جاسم خلفان يتحدث عن سياسات الإمارات وموقفها من الأزمة السورية والقضية الكردية

تكتسب دولة الإمارات العربية المتحدة مكانة متزايدة يوماً تلو الآخر على صعيد القضايا الإقليمية والدولية، وهي رقم فاعل ومؤثر – بلا شك – في تفاعلات المنطقة.

وتنخرط الإمارات في العديد من الملفات والقضايا، وكانت وساطاتها لتبادل الأسرى في الأزمة الأوكرانية علامة مهمة على ذلك، كما تحرص أبوظبي على أن تعزز علاقات الشراكة والحوار مع مختلف الشركاء الإقليميين والدوليين، وبات لها حضوراً دولياً يجعل قراءة سياستها الخارجية أمراً بالغ الأهمية.

في هذا السياق، تحدثت وكالة فرات للأنباء (ANF) مع المحلل السياسي الإماراتي البارز الدكتور جاسم خلفان حول عدد من الملفات والقضايا، منها ضوابط ومحددات السياسة الخارجية الإماراتية، وكذلك موقف أبوظبي مما يجري في غزة ولبنان، كما تحدث عن موقف بلاده من الأزمة السورية والتعاطي مع القضية الكردية.

إلى نص الحوار:

*في ظل كثير من التعقيدات التي تعيشها المنطقة ومعها العالم، ماذا عن ملامح السياسة الخارجية الإماراتية؟

- دولة الإمارات العربية المتحدة عرف عنها أنها دار الخير والسلام والمحبة، حتى تسمى عندنا دار زايد الخير. واستمر هذا النهج القائم على نشر الخير في كل مكان، وطبيعة الشيخ زايد أنه كان يحب الناس ويحب الخير ويحب مساعدة الغير، ويحب أهالي الدول التي كان يسافر إليهم ويساعدهم ويعمر فيها. 

*وكيف سارت قيادة الأبناء فيما يتعلق بهذا النهج؟

- استمرت القيادة الجديدة للأبناء على نفس النهج، ولديهم الآن وزارة تسمى التعايش والتسامح، فمن ينشر السلام لا بد أن يكون لديه تعايش بين الناس وتسامح. ودار زايد الخير مفتوحة في كل وقت للجميع، والآن أبناء زايد وصلوا إلى عدة دول لنشر ثقافة التعايش والتسامح.

*كيف انعكس ذلك على تحركات الإمارات خارجياً؟

- في ضوء ما ذكرته فإن أبوظبي حين تتدخل، فإنها تتدخل من أجل حل النزاعات، حتى يستطيع الكل التعامل من خلال الوساطات الإماراتية وتحل القضايا بالتفاهم والتحاور وليس عبر الحروب، فالحروب دمار، والتعايش والتسامح سلم وأمن وأمان. والإمارات تحب أن تنشر السلام، فتعمل على تأسيس شركات تعمر في البلدان لتفيد الشعوب وتفيد نفسها في الوقت ذاته، والاستثمار إذا لم يكن هناك سلم وأمان فإن رجال الأعمال لن يستثمروا، فأينما وجد التعايش والاستقرار ازدهر الاستثمار والاقتصاد وكذلك العكس. وبالتالي فإن دولة الإمارات تؤمن بأن الحروب تدمر البلدان والإنسان، ولهذا تسعى في كل بلدان العالم للوقوف مع الدول لمساعدتها في حل مشكلاتها، وما الاستثمارات الإماراتية في كثير من الدول إلا نوعاً من الدعم، وهي في نفس الوقت تستفيد. وبالتالي فإن العيش في سلم وأمان سواء بين الدول أو الشعوب داخل الدولة الواحدة والاستقرار هو الهدف الأسمى بالنسبة لمباديء السياسة الخارجية الإماراتية.

-*كيف تعاملت أبوظبي مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ولبنان؟

ما ينغص علينا حياتنا الآن ما يحدث في غزة ولبنان، وسوريا هي الأخرى مهددة، والإمارات مواقفها هنا واضحة وصريحة وأدانت كل اعتداءات إسرائيل على غزة ولبنان، وأصرت على إعادة الإعمار، فبالنسة لفلسطين فهي مصرة كباقي الدول العربية على قيام دولة فلسطينية على أراضي ما قبل الخامس من يونيو/حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وبالتالي فهي ترعى السلام في هذه الدولة.


*وماذا عن لبنان؟

- في لبنان، فإن أبوظبي تطالب إسرائيل بالتوقف عن الاعتداءات التي تقوم بها، وتطالبها بالانسحاب من الأراضي التي دخلت إليها. إذن الإمارات دولة صريحة وواضحة تندد بالاحتلال وتدين أية تصرفات تقوم بها إسرائيل سواء ضد الشعب أو الأرض أو حتى المنظمات التي تخدم في فلسطين وكذلك لبنان. والناس تسمع وتشاهد الإمارات تقف مع هذه الدول، قدمت وتقدم الكثير سواء قبل الحرب أو خلال الحرب وستستمر في ذلك بعدها. الإمارات تريد أن يعيش أهلنا في فلسطين ولبنان في أمن وأمان.

*كيف تنظر الإمارات إلى الدور الإيراني كذلك؟

- إيران يجب أن تتوقف عن التدخل في هذه المناطق، وأن توقف دعمها لاستمرار الحروب، فالشعوب العربية هي الخاسرة وليست طهران.


*الإمارات كانت من أوائل المبادرين إلى إعادة العلاقات مع دمشق.. كيف تنظر أبوظبي إلى أفق الحل السياسي للأزمة السورية؟

- الإمارات بالفعل كانت من أول الدول التي سعت وبادرت بعودة سوريا إلى الصف العربي، وأقامت العلاقات، وكانت هذه البادرة في إطار مبدأ هو استعادة سوريا من سيطرة إيران، وأن العمل على دعم سوريا وجذبها للبساط العربي أفضل من تركها لتعبث بها طهران كما عبثت بعدة دول عربية أخرى، ومن المعروف أن الإمارات دائماً تقف في خدمة الدول العربية.

*على ذكر سوريا، كيف تنظر إلى قضية الكرد؟

- بالنسبة للقضية الكردية وتسويتها، فإن الوضع القائم أن الكرد يتوزعون بين العراق وسوريا وإيران وتركيا، وأنا أتكلم من وجهة نظر شخصية هنا، من حق جميع شعوب المنطقة أن يحصلوا على حقوقهم وألا يتعرضوا لأي شيء ينتقص منهم في إطار الحفاظ على الدولة الوطنية، فالله خلقنا شعوباً وقبائل لنتعارف، ومن ثم فالتنوع سنة الله في الأرض، كما أن دستور المدينة كفل الحرية للجميع، وضد طمس حقوق أو هوية أي شعب في ظل الإنسانية التي تجمعنا.


*هل لديك ما تود إضافته في نهاية هذا الحوار؟
 

- ما أود تأكيده أنه إذا استمرت الحروب في المنطقة فلن يكون إلا الدمار، إن إنهاء الحروب ضرورة، لأنه بدلاً من أن يكون الحديث عن إعادة إعمار فإن الأفضل أن يكون الحديث عن الاستثمار والاقتصاد في ظل الاستقرار والأمان.