نداء أوجلان للسلام .. نظام أردوغان لا يزال بعيداً عن أية خطوات جادة

رغم التصريحات التي بدت إيجابية من النظام التركي تجاه نداء السلام، الذي أطلقه المفكر الأممي والقائد عبد الله أوجلان، إلا أن الخطوة الجادة من قبل الأول غائبة.

منذ أن أطلق القائد والمفكر الأممي عبد الله أوجلان نداء السلام التاريخي، تتقاطر التساؤلات حول الخطوة المقبلة من قبل نظام أردوغان، الذي كما يقال "محلك سر"، لم يتخذ أي تحرك مقابل للأمام، ويبقى المؤشر الإيجابي الوحيد من قبله بعض التصريحات المرحبة بخطوة "آبو"، ثم أخيراً حديثه عن إمكانية استقبال وفد إمرالي إذا طلب الأخير ذلك.

ويبدو أن أردوغان يتعامل مع وفد إمرالي إلى حد ما بقدر مما يمكن وصفه بـ"تعال سياسي"، حيث يضع أمر تلك اللقاءات بيد رئيس المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية، عكس بقية الأحزاب السياسية التي التقت الوفد، حتى أن الرئيس التركي قال إن لقاء وفد إمرالي معه متروك لتقييم رئيس المجموعة البرلمانية، وإذا طلب الأخير منه موعداً سيعطيه.

ضبابية موقف النظام

لا يتوفر وصف.

يقول شريف عبد الحميد رئيس مركز الخليج للدراسات الإيرانية، في تصريح لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن الرسالة التاريخية للقائد عبد الله أوجلان كانت بمثابة زلزال سياسي داخل تركيا، وإن اختلفت مواقف القوى بين القبول والرفض، لكن السؤال الحاسم الآن هو" هل تفتح دعوة القائد أوجلان الباب أمام سلام حقيقي وتاريخي أم أن أردوغان لا يزال يناور ويتلمس الفرص بين القبول والمماطلة لتعزيز موقفه السياسي أمام المعارضة...؟".

ويضيف أن هناك موقفاً آخر يخلق حالة من الإرباك بالنسبة للنظام التركي، وهو أن الولايات المتحدة لم تغير مواقفها تجاه القوات الكردية في إقليم شمال وشرق سوريا، ما يضع أنقرة أمام خيارين لا ثالث لهما، إما اعتبار دعوة القائد أوجلان بحل حزب العمال الكردستاني ونزع سلاحه مجرد تكتيك، أو عدم إجراء أية تعديلات على الاستراتيجية الأمنية التركية، وهو ما يحدث الآن تجاه نداء القائد أوجلان.

ولفت إلى أن الخيار الثاني أن يتعامل أردوغان مع نداء القائد عبد الله أوجلان على محمل الجد، ويدفع عملية السلام إلى الأمام، ليهدأ الجمهور ويدخل الكرد إلى العملية السياسية، أما إذا تم المضي قدماً في نزع سلاح حزب العمال الكردستاني، وبقي نفس موقف النظام من الكرد دون تغيير فإن هذا يثير حالة كبيرة من الضبابية التي نراها الآن فيما يتعلق بموقف الرئيس التركي.

وكان المفكر الأممي عبد الله أوجلان أخذ خطوة غير مسبوقة قبل أيام حين أعلن في رسالة تاريخية دعوته حزب العمال الكردستاني إلى إلقاء سلاحه، ودعوته الحزب إلى عقد اجتماع لاتخاذ قرار بحله، لتأتي خطوة الحزب سريعة بالموافقة على وقف إطلاق النار، الأمر الذي ثمنته العديد من القوى الدولية والإقليمية.

واعتبر عدد كبير من الدول أننا أمام وضع تاريخي نحو سلام دائم بين الشعبين التركي والكردي، لن يكون حدود تأثيره مقتصراً على الأراضي التركية فحسب، بل سينعكس على الشرق الأوسط ككل، وفي دول رئيسية مثل سوريا والعراق وربما إيران كذلك، وهي الدول التي يتوزع عليها الشعب الكردي بشكل رئيسي.

ما المطلوب؟

لا يتوفر وصف.

بدوره، أبدى الباحث السياسي محمد صابر شكوكه حول إقدام النظام التركي على خطوات جادة استجابة لنداء السلام الذي أطلقه المفكر عبد الله أوجلان؛ إذ يرى أن أردوغان ليس مؤمناً إيماناً حقيقياً بالسلام، بدليل أنه لم يتخذ أي تحرك ملموس وعملي يتناسب مع تلك الخطوة التاريخية للقائد أوجلان، حسب تصريحه في اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF).

وأضاف "صابر" أنه أمام هذا الإعلان المهم، فإن على النظام أن يمضي قدماً نحو السلام، والذي ستتأكد جديته فيه عندما ينتهي الأمر بإطلاق سراح عبد الله أوجلان، خاصة أن الأخير قد انتهت بالفعل فترة محكوميته، مؤكداً أن الإفراج عنه أولوية، معتبراً أن هذا الأمر في واقعه يخيف النظام التركي بشكل كبير، لما لهذا الرجل من مكانة كبيرة لا سيما بين الكرد.

وأعرب الباحث السياسي المصري عن قناعته بأن موقف النظام التركي تجاه نداء السلام للمفكر عبد الله أوجلان يتشابه مع موقف سلطة دمشق تجاه الكرد والاتفاق الذي أبرم مؤخراً مع السيد مظلوم عبدي، حيث لم يستتبعه خطوة ملموسة، وبدلاً من ذلك رأينا إعلاناً دستورياً لا يراعي التنوع السوري، رغم أن الاتفاق الخاص بقوات سوريا الديمقراطية مع الجولاني ينص على ذلك.

وفي الوقت الذي تتزايد فيه دعوات المطالبة للنظام التركي بالإسراع في خطوات السلام، واستغلال تلك الحالة التاريخية التي أحدثها نداء القائد "آبو"، لا يزال أردوغان يواصل انتهاكاته بحق الناشطين والحقوقيين والصحفيين الكرد داخل بلاده مع مواصلة حملات الاعتقال التي تطالهم، فضلاً عن استمرار المليشيات الموالية له في إقليم شمال وشرق سوريا باستهداف المناطق ذات الغالبية الكردية.