انتهاكات هيئة تحرير الشام في الساحل السوري.. الدوافع والدلالات

لفتت الجرائم والمجازر في الساحل السوري أنظار العالم خلال الأيام القليلة الماضية والتي نتج عنها قتلى ومصابين بالمئات وسط اعتراف حكومة دمشق المؤقتة بتورط عناصر تابعة لها في تلك الجرائم.

بدعوى التصدي لمحاولات تمرد، ارتكبت مجموعات متطرفة رديفة لقوات وزارة الدفاع والأمن التابعة لإدارة تحرير الشام، مذابح جماعية في منطقة الساحل السوري، راح ضحيتها أكثر من 340 شخصاً حتى مساء السبت الماضي، منهم نساء وأطفال وشيوخ، وسط توثيق تلك المذابح البشعة التي استنفرت المجتمع الدولي الحقوقي لمطالبة الجولاني ومعاونيه بوقف تنفيذ تلك المجازر والانتهاكات.

أعداد الضحايا

ونشر المرصد السوري لحقوق الإنسان تقديرات حول أعداد الضحايا، حيث بلغ عدد القتلى الإجمالي حتى مساء السبت 1018 شخصاً، منهم 745 مدنيا تمت تصفيتهم وقتلهم في مجازر طائفية، وأضاف تقرير للمرصد أن هناك 125 قتيلا من الأمن العام وعناصر وزارة الدفاع وقوات رديفة، منهم 93 سوريا على الأقل، و148 مسلحا من أبناء مدن وقرى الساحل السوري.

من جهته، أصدر المجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني بيانا أكد خلاله تزايد الهجوم على الطائفة العلوية على مدار الأسبوع الماضي، مشيرا إلى أن المجازر الموثقة بالصوت والصورة التي نشرتها الوسائل الإعلامية على اختلاف تنوعها، تؤكد أن الشعب السوري وطوائفه المختلفة يواجهون خطر الإبادة الجماعية بسبب عقلية الإدارة الطائفية المتطرفة التي مثلت السبب الرئيس لتلك المجازر وهو ما يتطلب التحرك بوعي واتخاذ إجراءات من شأنها الحد من حالة الحرب الطائفي التي تغذيها المجموعات المتطرفة.

مخطط وممنهج

لا يتوفر وصف.

جوان سوز الكاتب الصحفي والباحث في الشأن السوري، قال في تصريح لوكالة فرات للأنباء «ANF»، إنّ «دعاوى عودة فلول النظام السابق أمر طبيعي وفقا للأحداث التي مرت بها سوريا وما تعيشه الآن، وحدث هذا في العديد من الدول التي سقطت فيها الأنظمة مثل العراق وليبيا وما إلى آخره، ولكن إذا كانت إدارة هيئة تحرير الشام أو السلطة المؤقتة تقاتل فلول النظام السابق، كما تدعي فلماذا قُتل آلاف العلويين المدنيين في منازلهم وقراهم؟ وهل يمكن اعتبار مقتل ألف إنسان حالة فردية أو مجرد تجاوز كما تدعي الإدارة المؤقتة؟ بالطبع لا يمكن لأي عقل أن يصدق مثل هذه التبريرات الواهية لأن الحقيقة تقول إنّ هناك مجازر ترتكب بشكل مدروس وممنهج ومخطط بحق الطائفة العلوية في الساحل السوري، وسلطة الأمر الواقع السورية اعترفت بذلك واصفة المذابح الجماعية البشعة بأنها مجرد التجاوزات، ووعدت بالمحاسبة، إلا أن المجتمع الدولي والسوريين يعلمون جيدا أن ما تم تنفيذه من جرائم إبادة ممنهج ومدروس ومخطط له وتم بعلم الإدارة المؤقتة وهو ما يؤشر غلى سيناريوهات خطرة على الصعيدين الأمني والسياسي».

النفير العام

لا يتوفر وصف.

أكد رامي عبدالرحمن مدير المركز السوري لحقوق الإنسان في تصريح لوكالة فرات للأنباء «ANF»، أنّ المجازر التي ارتكبت في منطقة الساحل، تورطت فيها قوات رديفة تابعة للإدارة المؤقتة وتم تصوير تلك المجازر بالصوت والصورة، وما تم ارتكابه لا يمكن وصفه بالتجاوزات وإنما جرائم إبادة ومذابح يجب أن تتوقف عندها الإدارة المؤقتة وتحاسب الجناة، خاصة وأنها كانت أحد أسباب ما حدث من جرائم حينما دعت إلى النفير العام من المساجد وهو ما تسبب في خروج المتطرفين والمتعصبين للمشاركة في تلك العملية التي شملت أيضا حرق المنازل ونهب المحال وسرقة الممتلكات الخاصة».

ووفقا للمعطيات والشواهد فإن ما جرى تم بدعم تركي صريح خاصةً بعد مشاركة عناصر الجيش الحر ومجموعات متطرفة تابعة لدولة الاحتلال التركي في نهب المنازل والمحال وتنفيذ تلك المجازر، وهو ما أكده الجولاني حينما اعترف بأن هناك تجاوزات من قبل قوات رديفة تساند قوات وزارة الدفاع، وتحفظت مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية على وصف الإدارة المؤقتة ما ارتكب من جرائم بشعة بحق المدنيين بالتجاوزات، مطالبين بضرورة عقد محاكم عسكرية ومحاسبة المتسببين في تلك المذابح. 

وحول إمكانية نشوب حرب أهلية في الداخل السوري، أكدت العديد من الشواهد أن السياسة التي تتبعها الإدارة المؤقتة قد تقود السوريين إلى هذا السيناريو حال استمرار مخططات الشحن الطائفي وتعيين عناصر متطرفة في مناصب حساسة خاصة وأن قائد هيئة تحرير الشام وأغلب عناصرها سبق وأعلنوا البيعة للقاعدة وداعش وانضموا في صفوفهم وعملوا وفق فكرهم ومنهجهم الجهادي الإقصائي الذي لا يعرف التسامح وبالتالي فإن إدارة دولة بحجم سوريا من خلال الاقتصار على تلك العقول يمثل خطرا على استقرارها والإقليم المحيط ويتطلب من الدول العربية الفاعلة التحرك لتدارك الكوارث المتوقع حدوثها مستقبلا.