الإدارة الذاتية... مواقف تاريخية تؤكد أنها صمام أمان لكل السوريين

تتعدد المواقف التي تكشف المعدن الثمين للإدارة الذاتية الديمقراطية في إقليم شمال وشرق سوريا، التي تؤكد وترسخ يوماً تلو الآخر مواقفها التاريخية تجاه السوريين ووحدتهم.

خلال أكثر من 10 سنوات على ظهورها، تتعدد المواقف والقرارات التاريخية للإدارة الذاتية الديمقراطية في إقليم شمال وشرق سوريا، والتي عبرت عن دورها كفصيل ومكون وطني كانت أولوياته دائماً تقديم المصلحة الوطنية السورية العامة، بعيداً عن أي حسابات خاصة ضيقة مهما كانت أهميتها.

وكانت تلك المواقف في إطار ثابتين رئيسيين، أولهما سوريا الموحدة الديمقراطية التي تتسع للعيش المشترك بين الجميع، وثانيهما التصدي لأي تحرك من شأنه تهديد سلم وأمن السوريين أيّاً كان، ما يمكن أن نلمسه من خلال البيان الأخير الذي صدر عن الإدارة الذاتية بشأن أحداث الساحل السوري المؤسفة، وإدانتها لها بشدة، ومن قبل ما قدمته من تضحيات جسام في المواجهة مع التنظيمات الإرهابية، وكذلك تصديها لاعتداءات الاحتلال التركي.

ضد طريق الانقسام

لا يتوفر وصف.

تقول سعاد حسو مديرة مكتب اتحاد إيزيديى سوريا، في تصريح لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن الممارسات التي تقوم بها سلطة دمشق، وما جرى من قبل بعض الفصائل المسلحة في الساحل السوري، أمر من شأنه الوصول بسوريا إلى الانقسام، في المقابل فإن الإدارة الذاتية مواقفها معروفة تتمسك بالتعايش، من خلال ما يطرحه مفهوم الأمة الديمقراطية، المفهوم الذي يعد الحل الرئيسي لكل إشكاليات سوريا.

وأضافت أن كافة المكونات والمؤسسات في مناطق الإدارة الذاتية أدانت بشدة كل عمليات القتل تلك، وهي ضد قتل الشعب السوري، ونحن ندين بشدة الهجمات وقتل الشعب وارتكاب المجازر، ونرفع صوتنا لكل المعنيين بحقوق الإنسان، سواء الأمم المتحدة أو المنظمات الحقوقية، بضرورة التدخل لوقف هذا القتل، مشيرةً إلى أن من يقومون بالقتل هم من لا يؤمنون بالتنوع، وهم امتداد لمن ارتكبوا المجازر بحق الإيزيديين في شنكال.

وتلفت سعاد حسو في هذا السياق إلى الاتفاق الذي جرى بين قوات سوريا الديمقراطية وسلطة دمشق، والذي تؤكد أن بنوده من شأنها الحفاظ على وحدة سوريا، والحرص على وقف أي انتهاكات بحق أي مكون سوري بما في ذلك ضرورة وقف المجازر بحق العلويين، والدعوة إلى سوريا موحدة في إطار دولة ديمقراطية، ترفض أي محاولات لاستخدام الدين لتبرير القتل، ومن ثم فالإدارة الذاتية تؤكد أنها ذات اتجاه وحدوي، وتريد المصلحة لجميع السوريين.

وفي بيانها، أدانت الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا بشدة جرائم العنف والمجازر الجماعية التي شهدتها مناطق الساحل السوري خلال الأيام الماضية، مؤكدة أن "هذه الأحداث تُعيد إنتاج الذهنية السلطوية التي كان يعاني منها الشعب السوري في عهد النظام السابق"، مشيرةً إلى أن "استمرار هذه الجرائم يُعيق بناء سوريا المستقبلية التي تتسع لجميع مكوناتها دون تمييز طائفي أو عنصري".

إدارة للتنوع ومواجهة شرسة للإرهاب

لا يتوفر وصف.

بدوره، يقول الباحث السياسي المصري هاني الجمل، في تصريح هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن الإدارة الذاتية إدارة متمرسة على التعامل مع التنوع الاثني في سوريا، وتعلم جيداً أن ما حدث في منطقة الساحل خطأ في تقديرات سلطة دمشق، وأمر ينم عن عدم فهم الأخيرة لحقيقة التنوع السوري، وقد علقت الإدارة الذاتية على هذا الأمر بتأكيد رفضها لتلك المعارك التي أزهقت أرواح العديد من السوريين.

ويؤكد الجمل أن بيان الإدارة الذاتية يأتي اتساقاً مع دعواتها المستمرة إلى التعايش السلمي بين كافة مكونات الشعب السوري، كما سبق أنها حملت على عاتقها مجابهة تنظيم "داعش" الإرهابي – أعتى التنظيمات الإرهابية – الذي كان يحاول التموضع في إقليم شمال وشرق سوريا، ويضع واقعاً مخيفاً يقوم على التهجير والإبادة ضد المكون الكردي وبقية مكونات الشعب السوري في تلك المناطق، فضلاً عن دورها المستمر في مواجهة الاعتداءات التركية.

ويشدد الباحث السياسي المصري على أن الإدارة الذاتية تثبت يوماً بعد آخر قناعاتها الراسخة بحق جميع السوريين في العيش على هذه الأرض، وحق الجميع في إدارة البلاد، كما أنها حرصت على تدعيم المرأة ومكانتها، خاصةً وأن الأخيرة لعبت دوراً مهماً في مجابهة تنظيم داعش، وكذلك دورها في بناء إقليم وشمال شرق سوريا وتنمية هذا القطاع.

وأعرب هاني الجمل عن اعتقاده بأن الاتفاق التاريخي الذي وقّعته قوات سوريا الديمقراطية "قسد" مع سلطة دمشق، يأتي تماشياً مع توجهات إقليم شمال وشرق سوريا والإدارة الذاتية بأنه يمكن عيش جميع السوريين معاً، وأنها تعرف وتحمل على عاتقها أهمية هذه اللحظة الدقيقة من أجل بناء سوريا الموحدة، وأن يكون هناك تحولاً من دولة مهترئة إلى دولة تستطيع الاستفادة من مقدراتها الذاتية، فهي مكون وطني سوري يُقدّم تجربة فريدة تقوم على الإيمان بالتعايش وحسن الجوار.

ودعت الإدارة الذاتية الديمقراطية إلى محاسبة مرتكبي جرائم الساحل السوري، مع التأكيد على ضرورة تشكيل لجان تحقيق نزيهة وشفافة للكشف عن الحقائق ومحاسبة المسؤولين، كما طالبت بضرورة عقد حوار وطني شامل تشارك فيه جميع القوى الوطنية والشعب السوري، باعتباره الطريق الوحيد لبناء سوريا ديمقراطية تضمن حقوق جميع مواطنيها.