في ندوة بالقاهرة: أوجلان سُجن لأنه أرعب المخططات التركية الصهيونية الأمريكية

انتقد سياسيون ومثقفون تطورات العملية السياسية في سوريا، خاصة سيطرة اللون الواحد عليها، وكذلك التدخلات التركية، التي تأتي وكأن أنقرة تحل بدلاً من إيران.

جاء ذلك خلال ندوة عقدت، مساء السبت، في العاصمة المصرية القاهرة حول تطورات المشهد السياسي السوري، وقد استضافها المنتدى الثقافي المصري، بحضور نخبة من الأكاديميين والسياسيين على رأسهم الدكتور محمد رفعت الإمام أستاذ التاريخ، والمحلل والباحث السياسي الدكتور طه علي أحمد والدكتور أحمد إنبيوة المتخصص في التاريخ.

وعقب انتهاء المتحدثين من قراءاتهم الثرية لتطورات الأزمة السورية، فُتح المجال أمام الحضور للتعقيب وإبداء الرؤى حول الوضع الحالي، وما يحب أن يكون عليه المستقبل، وكان الإجماع واضحاً على الحاجة إلى عملية سياسية شاملة، والتحذير من الدور التركي في المنطقة، وسط تأكيدات على مكانة المفكر الكردي عبدالله أوجلان.

مرحلة صعبة

يقول أحمد شيخو الكاتب والباحث السياسي السوري إن سوريا بعد 8 كانون الأول/ديسمبر دخلت مرحلة صعبة، وسط إجماع عربي ودولي على الحاجة إلى إطلاق عملية سياسية شاملة، دون إقصاء أو تهميش لأي مكون، ما تم التأكيد عليه في اجتماعات مثل العقبة والرياض.

ولفت شيخو إلى إنه في ظل تمسك الموقف العربي بإطلاق عملية سياسية شاملة، فإن هناك إجماع كذلك على ألا تكون سوريا دولة حاضنة للإرهاب، لا سيما وأن الجميع يستحضر ذكريات وجود تنظيم "داعش" الإرهابي، الذي هزم بفضل لقوى الوطنية، وبالتعاون مع التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب.

وشدد الكاتب السياسي السوري على أن هناك حاجة ماسة إلى الدور العربي في سوريا، وأن تعود دمشق إلى محيطها العربي وتكون جزءاً منه، محذراً من بعض التطورات على الأرض التي تشير إلى أن تقع سوريا تحت النفوذ التركي، وكأن ما تغير فقط أنها تحولت من الإيرانيين إلى الأتراك.

وفي ختام مداخلته، نوه شيخو إلى أن المتابع لتصريحات مسؤولي الإدارة التابعة لهيئة تحرير الشام سيجد أنها إيجابية للغاية، لكن على أرض الواقع الأمر لا يبدو هكذا، بدليل غلبة اللون الواحد والطيف الواحد على كل شيء بما في ذلك الحوار الوطني، مشدداً على الحاجة الماسة هنا لعملية سياسية شاملة ومراعاة التوازن بين كافة المكونات، والحاجة إلى دور عربي داعم لبناء سوريا موحدة.

الجولاني بين الإرهاب والديمقراطية

جاءت المداخلة الثانية من الدكتور علي شوشان وهو طبيب نفسي مهتم بالعمل السياسي والذي أبدى تحفظات كبيرة على تعامل بعض الدول مع أبومحمد الجولاني، والتعامل معه كرئيس شرعي لمجرد أنه خلع ملابسه السابقة، وهو الذي تطاله اتهامات الإرهاب، معتبراً أن هذا الأمر من شأنه إثارة تساؤلات عديدة حول تعريف مصطلح الإرهاب.

وانتقد شوشان حديث الإدارة التابعة لهيئة تحرير الشام عن الديمقراطية والحريات؛ في الوقت الذي يتم فيه حل الأحزاب السياسية، والدخول في صراعات مع قوى أخرى، وبالتالي أصبح من يملك القوة الآن في سوريا هو من يفرض كلمته، فالكلمة الآن للقوة، ومن ثم فإن هناك تساؤلات عدة حول الديمقراطية في سوريا حالياً.

التدخلات التركية ونضال أوجلان

بدوره، شن السياسي المصري رجب هلال حميدة هجوماً شديداً ضد التدخلات التركية في الأراضي السورية، وكذلك في الدول العربية، معتبراً أنها إعادة لما قامت به في السابق الإمبراطورية العثمانية، مشدداً على أن توصيف سيطرتها على الدول العربية بـ"الفتح" كان أمر خاطئاً وإنما كان "غزو واستعمار".

وشدد حميدة على ضرورة الحذر من الأتراك فهم غير مأموني الجانب، فأنقرة تتحرك وفق تفاهمات سياسية قوية تجري مع بعض الأطراف في المنطقة وأطراف دولية، مشدداً كذلك على أن تركيا ما هي إلا أداة تنفذ مخططاً صهيونياً في الشرق الأوسط، دون النظر لمصالح الشعوب أو العمل على رفع معاناتها، معتبراً أن الجولاني صناعة تركية أمريكية إسرائيلية.

وتطرق البرلماني المصري السابق إلى القضية الكردية، إذ أكد أنه يقف بكل اعتزاز وتقدير احتراماً للمناضل الكردي عبدالله أوجلان، الذي يبدو أنه عندما أرعب أصحاب هذه المخططات وضعوه في السجن، مشدداً على أن من سجنوه هم المجرمون.

إشكاليات رئيسية

آخر المداخلات كانت من قبل ليلى موسى ممثل مجلس سوريا الديمقراطية في القاهرة، والتي توقفت عند بعض الإشكاليات الرئيسية بشأن الأزمة السورية، إذ قالت إن البعد الرئيسي في أزمة النظام السوري السابق أنه لم يبنى على أسس حقيقية، صحيح أنه كان يتحدث عن تحقيق الاستقرار، لكنه كان استقراراً قائماً على أسس أمنية وليس عبر معالجة قضايا المواطنين الرئيسية وتلبية احتياجاتهم.

وتحدثت ليلى موسى عن إشكالية ثانية هي التغييب المتعمد لإرادة الشعب السوري؛ إذ قالت إن هناك اتفاقاً على أن ما جرى في 8 كانون الأول (الإطاحة ببشار الأسد وقدوم هيئة تحرير الشام) كان بترتيبات إقليمية ودولية، ولم يكن هناك أي احترام للإرادة السورية، على نحو ظهر كذلك في الكيانات التي شكلتها تلك الإدارة وسيطرة اللون الواحد عليها.

وتؤكد السياسية السورية أن استمرار الإدارة الحالية على نفس النهج يعني أنها بصدد إعادة إنتاج نفس الممارسات والسياسات الخاطئة التي كان يقوم بها النظام السابق، مشددة على أن سوريا الآن أمام فرصة تاريخية يجب اقتناصها إذا أريد إقامة دولة جديدة حديثة، وهذا لن يحدث طالما كانت هناك مصادرة لآراء الشعب السوري، وبحث عن الشرعية من خلال الدعم الخارجي والأموال الخارجية.