ظهر رئيس مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير في مدينة اسطنبول الليبية بعد إقالته من منصبه بقرار من المجلس الرئاسي الليبي، وأجرى العديد من الحوارات الصحفية من داخل ما أسماه "منفاه الاختياري"، وسبقه إلى اللجوء إلى تركيا وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش، لتصبح "تركيا" مكان الخارجين عن سلطة طرابلس.
وغادر الكبير وموظفون كبار آخرون في البنك ليبيا بعد ما أسموه بتهديدات من ميليشيا مسلحة، حيث خرج من العاصمة طرابلس برفقة فصيل مسلح حتى وصل إلى الحدود التونسية ومن تونس استقل الطائرة إلى اسطنبول، مما يفتح التساؤلات حول أسباب إيواء النظام التركي لكل الخارجين عن النظام والهاربين من ليبيا.
يقول العقيد الليبي عادل عبد الكافي، المستشار العسكري للجنة الدفاع والأمن القومي للمجلس الأعلى للدولة بليبيا في تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء، أنه نظراً لأن تركيا لديها علاقات وثيقة من خلال مذكرة التفاهم بينها وبين طرابلس التي أبرمت إبان المجلس الرئاسي السابق وحكومة الوفاق واستمرت هذه المذكرة يتم التجديد لها فلديها ارتباط وثيق أيضا مع حكومة الوحدة الوطنية حالياً ومجلس الرئاسي الحالي، وهي أيضا محطة عبور نظرا لسهولة ومرونة الرحلات الجوية ما بين طرابلس واسطنبول مما يسهل الانتقال لهذه الشخصيات إلى تركيا ثم إلى دول أخرى.
نجلاء المنقوش
تعتبر أول الهاربين الليبيين إلى تركيا هي وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش وذلك على إثر قيامها بلقاء وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين مما أدى إلى إقالتها من وزارة الخارجية واندلاع مظاهرات عارمة في ليبيا قامت بحصار الوزارة ومنزلها.
وحول تلك النقطة يقول "عبد الكافي"، أن السيدة نجلاء المنقوش لم تستقر في تركيا حيث انتقلت إلى تركيا وبقت هناك يومين، ثم غادرت بعدها إلى بريطانيا أو إلى الولايات المتحدة الأمريكية نظرا لأن لديها إقامة في هذه الدولة.
بينما يقول عز الدين عقيل، المحلل السياسي الليبي ورئيس حزب الائتلاف الجمهوري في تصريح خاص لوكالة فرات، إن تهريب وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش جاء بأوامر مباشرة من الولايات المتحدة إلى تركيا والتي مارست الضغط على الحكومة الليبية من أجل ترتيب لقاء نجلاء وكوهين والمضي قدماً في ملف التطبيع.
وأضاف، أن تركيا قامت بهذا الدور نيابة عن واشنطن، لعدة أسباب أولها أنها محل ثقة من الجانبين سواء الليبي أو الأمريكي وأنها قادرة على حماية نجلاء المنقوش حتى ترتيب سفرها إلى لندن، كما أن من عادة أمريكا عدم استقبال المسؤولين الهاربين خشية أن يؤدي ذلك إلى احتقان رسمي أو شعبي ضدها من البلد الذي ينتمي إليه المسؤول، وإنما تختار دول أخرى للقيام بهذا الدور.
الصديق الكبير
يعد الهارب الثاني إلى تركيا هو رئيس مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، وذلك بعد إقالته من منصبه بقرار من المجلس الرئاسي الليبي، واقتحام المصرف وتسلمه من لجنة استلام وتسليم.
ولم يكن الهروب إلى تركيا هو الأول للكبير، حيث أشارت صحيفة فرنسية لحدوث مشاجرة عنيفة بين الكبير وإبراهيم الدبيبة، ابن شقيقة رئيس الحكومة ومستشاره، دفعت محافظ المصرف المركزي إلى تمضية شهر ونصف الشهر في تركيا خوفا على سلامته.
وحول لجوء الصديق الكبير إلى تركيا أوضح "عبد الكافي"، أنه يأتي في إطار الدور الكبير الذي تلعبه تركيا والتقارب بينها وبين المجلس الأعلى للدولة وتحديدا مع خالد المشري والتيار الذي يتبعه، وهو ما يجمعها مع الصديق الكبير الذي لديه تقارب كبير مع تيار خالد البشري ولديه دعم كامل منهم، مبيناً أنه يرى أن تركيا هي الأنسب لتواجده لسهولة للتواصل مع جميع الأطراف سواء الأطراف المسؤولة في تركيا أو أطراف خالد المشري والداعمين له، أو تقاربه مع مجلس النواب، وتحديداً عقيلة صالح، لأن صالح لديه قنوات مفتوحة مع المشري، ويؤيده كثيراً، وكذلك التيار التابع لخالد المشري.
وأشار المستشار العسكري للجنة الدفاع والأمن القومي للمجلس الأعلى للدولة بليبيا إلى أن الكبير يحاول استغلال ملف التقارب المصري التركي، وذلك لأن تركيا هي دولة فاعلة في الملف الليبي ومصر لها تأثير على الأطراف في المنطقة الشرقية وتحديدا كل من معسكر الرجمة وكذلك مجلس النواب، وعلى رأسه عقيلة صالح، خاصة بعد الزيارة الأخيرة للرئيس المصري إلى تركيا ومقابلته للرئيس التركي رجب طيب اردوغان، حدثت تفاهمات، وتم التصريح بهذا الشأن أن هناك تقريب لوجهات النظر بشأن الملف الليبي بمحاولة الدفع لإنجاح العملية السياسية وكذلك خروج المرتزقة، وكذلك المقاتلين الأجانب من الأراضي الليبية، ولذلك هاتين الدولتين لديهم تأثير على الأطراف التابعين لهم داخل الأراضي الليبية، ولذلك الصديق الكبير يرجو أن يتلقى دعم من تركيا كي يعود إلى منصبه كمحافظ ليبيا المركزي.
ولم يغفل عبد الكافي العامل الأهم وهو أن حكومة الوحدة الوطنية تتلقى دعم كبير من تركيا وكذلك المجلس الرئاسي ولذلك يسعى صديق الكبير أن يجد دور لتركيا كي تدعمه من أجل العودة لمنصبه، مشيراً إلى أن الأطراف السياسية الموجودة داخل الأراضي الليبية لم تعد ترغب في تواجد صديق الكبير نظرا لأن هذا الرجل مضى على فترة بقائه كمحافظ أكثر من المدة القانونية ما يقارب ١٣ عام، والمفترض أن لا يمدد له بعد فترة ١٠ سنوات حسب القوانين واللوائح المعمول بها، فكان الأجدر عليه أن بتنحي بطريقة قانونية، وأن تتم عملية استبداله، ولكن تم التأخير في هذا المسار وعملية استبدال محافظ ليبيا المركزي ترتب عليه الفوضى التي تحدث الآن.
ويورد "عقيل" أسباب أخرى للجوء الصديق الكبير إلى تركيا، وهو الدور الذي لعبه الكبير والأموال الليبية في أزمتها الاقتصادية، عندما أعطى تركيا ودائع مالية أثناء أزمة سقوط الليرة، مما سهل من التواصل بينه وبين أنقرة بعد الإطاحة به، مشيراً إلى أن الكبير لا يزال يأمل في إعادته إلى منصبه مرة أخرى.