مثقفون مصريون يدعون لعمل فيلم روائي عن أوجلان وتشكيل لجنة دولية للدفاع عنه

تعسف وديكتاتورية غير مسبوقه يمارسها نظام أردوغان بحق المفكر عبدالله أوجلان مع الإصرار على نظام التعذيب والإبادة بالمخالفة لكافة القوانين الدولية والمحلية، ما يتطلب البحث عن أدوات جديدة للدفاع عن حريته.

يقبع المفكر عبدالله أوجلان في عزلة مشددة منذ أن تم أسره ضمن مؤامرة دولية عام 1999، وفي تعبير عن ديكتاتورية النظام التركي وتعسفه يتم رفض طلبات إجراء اللقاءات وأوقات أخرى تترك تلك الطلبات دون رد، ومرات أخرى يأتي الرد بعد أشهر بأنه يواجه عقوبة انضباطية جديدة دون أن يتم إخبار المحامين بطبيعتها أو أسبابها.

ويؤكد مثقفون مصريون أن أوجلان قامة فكرية وإنسانية ومجتمعية كبيرة لا يجب أن يكون مكانه سجون تركيا، كما أنه يجب أن يحصل على حقوقه الطبيعية كسجين سياسي بإنهاء العزلة المفروضة عليه ثم الانطلاق نحو أدوات قادرة على دفع الجهود المبذولة المطالبة بحريته ونقلها إلى مرحلة أكثر تأثيرا.

تطوير الأدوات القانونية

يقول الدكتور مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن عبدالله أوجلان رجل يمثل أهمية كبيرة، مشيرا إلى أنه قد اطلع على عملية القبض عليه وتعديل نصوص قانونية تركية مخصوص من أجل محاكمة أوجلان، مؤكدا أن الأدوات القانونية التي تستخدم للدفاع عنه تحتاج إلى تطوير كبير، وفقا له.

وأوضح غباشي أن هناك حاجة لأدوات قانونية تساير الظروف الدولية، كما أن قسر التحركات القانونية على مجرد القانون التركي الداخلي أو اللجوء للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والمجلس الأوروبي أمر لا يكفي، مشددا على الحاجة إلى تطوير أدوات أمام المحاكم ذات الصبغة العامة الدولية والتي أحيانا تأخذ صيغة تنفيذية على بعض الدول.

كما دعا إلى ضرورة التواصل أكثر مع المراكز الأوروبية والأمريكية العاملة في مجال حقوق الإنسان، بحيث تلعب دورا وتمارس ضغوطا على حكوماتها، معتبرا أن المفكر عبدالله أوجلان مثله مثل الزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا وخروجه من السجن لن يكون هينا ولن يكون بمجرد إجراءات قانونية أو طلبات للنائب العام التركي.

وأوضح أن هناك حاجة إلى التكاتف بين المجتمع الدولي والقوى الإقليمية من أجل أوجلان، وفي هذا السياق يشير الخبير السياسي المصري إلى أن هناك حاجة إلى تشكيل هيئة دفاع دولية وليست هيئة دفاع سورية فقط أو كردية فقط، وإنما لا بد من هيئة دولية حتى لو كانت تحت إشراف المكتب الذي يتولى الدفاع عنه، وتكون تلك الهيئة في حالة انعقاد دائم وتتشاور بشكل مستمر في كل ما يخص مسألة سجن أوجلان.

فيلم سينمائي ودعوى قضائية

بدوره، يقول الكاتب الصحفي عبده مغربي، في تصريحات هاتفية لوكالة فراى للأنباء (ANF)، إنه من غير المقبول طبقا للعهد الدولي لحقوق الإنسان وبعد هذه السنوات الطويلة استمرار هذا العزل غير الآدمي للمفكر عبدالله أوجلان، مطالبا بضرورة الضغط لتشكيل لجنة دولية من الأمم المتحدة لمراقبة ظروف احتجازه، مشددا على أن هذا لن يتأتي بانتظار مشروعات من دول، بل بمذكرات أو وقفات شعبية أمام الأمم المتحدة، في جلسات انعقادها الحيوية.

