أوجلان .. المناضل الحر الطليق رغم الأسر

15 شباط يوم لا ولن ينسى، فيه استكملت حلقات مؤامرة اختطاف المفكر والمناضل عبدالله أوجلان، أُسر لا لذنب اقترفه أو لجرم ارتكبه سوى أنه نادى بحقوق شعبه الكردي.

26 عاماً خلف قضبان الأسر، عانى فيهم أوجلان ما عانى من عزلة وتجريد وتعذيب نفسي وجسدي، صمد صموداً أسطورياً، وأسقط الرهانات التي كانت تعتقد أن الوقت سيفت من عزيمته، أو أن يكون في طي نسيان شعبه والمؤمنين به، وتخور قواه، لكن هيهات.

هيهات لمن راهنوا على تلك الرهانات، من نظم الديكتاتورية التركية المتعاقبة إلى شركائها من قوى الإمبريالية العالمية؛ فأوجلان الأسير حر طليق، نعم حر طليق بما أنتج من فلسفة وفكر اخترق أسوار الأسر، وكسر قيود العزلة، وتجاوز مدى تأثيره ليس الشعب الكردي فقط، أو حدود الأراضي التركية، بل كل الحدود المصنوعة التي رسمتها الحداثة الرأسمالية.

السجن لا يقتل فكرة

لا يتوفر وصف.

يقول الناشط الحقوقي التونسي عبد العزيز شرف الدين عقوبي إن أي أنظمة سياسية أو حاكمة تراهن على أن السجن يمكن أن يقتل فكرة فإنها أمام رهان خاطئ؛ فالأفكار دائماً لها أجنحة تطير بها مهما كانت القيود، ولهذا فإن أكثر من عقد وعبد الله أوجلان في سجنه ولم يتراجع تأثيره؛ بل على العكس أصبح هناك من يؤمن بأفكاره في كل مكان.

وأضاف عقوبي، في تصريح هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن الوقت قد حان للإفراج عن أوجلان؛ فبعد كل هذه السنوات أو أكثر من ربع قرن ثبت أن السجن والقمع لم يكن حلاً، وأن الأولى أن يكون هناك نقاش وحوار بين الكرد والترك، مشدداً على أن هذا في مصلحة المنطقة ككل التي تمر بمنعطفات خطيرة وتطورات غير مسبوقة.

ويقول الناشط الحقوقي إن إشكالية النظام التركي أنه مرتبط بقوى الاستعمار، وأنه مجرد أداة لدول مثل الولايات المتحدة وإسرائيل، ويلعب دوراً في تنفيذ المخططات التي تطال المنطقة، حتى لو كان يعارضهم في العلن، مدللاً على ذلك بما يقوم به من اعتداءات وانتهاكات بحق الأراضي السورية، فضلاً عن رعايته تنظيمات الإسلام السياسي.

فلسفة سباقة

لا يتوفر وصف.

تتفق الكاتبة الصحفية فاتن صبحي مع القول إن المفكر عبد الله أوجلان أسير بجسده حر بأفكاره، إذ تقول إنه صاحب فلسفة سبّاقة في تعاطيها مع كثير من إشكاليات الشرق الأوسط؛ خصوصاً مصطلح الأمة الديمقراطية، الذي يأتي "كوصفة سحرية" قادرة على حل كثير من أزماتنا، ولهذا فإن تلك الأفكار وهذه الفلسفة كسرت السجن واجتذبت الكثيرين.

وأضافت، في تصريح لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن مفهوم الأمة الديمقراطية جاء كمفهوم إنساني، رسم طبيعة العلاقة بين الدولة والفرد والمجتمع بكافة مكوناته، لا سيما مسألة العيش المشترك والتسامح، وهي الأفكار التي ترجمت في تجربة الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا وأثبتت نجاحها.

وتقول فاتن صبحي إن ما يستوقفها أكثر كامرأة المكانة التي حظيت بها المرأة في فلسفة عبد الله أوجلان، وكيف ربط بين حريتها وحرية المجتمعات والشعوب؛ بل اعتبر أن حرية المجتمعات تبدأ من حرية المرأة، مشددة على أن تلك كانت رؤية غير مسبوقة، امتد تأثيرها إلى كثير من الشعوب، وكثير من النساء اللواتي آمن بأفكاره وفلسفته ونظرن باعتزاز إلى المكانة التي أولاها لهن.

ويترقب الشارع الكردي والتركي ومعه الشرق الأوسط هذه الأيام أول ظهور تليفزيوني للمفكر عبد الله أوجلان منذ ربع قرن، ليلقي خطاباً يتضمن رؤية من أجل السلام والعيش المشترك، حيث ينادي مراقبون النظام التركي بالتعاطي الإيجابي مع ما سيطرحه القائد "آبو"؛ أملاً في تجاوز عقود من الصراع والصدام.