محمد الدوداني: الكرد خط دفاع متقدم لنا كعرب وإذا هزموا سنكون في مرمى توغلات تركيا
تواصل وكالة فرات للأنباء (ANF) رصد ردود الأفعال على جرائم الاحتلال التركي المتواصلة بحق الأبرياء في شمال وشرق سوريا، الذي يلقى إدانات واسعة.
تواصل وكالة فرات للأنباء (ANF) رصد ردود الأفعال على جرائم الاحتلال التركي المتواصلة بحق الأبرياء في شمال وشرق سوريا، الذي يلقى إدانات واسعة.
واحد من أولئك الذين تحدثت معهم وكالة فرات هو الدكتور محمد محمود الدوداني أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة دمياط المصرية، أحد المتخصصين في الشأن التركي وخاصة العلاقات التركية الإسرائيلية، والذي أدان بشدة الهجمات التي يقوم بها الاحتلال التركي على شمال وشرق سوريا، محذراً من خطورتها على الأمن القومي العربي.
واستنكر أستاذ التاريخ المصري قيام تركيا باستهداف سوريا والعراق في الوقت الذين تدين فيه هجمات الاحتلال الإسرائيلي، قائلاً إن "تركيا تفعل في سوريا والعراق ما تفعله إسرائيل في غزة ولبنان، ولم نأخذ منها إلا الشعارات"، وحتى لما قطعت علاقاتها بإسرائيل كان ذلك بهدف الحفاظ على الأسواق العربية مفتوحة أمام البضائع التركية، بينما بقت العلاقات الاقتصادية بين أنقرة وتل أبيب عند أعلى مستوى.
نص الحوار:
*من واقع خبرتك بالتاريخ، ما قراءتك وتعليقك على ما تقوم به تركيا من اعتداءات وانتهاكات في مناطق شمال وشرق سوريا خاصة استهداف المدنيين والبنى التحتية؟
- ما يجري ليس جديداً على السياسة التركية، لكن الجديد حقيقة التمادي التركي في هذه التوغلات خاصة داخل الأراضي السورية، فقد كان المعتاد أن القوات التركية تدخل من وقت لآخر مناطق شمال العراق وحتى قبل سقوط نظام صدام حسين عقب الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، لكنها الآن تدخل في سوريا وتسير في إطار السياسة التي باتت متبعة في الشرق الأوسط، وهي سياسة الهدم والتدمير، وما تقوم به إسرائيل في فلسطين ولبنان تقوم به أنقرة في سوريا والعراق، وهذا أمر غير مقبول بالمرة في دولة يفترض أنها تريد أن تكون عضواً في الاتحاد الأوروبي، والأخير لن يقبل بها طالما تواصل هذه السياسات، لأنه من ضمن العوامل التي منعت تركيا من عضوية الاتحاد الأوروبي هي هذه الممارسات التي تقوم بها أنقرة فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان.
*هل تركيا تريد ضم هذه المناطق إليها، وهل لا تزال تتعامل معها كما لو كانت أراض عثمانية؟
- علينا أن نضع في الاعتبار أولاً أن غياب الحكومات القوية في سوريا والعراق السبب الرئيسي وراء مثل هذه المساعي التركية، وأنقرة عملت بدورها على إضعاف الدولتين، فسوريا ممزقة والعراق تديره حكومات ضعيفة، وحتى الكرد البارزانيين في العراق يصنفون أنهم موالين للأتراك، وهذا يجعل من السهولة بمكان تغلغل تركيا في الأراضي العراقية. وأنا أخشى في نهاية المطاف أن تضم أنقرة المناطق الكردية في شمال العراق إليها وتحتلها، مثلما فعلت من قبل واحتلت عدد من المناطق في سوريا وتفعل الآن ما شاءت في سوريا بموافقة غربية أمريكية رغم الحديث الأمريكي عن حقوق الإنسان واعتراضهم على الوجود الروسي.
