الأزمة السودانية تدخل منعطفا جديدا.. حكومتان في بلد مُهجّر
نجح الجيش السوداني في بسط سيطرته على الجمهورية، مؤكدا في بيان نشرته الخارجية انتصاره في الحرب وبدء عملية سياسية تضمن الاستقرار وتحفظ وحدة وسلامة الأراضي السودانية.
نجح الجيش السوداني في بسط سيطرته على الجمهورية، مؤكدا في بيان نشرته الخارجية انتصاره في الحرب وبدء عملية سياسية تضمن الاستقرار وتحفظ وحدة وسلامة الأراضي السودانية.
أصدرت وزارة الخارجية السودانية خطابا موجها للاتحاد الإفريقي تطالبه بإلغاء قرار تعليق عضويته بعد انتهاء الحرب، مؤكدة فرض الجيش سيطرته على جميع بقاع الجمهورية وإعلان انتصاره في حربه ضد قوات الدعم السريع، ودعت الوزارة مجلس السلم والأمن الإفريقي إلى إعادة النظر في تقييم الاتحاد للأوضاع بالسودان في ضوء المستجدات الأخيرة، وطالبت باستئناف الدور السوداني في العمل الإفريقي.
حكومة موازية
جاء هذا تزامنا مع إعلان قوى سياسية مقربة من قوات الدعم السريع، عن تشكيل حكومة موازية للحكومة السودانية، وتكليف لجانا فنية بصياغة وإعداد دستور مؤقت وكتابة برنامج الحكومة السياسي والاقتصادي، وهو ما تسبب في حالة من القلق بين الأوساط السياسية والعسكرية التي انقسمت ما بين مؤيد ومعارض، الأمر الذي فتح الباب أمام حالة استقطاب واحتراب قد تفضي إلى وجود حكومتين على غرار ما يجري في الأراضي الليبية، خاصة مع استمرار الدعم الخارجي بالسلاح والعتاد للقوى المتصارعة، وهو ما ينبئ باستمرار الأزمة دون أن يكون هناك أفق حقيقي لحل وإنهاء الصراع تمهيدا لبدء عملية سياسية شاملة.
وسبق وأن أعلن عبدالفتاح البرهان قائد الجيش السوداني، وقيادات الدعم السريع الموافقة على مبادرة أطلقها الاحتلال التركي لإنهاء الصراع بينهما قبل أن يحسم الجيش السوداني الحرب ويسيطر على كل أراضي الجمهورية، إلا أن هناك مؤشرات تؤكد أن دولة الاحتلال التركي كانت على علم بتحركات الجيش السوداني وما يواجهه الدعم السريع مع نقص في العتاد والسلاح بسبب تضييق القوى الدولية على عمليات تهريب السلاح إلى السودان، ومن ثَم مهدت للتدخل في العملية السياسية عبر تلك المبادرة لضمان سيطرة جماعة الإخوان المسلمين الموالية للجيش على العملية السياسية، خاصة وأن حزب العدالة والتنمية يصنف على أنه حزب تابع للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين.
المسار الليبي
قال كمال كرار الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، في تصريح لوكالة فرات للأنباء «ANF»: "المعارك الأخيرة بالخرطوم والجزيرة وتقدم الجيش في محاور عديدة مهمة، انتهت بالسيطرة على مواقع جديدة، ويبقى هناك سؤال معلق لم تتم الإجابة عليه وهو أن معظم هذا التقدم حدث دون مواجهات عسكرية حاسمة، ما فتح الباب أمام التكهنات بوجود صفقة ما، خاصة مع تفاصيل المبادرة التركية ومحاولات الاتحاد الإفريقي ترتيب عملية سلام والأيام القريبة هي التي ستجيب على هذا السؤال".
وفيما يخص الحكومة الموازية، وصف «كرار»، تلك الخطة بأنها خطوة لتقسيم السودان وخلق حكومتين على غرار الوضع الليبي، وهذا مسار خطر يهدد مستقبل الوطن، وأطراف الحرب كلها منزوعة الشرعية لكنها تحاول فرض الأمر الواقع بالبندقية والسلاح وجميعهم ينظرون لما سيحدث في اليوم التالي للحرب، والهدف بالطبع هو الوصول للسلطة بأي طريقة، فالحرب ذاتها كانت ولا زالت صراعا على السلطة وهناك قوى شعبية كثيرة ومؤثرة تناضل من أجل وقف الحرب واسترداد الثورة وهزيمة مشروع تقسيم السودان.
شرعية بورتسودان
وحول إمكانية استدامة العقوبات الدولية لردع الخصوم والأطراف المتناحرة في الداخل السوداني للحيلولة دون تقسيم الدولة والبدء في عملية سياسية بمشاركة كل الأطياف، أكد أبي عزالدين الكاتب الصحفي والمحل السياسي في تصريح لوكالة فرات للأنباء «ANF»، أن سياسة العقوبات الدولية وعلى رأسها العقوبات الأمريكية هي امتداد لنفس السياسة التي كانت سائدة في حكومة الإنقاذ، ولم تكن فعالة بسبب إمكانية الالتفاف عليها، والحيلولة دون أن تكون وسيلة ضغط فعالة، وظلت الولايات المتحدة على مدار ما يقرب من عام تصنف هذه الحرب باعتبارها شأنا داخليا، ولكن تمدد الصراع ودخول أطرافاً إقليمية يتطلب ممارسة الضغوط على الطرفين للوصول إلى تسوية وغالبا ما تكون بالتنسيق مع المبادرة التركية.
من جانبهم، رفض قياديو الحزب الاتحادي الديمقراطي المشارك في الحكومة الموازية، الاعتراف بحكومة البرهان، مؤكدين سعيهم لتأسيس شرعية مجتمعية جديدة من خلال تقديم الخدمات الأساسية وإعادة الحقوق للشعب السوداني وحفظ الأمن والسلامة، وحماية المواطنين من الانتهاكات تزامنا مع إقامة علاقات دولية متوازنة مع كل دول العالم، وخاصة الدول العربية والإفريقية لحفظ مصالح السودان.
وفي المقابل شنت المجموعات الموالية للجيش السوداني حملات إعلامية ضخمة ليس ضد التيارات السياسية التي أعلنت المشاركة في تشكيل الحكومة الموازية، بل ضد تحالف «صمود» الجديد بقيادة حمدوك رئيس الوزراء السابق، حيث ترفض تلك المنصات قيام حكومة موازية، وفسر مقرب من أنصار النظام السابق، طلب عدم ذكر اسمه، الحملة على التحالف الذي يترأسه حمدوك، بأن أنصار النظام يرون أنه «العدو الأساسي» للحركة الإسلامية، وهي القوى المدنية التي أسقطت حكمهم بالعمل المدني، لتستمر الأطراف المتناحرة في بث الفرقة بما يؤثر على استقرار الدولة ويهدد أمنها القومي.