأوسط ككل، ومن شأنه أن يؤدي إلى تهدئة إحدى بؤر التوتر والصراع الكبيرة في المنطقة؛ إذا أُحسن التعامل مع تلك الدعوة من قبل جميع الأطراف.
ترابط شعوب الشرق الأوسط
يقول حازم العبيدي المحلل السياسي العراقي، في تصريح عبر الهاتف لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن أي دعوة للسلام هي موضع ترحيب وتقدير كبيرين، وأي شخص أو تيار يجنح نحو السلام يجب أن يكون هناك دعماً لموقفه، خاصة أبناء هذه المنطقة التي تمر بواحدة من أشد فتراتها سوءاً.
وأضاف العبيدي أن رسالة عبد الله أوجلان موجهة بالأساس للنظام التركي، ومرتبطة بالداخل التركي، لكن ارتداداتها بكل تأكيد لن تقتصر على الأراضي التركية، بل ستمتد إلى دول مثل العراق وسوريا وإيران، فإذا نجحت جهود السلام وانتهت إلى اتفاق، فإننا أمام مرحلة جديدة من الاستقرار في المنطقة، وإن فشلت فإن العواقب ستكون وخيمة.
ويقول المحلل السياسي العراقي إن المرحلة الدقيقة التي يعيشها الشرق الأوسط تتطلب الوحدة بين كافة شعوبها، من عرب وترك وكرد، لأن التغيرات التي تضرب المنطقة من الواضح أن نطاق تأثيرها لن يتوقف عند منطقة بعينها، بل مخطط أن يطال كل دول الإقليم بما في ذلك تركيا لصالح إسرائيل وكذلك للمصالح الأمريكية.
وفي ختام تصريحاته، ذكر العبيدي أن بيان عبد الله أوجلان حمل رسائل عديدة، جاءت كهدية للشرق الأوسط من أجل السلام، على رأسها التمسك بالديمقراطية كأساس لتحقيق مصالح الشعوب، بمن فيهم الشعب الكردي، وهو يتمسك كذلك بفكرة العيش المشترك وقبول التنوع والاختلاف، معتبراً أن هذه مسألة جوهرية لحل كثير من الإشكاليات.
وأعربت عدد من الدول والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني على مدار الأيام الماضية عن ترحيبهم بدعوة المفكر والمناضل عبد الله أوجلان، كفرصة حقيقية للسلام، تستوجب أن يتخذ النظام الحاكم في تركيا خطوات في المقابل أكثر إيجابية من شأنها إنهاء عقود من الصراع، ويفتح مسارات إيجابية لإيجاد حل دائم وعادل للقضية الكردية.
حقن الدماء
بدوره، يقول طارق البرديسي خبير العلاقات الدولية، في تصريح لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن الشرق الأوسط يعاني من صراعات ربما تكون الأخطر في العالم، وهي صراعات معقدة ومتداخلة الأبعاد، بين قومية ودينية ومذهبية وجغرافية، وخاصة الصراع الكردي – التركي، الذي كما تابعنا خلال الفترات الماضية مد النظام التركي نطاقه إلى سوريا والعراق.
وأضاف البرديسي أنه إذا تعامل النظام التركي بشكل إيجابي مع دعوة أوجلان، وكان هناك كذلك وحدة للصف الكردي؛ فإننا سنكون بنهاية المطاف أمام اتفاق يحقن دماء الشعبين الكردي والتركي، ومن ثم تبعاً لذلك يتوقع أن تتوقف الحملات التي تشنها أنقرة على الأراضي السورية والعراقية، ومن ثم سنكون أمام مرحلة جديدة من التهدئة في مسار القضية الكردية.
ويلفت خبير العلاقات الدولية إلى أن الأنظمة التركية المتعاقبة وفي إطار إشكالياتها مع الكرد، عملت على إعطاء الأزمة أبعاداً خارج النطاق الجغرافي التركي، ومحاولة دفع بعض الأطراف العربية والكردية إلى الصدام، الأمر الذي غذّى كثيراً من الصراعات ذات الطابع القومي في الشرق الأوسط، وبالتالي فإن السلام في تركيا بين الكرد والترك يغلق هذا الباب أو على الأقل يقلل من حدته بشكل كبير.
استجابة سريعة
ويؤسر المفكر والمناضل عبد الله أوجلان، البالغ من العمر 75 عاماً، في سجن بجزيرة إمرالي، منذ عام 1999، وذلك في إطار مؤامرة دولية شاركت فيها الاستخبارات التركية والموساد الإسرائيلي، وكذلك دول كبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وبعض الأطراف الأخرى.
وما إن أطلق القائد أوجلان دعوته حتى أعلن حزب العمال الكردستاني وقف إطلاق النار مع تركيا، في استجابة سريعة للنداء، إذ أعلن أنه "سيمتثل لدعوة قائده الأسير بتحقيق السلام، وإعلان وقف إطلاق النار بدءاً من السبت (1 آذار)"، أي مع بداية شهر رمضان الكريم، مبدياً أمله في الإفراج عن القائد "آبو" الأسير في سجن إمرالي منذ أكثر من ربع قرن.