وطالب الكاتب الصحفي المصري بضرورة الدعوة إلى تشكيل لجنة من منظمات حقوق الإنسان الدولية، مثل الصليب الأحمر الدولي أو لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة لزيارة عبدالله أوجلان في سجنه وتقييم ظروف احتجازه، منوها إلى أن هذه اللجنة يجب أن تكتب تقارير دورية للضغط على الحكومة التركية أمام الأمم المتحدة لتحسين ظروف الاحتجاز، بما يشمل حقه في الحصول على زيارات منتظمة من محاميه وأفراد عائلته.

واقترح عبده مغربي تشكيل حملة قانونية دولية للدفاع عن أوجلان وبالتعاون مع محامين دوليين لرفع قضايا أمام المحاكم الدولية، مثل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، لتحديد قانونية عزله المطول وفق القانون الدولي، مثل حقه في عدم التعرض للعقوبات القاسية أو اللا إنسانية.

وطالب مغربي المجتمع الكردي بتنظيم حملات شعبية دولية عبر وسائل الإعلام غير التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعي لدعم قضية أوجلان، عبر نشر قصته وظروف احتجازه والمطالبة برفع العزلة عنه، ومن ذلك إعداد فيلم وثائقي أو روائي للتعريف بقضيته، مشيرا إلى أن المجتمع الكردي لديه كفاءات بارزة في هذا الاتجاه قادرة على لفت الأنظار إلى قضيته.

نشر فكره في الأوساط الثقافية

 

من جهته، يرى الأكاديمي والباحث في التاريخ الدكتور علي ثابت، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن المفكر عبدالله أوجلان "أسير إمرالي" يُعد صاحب آخر المشروعات الفكرية والإصلاحية فى منطقة الشرق الأوسط، لأنه نجح بامتياز فى تحديد مشاكل المنطقة ووضع لها حلولا ناجزة، مشيرا إلى أن مشروع الأمة الديمقراطية يمثل حجر الزاوية فى فكر أوجلان لما يتضمنه من أفكار ورؤي تواجه مشروعات التقسيم المفروضة على شعوب المنطقة.

ويشير ثابت كذلك إلى أن أوجلان ركز على رسم المفهوم الصحيح للحرية فى إطار المجتمع الديمقراطي الذي يعزز الحرية المجتمعية البناءة والتشاركية على الحرية الفردية التى تتسم بالأنانية التخريبية، ووضع مناظير دقيقة لإعادة قراءة التاريخ كجملة واحدة وليس بدءًا من تنفيذ النموذج القومي فى المنطقة.

يقول كذلك إن أوجلان ركز على مجتمع الأخلاق السياسي كأساس لبناء الحضارات، فالحضارات بنيت بالأخلاق وليست بالصراعات، فتعزيز الأخلاق فى المجتمع من شأنها إعادة هيكلة الحياة ككل والتى تأثرت بعمليات الهدم والمحو حتى تظل منطقة الشرق الأوسط مأججة بالتطاحن والتصادم اللذين يؤثران بشكل فاعل فى تحقيق أهداف المنظومة الدولية الحاكمة، فضلا عن أفكاره الخاصة بالمرأة ودورها، بل وتطرقت فلسفته إلى الحياة الإيكولوجية.

ويؤكد "ثابت" أنه قد بات ضروريا طرح فلسفة عبدالله أوجلان وأفكاره بين الأوساط الثقافية فى مجتمعات الشرق الأوسط، للخروج بمفاهيم مشتركة من شأنها إقرار حالة من الأمن الفكري والتعايش السلمي للخروج من عنق الزجاجة ومولد شرق أوسط جديد يعزز من شراكة وتعايش شعوبه واستيعاب كل منا للآخر، وكذلك التشاركية فى بناء حضارة شرق أوسطية منبثقة من حضارات شعوب المنطقة.