السيسي من إسبانيا: لا بد من عملية سياسية شاملة لجميع المكونات في سوريا

كالمعتاد، كانت الأزمة السورية حاضرة على أجندة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال زياراته الخارجية ومنها مملكة إسبانيا اليوم.

خلال زيارته الرسمية إلى مملكة إسبانيا، تطرق الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى الأزمة السورية، حيث أعاد خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز التأكيد على مواقف مصر الرافضة لأي تدخلات في الشأن السوري، معرباً عن تمسك القاهرة بضرورة إطلاق عملية سياسية شاملة.

ويكتسب تصريح الرئيس المصري هذه المرة دلالة مختلفة؛ إذ أنه يعبر عن أن القاهرة لا تزال عند مواقفها تجاه السلطة الجديدة في دمشق التابعة لهيئة تحرير الشام، حتى لو كان السيسي قدم تهنئة إلى أبومحمد الجولاني قبل أيام، عندما جرى الإعلان عن اختياره رئيساً انتقالياً لسوريا خلال المرحلة المقبلة.

تصريحات الرئيس المصري

وقال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إن الأزمات الإقليمية مثلت محوراً مهماً، خلال مباحثاته مع رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، موضحاً أنها تناولت التطورات التي تشهدها سوريا، حيث أكد "دعم مصر الثابت للشعب السوري الشقيق، والوقوف إلى جانبه لتحقيق تطلعاته المشروعة".

كما أكد السيسي أهمية الحفاظ على سيادة سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها، مع البدء في عملية سياسية شاملة، بمشاركة كل مكونات الشعب السوري، وفي هذا السياق شدد الرئيس المصري على "الرفض التام للانتهاكات الإسرائيلية للسيادة السورية، وضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للجولان".

مواقف ثابتة

تعقيباً على تصريحات الرئيس المصري بشأن الأزمة السورية، يقول طارق البرديسي الخبير في العلاقات الدولية، في تصريح لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن حديث الرئيس السيسي عبر عن موقف القاهرة الذي يولي أهمية كبيرة لسوريا، وما يجري فيها من تطورات، فنجدها دائماً موضع حديث له خلال الفترة الماضية إلى جانب القضية الفلسطينية.

وأوضح البرديسي أن تهنئة الرئيس السيسي من قبل للجولاني لا تعني على الإطلاق أن تتراجع مصر عن رؤيتها بشأن الأزمة السورية، والتي تقوم بالأساس على ضرورة أن تكون هناك عملية سياسية شاملة لكافة السوريين، باعتبار أن هذا الأمر يشكل الركيزة الأهم لخلق سوريا مستقرة، وبالتالي جاءت تصريحات الرئيس المصري لتؤكد عدم تغير موقف القاهرة من تلك الثوابت.

ويلفت خبير العلاقات الدولية إلى أن مصر يهمها أن يكون لها حضورها على الساحة السورية، وعدم تركها أمام بعض الأطراف الأخرى وخاصة تركيا، ومن ثم فإن التواصل بين القاهرة وسلطة دمشق في هذه المرحلة طبيعي، حتى لو كان الجانب المصري لا يزال لديه ما يقلقه أو يثير توجسه تجاه الإدارة التابعة لهيئة تحرير الشام.

وفي مناسبات عديدة، سواء على الصعيد العربي والدولي، كانت مصر وعلى لسان رئيسها أو عبر بيانات وزارة خارجيتها، من أوائل الدول العربية الداعية إلى ضرورة إطلاق عملية سياسية شاملة في سوريا، إذا أريد للسوريين أن يتجاوزوا تبعات الماضي، وأن يتجاوزوا السقوط في أزمات جديدة.

ضمانة للاستقرار

بدوره، يقول محمد فتحي الشريف مدير مركز العرب للأبحادث والدراسات، في تصريح لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن تمسك مصر من ضرورة إطلاق عملية سياسية شاملة لكل مكونات الشعب السوري أمر لا يقبل القسمة على اثنين ولا يمكن التراجع عنه، لأن ذلك ضمانة استقرار ليس لسوريا فقط، بل لكل المنطقة باعتبار سوريا أحد أهم دوائر الأمن القومي العربي.

وأضاف الشريف أن القاهرة تدرك كذلك أن إطلاق عملية سياسية شاملة لن يحدث إلا عبر إرادة السوريين أنفسهم، وليس عبر تدخلات خارجية أو الارتهان ببعض الأجندات الخارجية التي تسعى إلى تحقيق مصالحها على حساب سوريا وعلى حساب الدول العربية، ومن هنا كان تأكيد الرئيس السيسي اليوم على رفض التدخل في الشؤون السورية ودعمه لسيادة سوريا ورفض أي مساس بها.

ولدى مصر توجسات كبيرة تجاه سلطة دمشق المنبثقة عن هيئة تحرير الشام، المعروف خلفيتها وتبعيتها لتيار الإسلام السياسي المتشدد، لا سيما وأن القاهرة خاضت حرباً شرسة ضد هذ التيار الذي أراد إشعال البلاد إرهاباً، عندما حدثت ثورة 30 حزيران عام 2013 ضده، والتي أطاحت بحكم جماعة الإخوان الإرهابية.