انشغال أم تواطؤ؟.. سياسيون يحللون الموقف الأمريكي من ممارسات الاحتلال التركي
يثير الموقف الأمريكي المتراخي تجاه ممارسات الاحتلال التركي لا سيما في جنوب كردستان عديداً من التساؤلات، خصوصاً وأن أنقرة حليفة واشنطن تمعن في ارتكاب جرائم حقوقية.
يثير الموقف الأمريكي المتراخي تجاه ممارسات الاحتلال التركي لا سيما في جنوب كردستان عديداً من التساؤلات، خصوصاً وأن أنقرة حليفة واشنطن تمعن في ارتكاب جرائم حقوقية.
لم يكن الموقف الأمريكي مثيراً لعلامات الاستفهام لدى أبناء الشعب الكردي، بل حتى في الداخل الأمريكي، خصوصاً والكل يعلم كيف لعب الكرد دوراً حيوياً ورئيسياً في المواجهة الأخطر ضد الإرهاب وتحديداً تنظيم داعش الإرهابي سواء في سوريا أو العراق، فضلاً عن ذلك ما يرتكبه الاحتلال التركي من جرائم بحق المدنيين والأبرياء على نحو يشكل إخلالاً خطيراً بحقوق الإنسان التي يفترض أنها أولوية لدى أي إدارة أمريكية خاصة عندما تكون ديمقراطية.
وقد ذهبت وجهات نظر سياسيين ومراقبين إلى أن الموقف الأمريكي الحالي ربما يعود إلى السياق الملتهب للانتخابات الرئاسية التي تشهد تطورات دراماتيكية كان أبرزها انسحاب الرئيس جو بايدن من استكمال سباق الولاية الثانية أمام خصمه الجمهوري دونالد ترامب، وبلوغ المعركة بين الديمقراطيين والجمهوريين مرحلة غير مسبوقة، كما أن هناك وجهة نظر ترى أن واشنطن لا يعنيها شيء سوى مصالحها.
انشغال بالانتخابات؟
وفي هذا السياق، يقول رياض درار الرئيس المشترك السابق لمجلس سوريا الديمقراطية "مسد"، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن تركيا تستغل انشغال الحزبين الديمقراطي والجمهوري بالانتخابات الرئاسية، وهي تعمل على اغتنام هذه الفرصة، ومن ثم فإنه يرى أنه لا يمكن الحديث هنا عن صمت أمريكي في المطلق أو ضوء أخضر أو سماح للاحتلال التركي بالقيام بما يقوم به، ولكن نحن أمام صمت يرتبط بالمشاغل الداخلية الأمريكية.
ويضيف درار أنه فضلاً عن ذلك فإن الأمريكيين يبدو أنهم قد اعتادوا تكرار الاعتداءات التركية، مشيراً إلى أنه قد يكون هناك ضوء أخضر من واشنطن إلى أنقرة باستخدام المسيرات لكن دون التوغل بقوات، منوهاً إلى أنه في الوقت ذاته يلاحظ أن هناك نوعاً من الدعم العسكري الأمريكي المستمر لقوات سوريا الديمقراطية "قسد" حتى تستطيع الرد على الأتراك، بدليل أنه مؤخراً نجحت قسد في إسقاط مسيرتين تركيتين في كوباني.
وحول ما إذا كان عدم اتخاذ أمريكا موقف جاد تجاه تركيا يرتبط بعدم رغبتها في خسارة علاقتها بأنقرة لصالح روسيا، يقول درار إن هذا سبب صحيح، لكنه يشير في الوقت ذاته قائلاً: "دائماً كنا نسمع من السياسيين الأمريكيين الموفدين إلى مناطق الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا أنهم يتحدثون مع المسؤولين الأتراك بضرورة وقف التحركات العسكرية التركية وأن بعضها مرفوضة".
وقد سجلت منظمة فرق صناع السلام الأمريكية (CPT) دخول الجيش التركي في جنوب كردستان أواخر يونيو/حزيران بـ 300 دبابة ومدرعة ونصب حواجز أمنية في مدينة دهوك، كما توغلت في عديد من القرى بتلك المناطق مستهدفة البنى التحتية وتهجر وتقتل المدنيين، في ظل تواطؤ ملحوظ من قبل عائلة البارزاني التي تدير إقليم كردستان العراق وموقف مخز من قبل حكومة بغداد.
أمريكا تبحث عن مصالحها
بدوره، يقول طارق البرديسي الخبير في العلاقات الدولية إن الولايات المتحدة منشغلة الآن بأكثر من قضية وملف، معتبراً أن الاعتداءات التركية لا يكون هناك موقف أمريكي تجاهها إلا عندما تكون لواشنطن مصلحة، فأمريكا لا تبحث إلا عن مصالحها، أو عما يمكن أن تستفيد منه كأوراق ضغط عندما تكون هناك حاجة إلى ذلك.
ويتفق البرديسي مع وجهة نظر رياض درار فيما يتعلق بانشغال الولايات المتحدة بالانتخابات الرئاسية التي تعقد في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وكذلك منشغلة أكثر بالأزمة الأوكرانية، وأكثر بالحرب في قطاع غزة، وكذلك التصعيد بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، والاعتداءات التي تنفذها جماعة الحوثي اليمنية بالصواريخ، مؤكداً أن هذه الملفات تحتل الأولوية الآن أمام الإدارة الأمريكية الحالية، وسيكون الوضع كذلك بالنسبة لأي إدارة قادمة.
ويؤكد خبير العلاقات الدولية أن الولايات المتحدة تنبه على الأتراك بالتوقف عن عملياتهم حسب الوقت الذي يناسب مصالح واشنطن فقط، ويكون ذلك عادة في فترات التوتر بين بين البلدين، داعياً إلى ضرورة الأخذ في الاعتبار أن الأمريكيين لا يريدون إثارة الأتراك فيتجهون إلى موسكو، مشيراً إلى أن هذه ورقة يلعب بها النظام التركي دائماً.
وقد صعد الاحتلال التركي عدوانه بعد اعتبار العراق ولأول مرة حزب العمال الكردستاني تنظيماً محظوراً، وهو تطور يأتي بعد أن وقعت بغداد مع أنقرة أكثر من 20 مذكرة من بينها مذكرة أمنية خلال زيارة أجراها أردوغان إلى الأراضي العراقية، ووسط تفاهمات بين البارزانيين والنظام التركي.