*ماذا يعني هذا المشهد برأيك، وأقصد هنا الموقف الأمريكي؟
- هذا يعني أننا أمام مشهد تقسيم الشرق الأوسط "وتقسيم المقسم" الذي تحدثت عنه وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس، وتركيا مستفيدة من هذا الوضع، وأنا ضد من يقولون إن تركيا حامية للدول الإسلامية أو من يشيدون بحزب العدالة والتنمية، لأن أنقرة بمنتهى البساطة تلعب السياسة لا إسلام ولا غيره، لديها أطماع في أراضي الغير حتى لو وصل الأمر إلى احتلال أراضي سوريا والعراق، والسبب الرئيسي في ذلك غياب الحكومات القوية في الدولتين. وأنا هنا أعتبر أن ما سمي بـ"ثورات العربي" أساء لعدة دول منها الدولة السورية، فأنا ضد الأنظمة الديكتاتورية لكن تماسك الدولة والحفاظ على وحدتها مقدم على كل شيء.
*ما المطلوب إذن من قبل النظام التركي؟
- مطلوب منه الحوار، الحوار والنقاش أساس كل شيء، إذا كنتم كأتراك تريدون الحل فعليكم اتباع سياسة الحوار وإفساح المجال أمام ذلك، هذا إذا كنتم أيضاً تتحدثون عن أنكم دولة ديمقراطية.
*البعض في الدول العربية يقولون إن تركيا تضرب فقط مناطق الكرد وكأن الأمر لا يعنيه، ما تعليقك على هذا؟
- من يقولون ذلك؟ بعض من العرب؟ لا بل أكثرية من العرب للأسف يرون ذلك، ونفس هذه النظرة تنطبق على حال الشيعة الذين تستهدفهم إسرائيل، وهنا سأسأل سؤلاً، ماذا لو تمكنت تركيا من السيطرة على مناطق الكرد سواء في سوريا أو العراق وقضت عليهم؟.
*هل تعتقدون حينها سيكون الطريق مفتوحاً لهم أمام العمق العربي؟
- بالفعل، هؤلاء هم العثمانيون الجدد، وبالتالي سيتوغلون أكثر في المنطقة العربية وضم العالم العربي تحت راية أردوغان، وهذا ما يريده العثمانيون الجدد، ولهذا فإن مناطق الكرد خط دفاع متقدم لنا كعرب، والكرد هم حائط صد لنا، وإذا تم القضاء عليهم فإن تركيا ستتوغل وتتمدد أكثر، وتهدد الأمن القومي العربي. وأود هنا أن أذكرك بما قاله أردوغان سنة 2007 تقريباً عندما أبدى الفرنسيون رفضهم لعضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي حين قال والله ستجدون الأعلام التركية ترفرف على الشواطئ الجنوبية للبحر المتوسط، أي في مناطق النفوذ الفرنسي، وهو ما قد كان، وتغلغلت أنقرة داخل العالم العربي سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي، ولو كانت تركيا قبلت عضويتها في الاتحاد الأوروبي لما نظروا إلى منطقتنا، لا سيما وأنهم أكثر من مرة يرددون أنهم دولة أوروبية وليست دولة شرق أوسطية، كما أن الأترك لا يزالون يعيشون على رؤية أتاتورك ولديهم قناعة أن العرب هم سبب هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، وهؤلاء لا يدافعون حتى عن الإسلام، فالإسلام في ناحية وهم في ناحية أخرى، أتاتورك لا يزال قبلتهم وهو محراب الدولة التركية حتى لو غابت المؤسسة العسكرية التركية عن تصدر المشهد، فهذا خط يسيرون عليه ولن يحيدوا عنه.
*لكن أردوغان يدين العدوان الإسرائيلي على غزة وفي نفس الوقت يضرب المدنيين في شمال وشرق سوريا، كيف ترى ذلك؟
- على ذكر إسرائيل، علاقات تركيا بتل أبيب مستمرة وهي الأساس لديها، وحتى لما أعلنت قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل كان هدفها بالأساس أن تحافظ على الأسواق العربية أمام سلعها، كما أنه في واقع الأمر الدولة التركية لم تقدم للقضية الفلسطينية سوى الشعارات، بل وفي فترة القطيعة الدبلوماسية مع إسرائيل كانت حركة التجارة بين أنقرة وتل أبيب عند أعلى مستوى وكذلك العلاقات الاستخباراتية. وأنا أقول لأردوغان إذا كنت تدافع عن القضية الفلسطينية فماذا فعلت غير الشعارات التي تأتي تحت مسميات الإسلام وغيرها؟!.