السعودية وإسرائيل.. هل يضيع نتنياهو مفتاح تطبيع العلاقات؟
تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل أحد أهم ملفات الشرق الأوسط التي تتجه إليها الأنظار، وسط تساؤلات حول المضي قدماً فيه.
تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل أحد أهم ملفات الشرق الأوسط التي تتجه إليها الأنظار، وسط تساؤلات حول المضي قدماً فيه.
مع تنفيذ وقف إطلاق النار في قطاع غزة الشهر الماضي، وقدوم دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، انتعشت التوقعات بشأن المسار المتعثر لتطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، لا سيما وأن بعض مسؤولي الإدارة الجديدة في واشنطن كانوا كشفوا عن عزمهم استئناف العمل على هذا الملف.
ويأتي الحديث عن تطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب على مدار السنوات الماضية في إطار استكمال اتفاقات السلام الإبراهيمي، والتي نجح ترامب في رعايتها خلال ولايته الأولى (2016 – 2020)، وتمخض عنها تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات والبحرين وسلطنة عمان والمغرب والسودان.
ماذا حدث؟
بينما يترقب البعض استئناف التحركات الأمريكية، جاءت ممارسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو محبطة للرياض؛ خاصة في ظل إصراره على تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، بل وتصريحه الشهير الذي دعا فيه المملكة ذات المساحة الجغرافية الواسعة إلى استقبال الفلسطينيين وأن يقيموا لهم دولة هناك.
وقد أثار هذا التصريح غضب الجانب السعودي الذي شن هجوماً دبلوماسياً ضارياً ضد نتنياهو، ومن خلفه جاءت مواقف عديد من الدول العربية متطابقة، في وقت تتمسك الرياض بأن أي مفتاح لتطبيع العلاقات مع تل أبيب لن يتم إلا من خلال مفتاح إقامة الدولة الفلسطينية، الأمر الذي لن يتحقق في ظل المضي قدماً بخطط التهجير.
الفرصة لا تزال؟
"الفرصة لا تزال موجودة"، بتلك العبارة علق محمد اليمني الخبير في العلاقات الدولية على مسار تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، منوهاً، في تصريح لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إلى أن هذا يأتي بصرف النظر عن "تصريح نتنياهو السافر" بشأن تهجير الفلسطينيين إلى المملكة.
واعتبر أن الرئيس الأمريكي ترامب هو أكثر شخص لديه رغبة في إقامة علاقات بين السعودية وإسرائيل، كي يستكمل نجاحات ولايته الأولى، وفي حال كانت هناك ضغوط عربية من شأنها تغيير الموقف من التهجير، فإنه يمكن أن يتم التوصل إلى تفاهم ما بشأن العلاقات الإسرائيلية – السعودية إذا جرى التوصل إلى اتفاق بشأن تسوية تتعلق بقيام دولة فلسطينية.
ويقول مراقبون إن الموقف السعودي لا يحمل جديداً من هذا الملف، إذ لا يزال متسقاً مع مبادرة السلام العربية التي طرحها العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، أمام قمة بيروت العربية عام 2002، والتي تقوم على تطبيع لكل الدول العربية مع إسرائيل، بشرط الموافقة على إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
انشغال بخطة التهجير
في المقابل، يقول حازم الغبرا المستشار السابق بوزارة الخارجية الأمريكية، لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إنه في ظل التطورات الجارية فإن مسألة تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل لم تعد مطروحة، معرباً عن اعتقاده أن المنطقة منشغلة الآن في الطرح الذي قدمه ترامب بشأن تهجير سكان غزة.
وأكد الغبرا أن الدول العربية منشغلة حقيقة بتقديم بديل لخطة التهجير التي طرحها ترامب، وتجد قبولاً من رئيس الوزراء الإسرائيلي، كما أن الرئيس الأمريكي طلب في ظل الرفض العربي لمقترحه أن تكون هناك خطة بديلة أو تسوية، وبالتالي هذه هي الأولوية الآن وليس ملف العلاقات السعودية الإسرائيلية.
مخاوف الرياض
وكانت هناك مباحثات جادة يقودها الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن لإبرام اتفاق تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، وكانت المباحثات تدور حول رغبة الرياض في تحقيق أمرين، أولهما أن يكون هناك اتفاق أمني لها مع واشنطن يعطيها ميزات دول حليفة للولايات المتحدة من خارج حلف "الناتو" مثل كوريا الجنوبية واليابان.
كما أن المملكة تقرن التطبيع مع إسرائيل بإقامة دولة فلسطينية، وكانت إدارة بايدن تتحدث عن خطوات للأمام، وتريد تحقيق هذا الإنجاز، الذي لمكانة السعودية في العالمين العربي والإسلامي كان سيضاهي الاتفاقات التي توصل إليها ترامب، لكن وقعت أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر التي نسفت كل تلك التحركات.
فلا يتصور أن تمضي الرياض قدماً في أي اتفاق لتطبيع العلاقات مع تل أبيب، وسط كل ما يجري في قطاع غزة، لدرجة أن بعض وسائل الإعلام الأمريكية قالت إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أبلغ الأمريكيين أنه يخشى أن ينال مصير الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات الذي اغتيل بعد اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل.