بين برنامجي ترامب وهاريس..هل سيغير ماراثون الوصول للبيت الأبيض السياسة الخارجية الأمريكية
تقترب الانتخابات الأمريكية من موعدها في ظل تصاعد الماراثون بين الرئيس السابق دونالد ترامب ونائبة الرئيس الحالية كاملا هاريس، مع تقارب حظوظهم الانتخابية.
تقترب الانتخابات الأمريكية من موعدها في ظل تصاعد الماراثون بين الرئيس السابق دونالد ترامب ونائبة الرئيس الحالية كاملا هاريس، مع تقارب حظوظهم الانتخابية.
اشتعلت المناظرة الرئاسية بين هاريس وترامب خاصة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، حيث وصف هاريس ترامب بأنه "أضحوكة" لزعماء العالم، وحذرت من أنه "سيسلّم" أوكرانيا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورد عليها ترامب بأن إسرائيل ستزول إذا ما أصبحت هاريس رئيسة للبلاد، مما يكشف عن خطوط متناقضة لكلا المرشحين في قضايا السياسة الخارجية.
ويظهر استطلاع الرأي قبل أقل من 40 يوماً من الانتخابات، تقارب حظوظ المتنافسين في الولايات المتأرجحة في ميشيغان، حيث حصلت هاريس على 48 في المائة وترامب على 47 في المائة من الناخبين المحتملين، وفي ويسكونسن، حصدت هاريس 49 في المائة مقابل 47 في المائة لترامب، وفي أوهايو، يتقدم ترامب بنسبة 50% مقابل 44% حصلت عليها هاريس، وشمل الاستطلاع مقابلة هاتفية لـ 688 ناخبا محتملا في ميشيغان، و687 في أوهايو، و680 ناخبا في ويسكونسن.
وتوضح استطلاعات رأي أجرتها شبكة "فوكس نيوز" تعادل المرشحان بنسبة 49% في ولاية كينستون، بينما يتقدم ترامب بفارق ضئيل على هاريس في ولاية تار هيل بنسبة 50% إلى 49%.
ماراثون ساخن
يقول إيفان أوس، مستشار السياسة الخارجية في المعهد الوطني الأوكراني للدراسات الاستراتيجية، أن الحدث السياسي الداخلي الرئيسي في أوكرانيا في عام 2024 سيكون الانتخابات الرئاسية الأمريكية في 5 نوفمبر من هذا العام، لأن نتائج هذه الانتخابات ستحدد الكثير ليس فقط في أوكرانيا، بل في العالم أجمع.
وأضاف، أنه على الرغم من أنه لا يزال هناك شهر ونصف يتبقى على موعد الانتخابات، إلا أن هناك شعور بأن هذه الانتخابات ستكون واحدة من أكثر الانتخابات فضيحة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك لعدد من الأسباب أهمها محاولتين لاغتيال دونالد ترامب وإعلان الرئيس الحالي بايدن ترشحه لولاية ثانية ثم قراره بعدم الترشح، وترشيح الحزب الديمقراطي لما كان يُنظر إليه في ذلك الوقت على أنه مرشحة مثيرة للجدل إلى حد كبير ولا تتمتع بحظوظ جيدة وهي كامالا هاريس، و لكن ترشيح كامالا هاريس، وليس بايدن، هو الذي جلب دماء جديدة إلى هذه الانتخابات لأنه قبل ذلك كان فوز ترامب واضحاً، لذا فإن هناك صراعاً مثيراً للاهتمام في المستقبل، ومن المحتمل جداً أن تكون هناك نزاعات، بما في ذلك المحاكم، بشأن نتائج هذه الانتخابات.
وأنتقل "أوس" إلى المرشحين أنفسهم، مبيناً إن فوز هاريس يعني تكراراً شبه كامل لخط الرئيس بايدن وفوز ترامب يعني عدم القدرة على التنبؤ بما يخيف الكثيرين، إذا فاز ترامب، فمن المرجح أن تنسحب الولايات المتحدة من العديد من المنظمات الدولية، على سبيل المثال، من منظمة التجارة العالمية، وسيكون هناك أيضاً تدهور كبير في العلاقات مع أوروبا و احتمال انسحاب الولايات المتحدة من الناتو.
