بين هنية ونصر الله.. 5 أهداف رئيسية وراء خطة الاغتيالات الإسرائيلية

ما بين إسماعيل هنية وحسن نصر الله يبدو أننا أمام خطة اغتيالات إسرائيلية واضحة ترسم مرحلة جديدة تركز فيها على الرؤوس الكبيرة أو كل ما هو "صيد ثمين"، حتى قيادات الصفوف الأخرى.

فنظرة عامة على من طالتهم الاغتيالات على الأقل خلال الأشهر الماضية في حزب الله تكشف فعليًا أننا أمام مرحلة جديدة من التحركات الإسرائيلية تجاه "أعدائها"، وأبرزهم حسن نصر الله وإبراهيم قبيسي قائد منظومة الصواريخ بالحزب، وإبراهيم عقيل قائد عمليات الحزب وهي أرفع هيئة بالحزب، وأحمد وهبي المشرف على العمليات العسكرية لقوة الرضوان وهي قوة النخبة بالحزب.

طالت خطة الاغتيالات الإسرائيلية كذلك القائد العسكري الكبير فؤاد شكر الذي وصفته تل أبيب بالذراع اليمني لحسن نصر الله، ومحمد ناصر مسؤول عمليات الحزب على الحدود، وطالب عبد الله مسؤول عمليات المنطقة الوسطى من الشريط الحدودي الجنوبي، أي أن خطة الاغتيالات تجاه حزب الله تنوعت بين قيادات الصفين الأول والثاني وطالت كذلك قادة الصف الثالث، كما شملت قادة سياسيين وآخرين عسكريين، ولا تزال تلك الاغتيالات تتواصل.

أهداف رئيسية

تعليقاً على طبيعة تلك الاغتيالات، يقول السياسي والحقوقي الأردني الدكتور أمجد شموط مدير مركز الجسر العربي، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن الاغتيالات الإسرائيلية واضحة بأنها تركز على الرموز والقيادات المؤثرة سواء سياسياً أو عسكرياً أو دينياً، وهي خطة من شأنها تحقيق عدة أهداف في مقدمتها ضرب الروح المعنوية لهذه الكيانات، بما يملك هؤلاء من تأثير خاصة على مستوى الحاضنة الشعبية، ومن ثم فإنها نوع من الحرب النفسية.

وأضاف شموط أن الهدف الأول يرتبط به هدف ثان، وهو خلق حالة من الإرباك والفوضى داخل الكيان المستهدف سواء حزب الله أو حماس أو غيرهما، معتبراً أن الإرباك من شأنه إحداث الفوضى وبالتالي يمكن الاختراق وربما حدوث انقلاب داخلي، وبالتالي يسهل إضعاف هذا الكيان على نحو قد يؤدي إلى إعادة الهيكلة أو التفكك التام، خصوصاً وأن هذه النوعية من الكيانات بحاجة دائمة للشخصيات التي تلتف حولها.

وقد شملت قائمة الاغتيالات الإسرائيلية في صفوف حركة حماس وجوهاً بارزة، وفي المقدمة بطبيعة الحال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي للحركة، وأيمن نوفل أحد أبرز القادة الأمنيين والاستخباريين وعضو المجلس العسكري العام لكتائب القسام وقائد لواء المحافظة الوسطى الذي صنفته تل أبيب سابقاً في المركز الرابع لقائمة المطلوب اغتيالهم.

وطالت الاغتيالات أحمد الغندور عضو المجلس العسكري وقائد لواء الشمال قطاع غزة بالحركة، إلى جانب صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وقد كان ملاحظاً أن هذه الاغتيالات طالت القادة العسكريين والقادة السياسيين المؤثرين، كما أنها تنوعت ما بين داخل القطاع إلى خارجه سواء في إيران باغتيال هنية، أو في الضاحية الجنوبية لبيروت باغتيال العاروري.

مخطط كبير؟

"هذه ليست اغتيالات عادية بل جزء من مخطط كبير"، بتلك العبارة استهل الدكتور عبد المهدي مطاوع المحلل السياسي الفلسطيني تعليقه على تلك الاستهدافات الإسرائيلية، موضحاً أنها بدأت بتفجيرات البيجر بهدف تحييد أجهزة الاتصالات، ثم الوصول إلى القيادة العليا والمؤثرة في حزب الله عبر ضربات متتالية لتُفقده كل قياداته المؤثرة تقريباً، ثم اغتيال حسن نصر الله.

وإضافة إلى ما ذكره الدكتور أمجد شموط، يلفت مطاوع، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إلى هدف ثالث، إذ قال إن هدف عملية اغتيال نصر الله كان ضرب مركز التحكم والقيادة الرئيسي لحزب الله وإدخاله في مرحلة من الارتباك وعدم القدرة على ترتيب الدفاعات، وبالتالي عندما تدخل تل أبيب برياً إلى لبنان ستكون بمواجهة دفاع أقل إذا أقدمت على تلك الخطوة.

وقال المحلل السياسي الفلسطيني إن هناك هدفاً رابعاً من هذه الاستهدافات وضرب الشبكة التنفيذية لحزب الله، وهو حسم ملف الحزب عبر تفكيكه، وبالتالي إعادة ترتيب المشهد اللبناني حسب الأولويات والمصالح الإسرائيلية، مشيراً إلى أن توسيع الحكومة الإسرائيلية أمر يعبر عن أن تل أبيب مقدمة على حرب واسعة.

أما عن الاغتيالات في غزة، فيرى مطاوع أن هنا يُظهر الهدف الخامس وهو أن اغتيال هنية كان الهدف منه إعادة تشكيل حماس، وفتح الباب أمام قيادات جديدة يمكن أن تغير من سلوكيات حماس حتى لو خلف هنية يحيى السنوار لأن الأخير بالنسبة لإسرائيل سيموت عاجلاً أم آجلاً، في المقابل فإن حملة اغتيالات لبنان بشكل واضح وأساسي جزء من خطة حرب، خصوصاً أن إسرائيل ترى أنها لم تحسم المعركة مع الحزب في الحرب التي جرت عام 2006.

وبالعودة إلى بداية حرب غزة في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، قالت وسائل إعلام أمريكية وقتها إن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن كانت لديها تحفظات على فكرة توسيع نطاق الحرب في القطاع وكذلك الدخول إلى لبنان، وبدلاً من ذلك اعتماد خطة "حصد الرؤوس" أو استهداف القيادات المؤثرة كما تفعل واشنطن مع أعدائها ومن ثم تقليل الخسائر وتحجيم نطاق التصعيد.

لكن وسائل إعلام أمريكية قالت عقب اغتيال حسن نصر الله إن واشنطن لم تكن تعلم بخطة استهدافه، إذ أن الإدارة كانت ترى إمكانية استهداف القيادات العسكرية أو قيادات أخرى غير نصر الله، لكن بكل تأكيد اغتيال هؤلاء يشكل مكاسب كبيرة ومنافع كثيرة للإدارة الأمريكية، لا سيما أن الضربات الإسرائيلية وصلت إلى معاقل الحوثيين في اليمن، وربما تطال دمشق وبغداد.