وتقول سارة كيرا، رئيسة المركز الأوروبي الشمال أفريقي للدراسات، إن الانتخابات الأمريكية يصعب التكهن بنتائجها، خاصة وأن كان يفصل بين هاريس وترامب نقطتين كاملتبن، ثم تقدمت هاريس بدرجة وعاد ترامب للتقدم مرة اخرى، ولكن لا تزال هاريس لديها وصمة بايدن وإدارته خلال السنوات الأربعة الماضية، خاصة معدل التضخم والحالة الاقتصادية التي ساءت خلال فترة بايدن، كما أن ترامب منتشر في كل جماعات الضغط التي تدفع بالتصويت في الانتخابات.
التعامل مع الشرق الأوسط
تواجه إدارة بايدن انتقادات حول تعاطيها مع ملفات المنطقة، وفشلها في وقف التصعيد في غزة ولبنان، ورغم ذلك نتنياهو يفضل عودة ترامب إلى البيت الأبيض، وشهدت العلاقة بين الاثنين تحسناً ملحوظاً خلال فترة رئاسته، خاصة مع تنفيذ ترامب وعده الرئاسي ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ولكن الديمقراطيين أكثر تمسكاً بحل الدولتين، ورغم ذلك رفض كلا من بايدن وهاريس قرار وقف المساعدات العسكرية إلى إسرائيل.
وحول تلك النقطة تقول رئيسة المركز الأوروبي الشمال أفريقي للدراسات، أنه فيما يخص القضية الفلسطينية والحرب على غزة فإن موقف كلا من هاريس وترامب متقارب، حيث أن بايدن أعطى أسلحة وضوء أخضر لإسرائيل لكي تفعل ما قامت به في غزة، مبينة أن الوضع في عصر بايدن ازداد سوءاً من عصر ترامب، حيث لم تعد إسرائيل تحترم القرارات الأمريكية، وبات الكثير من الجمهور داخل الولايات المتحدة الأمريكية يرون أنه لا يوجد تكافؤ في العلاقة الإسرائيلية الأمريكية، وأن تل أبيب أصبحت تتصرف بشكل منفرد دون العودة إلى واشنطن، وهذا لم يكن يحدث في عصر ترامب، كما أن الأخير يريد انهاء الحرب في الشرق الأوسط من أجل التفرغ إلى روسيا والصين.
كما تطرقت سارة كيرا، إلى تعامل كلا المرشحين مع الملف الإيراني، مشيرة إلى أن ترامب أكثر حزما وصرامة في التعامل مع طهران على عكس الديمقراطيين، ويرغب بشكل جاد في تحجيم إيران ودورها في المنطقة، بينما ستقوم هاريس بالمضي قدما في المفاوضات النووية، والعودة إلى الاتفاق النووي، وهو ما يرفضه ترامب.
التعامل مع تركيا والملف الكردي
تقدمت تركيا عسكرياً في شمال سوريا أثناء حكم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب واستولت على كري سبي وسري كانيه وقبلها مدينة عفرين، بالإضافة إلى مرتين يعلن عن نيته سحب القوات الأميركية من سوريا، وتراجعه عن ذلك، على عكس إدارة بايدن.
ولفتت رئيسة المركز الأوروبي الشمال أفريقي للدراسات إلى اختلاف معاملة كلا المرشحين مع الملف الكردي، وخاصة شمال وشرق سوريا، واستخدامها كورقة للضغط على تركيا، خاصة وأن أردوغان يحاول المضي قدما مع التطبيع مع حكومة دمشق، واتخاذ الكثير من الخطوات الفردية بمعزل عن حلف الناتو وواشنطن مستغلة ضعف إدارة ترامب، التي كان أخطرها الحصول على منظومة الدفاع الجوي الروسية إس ٣٠٠، وبالنسبة لترامب يمكن أن يسمح لأنقرة بالتقدم في ملف التطبيع مع سوريا. لا سيما أنه ينظر إلى الأمور بشكل أكثر واقعية، وأن الحرب بعد ١٠ سنوات لم تنجح في تغيير النظام في سوريا، ولكن إدارة هاريس ستكون أكثر تشددا في هذا الملف، وسيكون التعامل مع الملف الكردي بحسب سلوك تركيا مع واشنطن.
الملف الأوكراني
لم يغيب الملف الأوكراني عن الانتخابات الأمريكية، خاصة مع زيارة زيلينسكي إلى بنسلفانيا و موقف الجمهوريين منها، حيث اتهموا الرئيس الأوكراني بمحاولة التدخل في الانتخابات الأميركية من خلال زيارته لولاية متأرجحة.
تطرق مستشار السياسة الخارجية في المعهد الوطني الأوكراني للدراسات الاستراتيجية، أوكرانيا ومصلحتها في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، حيث تحتاج أوكرانيا إلى دعم الحزبين، لذا، حتى الانتخابات، تسعى أوكرانيا إلى إجراء اتصالات مع كل من هاريس وترامب، ومن نواح كثيرة، سيكون هذا النهج مدفوعا بالتجربة الفاشلة لعام 2016، مشيراً إلى أن فوز دونالد ترامب يجلب معه مجموعة واسعة من الخيارات من إنهاء الدعم في حد ذاته إلى زيادة مستوى الدعم بشكل كبير، وحتى بما في ذلك وجود الجيش الأمريكي في أوكرانيا (مع فوز كامالا هاريس، فإن هذا أمر مستحيل).
وأردف، أنه في حال فوز ترامب فمن المرجح أن يفوض قضية أوكرانيا لممثله الخاص في هذه القضية، و يمكن أن يكون هذا الممثل هو كيرت فولكر أو أي شخص آخر على سبيل المثال، رئيس وزراء بريطانيا العظمى السابق بوريس جونسون، أو المرشحة لترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة - نيكي هيلي، لذلك أوكرانيا ستتابع الانتخابات الرئاسية الأمريكية باهتمام كبير.
بينما ترى " سارة كيرا" أن ترامب يرى في الاتفاقيات الاستراتيجية بين إيران وروسيا والصين مع بعض والتكتلات الاقتصادية مثل البريكس هي الخطر الحقيقي على أمريكا، وقال ترامب خلال المناظرة أن مصير أمريكا سيصبح مجهول إذا لم يتم تحجيم هذه الدول، مشيرة إلى أن أحد وعود الحملة الانتخابية لترامب هي إنهاء الحرب الأوكرانية بينما كامالا هاريس تعهدت بالاستمرار في تزويد أوكرانيا بالأسلحة.
وأوضحت الباحثة في الشؤون الدولية في ختام تصريحاتها لوكالة فرات للأنباء، أن ترامب سيوقف الحرب ويتفاوض مع روسيا، وستحصل روسيا على الأربع أقاليم التي تحارب من أجلهم، ورغم أن هذه الأقاليم انضمت الى روسيا وفق حق تقرير المصير ولكن بعد الاتفاق سيحدث اعتراف دولي بتلك الأقاليم كاقاليم روسية ويتم رسمها على الخرائط، وذلك لعدد من الأسباب أولها أن ترامب يرى أحقية موسكو في العملية العسكرية، وأن الحرب تسحب من أمريكا مبالغ كبيرة وترامب رجل اقتصادي، خاصة وأن مرشح الحزب الجمهوري كان لديه أزمة مع حلف شمال الأطلسي (الناتو) على زيادة الإنفاق العسكري، تحسبا لما قد تفعله روسيا، ولكن والدول الأوروبية لم تزيد من حصتها في الناتو، ولذلك يرفض ترامب أن تدفع الولايات المتحدة نيابة عن تلك الدول وان تتحمل ميزانية الناتو لأن الحرب تهدد أوروبا.