وأضافت «دوكو»، في حوار لوكالة فرات للأنباء «ANF»، إن الدور العربي في سوريا يمثل أهمية قصوى خلال المرحلة الراهنة لأنه يمثل حائط صد أمام تدخلات القوى الدولية والإقليمية الساعية إلى التأثير على مستقبل البلاد، لافتة إلى أن الإنفراد بصناعة القرار يخلق العديد من التخوفات حول مستقبل العملية السياسية التي يجب أن تشمل الجميع وتطرف في حوارها إلى العديد من القضيا التي تخص الشأن السوري والإقليمي، فإلى نصر الحوا:
بدايةً هل من الممكن توصيف الأوضاع الجارية على الأراضي السورية من الزاوية السياسية والأمنية؟
بعد سنوات الأزمة السورية وما شهدته من أحداث دموية، واقتتال وصراع بين مختلف الأطراف المحلية، والتدخلات الإقليمية والدولية، وتحول سوريا إلى ساحة صراع عالمية، تواجدت على مختلف المناطق السورية التنظيمات الإرهابية والمليشيات الطائفية، والفصائل المسلحة، ومعارضة مرتهنة لا تملك قرارها، والأهم تعنت النظام السوري برفضه كل المبادرات السياسية، إضافة إلى إجرامه وممارساته الوحشية بحق مختلف مكونات الشعب السوري خلال سنوات حكمه الطويلة وحتى زواله في 8 كانون الأول 2024، فمن البديهي أن تترك كل هذه العوامل والظروف تأثيرها السلبي والمدمر على الوضع السوري، على مختلف المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، والمعيشية.
هل ترين في التغير السياسي الجديد مؤامرة خارجية على سوريا أم تغيير حقيقي يستهدف تحقيق الاستقرار؟
التغيير جاء بعد معاناة مريرة لشعبنا السوري، وخصوصاً بعد ثورة شعبنا في آذار 2004 وآذار 2011، وبالتالي مبدأ التغيير أصبح ضرورة ملحة ومطلبا جماهيريا، ولذلك رأينا ترحيبا وتفاعلا من شعبنا بزوال نظام جثم على صدور السوريين عقود طويلة، ورأى العالم بأسره مدى إجرام النظام تجاه المدنيين رجالا ونساء وحتى الأطفال، وسجن صيدنايا وبقية السجون الأمنية، هي غيض من فيض، ولكن كما أسلفنا، فسوريا كانت وما تزال ساحة مفتوحة للمصالح والصراعات والتجاذبات الإقليمية والدولية، وبالتالي فإن هذا الأمر سيُلقي بظلاله حتماً على الواقع السوري، ولفترة ستطول، ولذلك فإن سوريا من الطبيعي أن تستمر فيها تأثيرات وتقاطع العوامل المحلية والخارجية، سابقاً ولاحقاً.
ما هي أفق التعاون بين حزب سوريا المستقبل والإدارة الجديدة.. هل تواصل معكم أي مسؤول لترتيب سبل المشاركة السياسية؟
حزب سوريا المستقبل كان سباقاً منذ انطلاقته في العام 2018 بالدعوة إلى الحوار السوري - السوري، وأن تكون الرؤية الوطنية هي الأساس في تواصلنا ولقاءاتنا مع مختلف القوى والتيارات والأحزاب السياسية السورية، وبالتالي فنحن منفتحين تجاه كل ما يخص الشأن السوري، ودائماً على استعداد للتعاطي بإيجابية مع كافة المبادرات والمشاركة الفاعلة، وبالتأكيد فإن لحزبنا بما يمثل من قوة سياسية وثقلا جماهيريا، دوره الوطني والسياسي، ولكن حالياً بدأ يتبلور المشهد السياسي في سوريا عموماً، ولكنه مازال بطيئاً نتيجة الأحداث التي مرت بها سوريا.
هناك مخاوف بشأن العملية السياسية بدايةً من كتابة الدستور وانتهاءًا بالاستحقاقات الدستورية.. ما رأيك؟
تعطيل الحياة السياسية لعقود طويلة، له آثاره السلبية على مسارات الوضع السوري، فكيف بنا والحالة السورية شهدت ثورة شعبية عارمة، ومن ثم صراعات داخلية وتنظيمات إرهابية وتدخلات إقليمية ودولية، وبالتالي فإن سقوط نظام عائلة الأسد، لا يعني التعافي من آثار هذه الحقبة المظلمة في تاريخ شعبنا السوري، وبالتالي فإن بدء عملية سياسية حقيقية، بما تتضمنه من مراحل وخطوات، تتطلب مشاركة جميع القوى السياسية، والمكونات السورية، دون إقصاء أو تهميش، ولذا فالمخاوف مشروعة ومحقة، ولن تنهض سوريا مجدداً وتبني مستقبلها، إلا بتكاتف جميع أبناءها، وهذا الأمر يعمل عليه حزبنا ويبذل جهودا ومساعي في هذا الإطار، منذ التأسيس وحتى اللحظة الراهنة.
بصفتك الرئيس المشترك لحزب سوريا المستقبل كيف تقرأين تصريحات مسؤولة مكتب المرأة بهيئة تحرير الشام؟
الرد على هذه التصريحات، بالرفض والاستهجان والاستنكار الواضح، جاء من مختلف الأطراف السورية الاجتماعية والسياسية وحتى الخارجية، وهي طبعاً لا تمثل حقيقة المرأة السورية بتاريخها وحاضرها، وهي بالتأكيد مرفوضة بالمطلق لدينا، واعتقد أن ردود الفعل المباشرة والقوية، قطعت الطريق على أي محاولات تستهدف دور المرأة السورية على مختلف الأصعدة والمستويات، وبالتالي فإن وعي شعبنا عموماً ونساءنا خصوصاً، عبر مواقفهم ورفضهم التام يعتبر أبلغ رد على هذه التصريحات.
دائما ما تتصدر المرأة الكردية صفوف النضال الأولى على كل الأصعدة، في مقابل التيارات الإسلامية التي تنظر إلى المرأة من زاوية الضعف والانكسار.. كيف أصلّ الكرد لتلك القيم وكيف نجحوا في تقديم المرأة نموذجا قياديا؟
المرأة الكردية في سوريا والمنطقة، أثبتت مقدرتها وقوة تأثيرها ودورها الفاعل، وقدمت نموذجا حقيقيا للمرأة السورية في بناء المجتمع والدفاع عن الوطن، ونشر قيم التسامح ومبادئ الديمقراطية، كما اضطلعت المرأة الكردية بدور ريادي وطني من أجل سوريا والمنطقة بكل إخلاص وتضحية وشجاعة.
ما هو تصوركم للأحداث الداخلية خلال الفترة المقبلة مع الوضع في الاعتبار تأثير اللاعبين الدوليين والإقليميين، هل هناك معادلة ما تسعى تلك القوى لتحقيقها؟
دائما سوريا بسبب دورها وموقعها الجيوسياسي والجغرافي، تتعرض للتأثيرات والتدخلات الإقليمية والدولية، وهذه القوى تريد أن يكون لها وجود عبر اتفاقات ثنائية، أو تدخل مباشر أو غير مباشر من خلال الاحتلال أو النفوذ والهيمنة، والوضع الداخلي السوري ما زال هشاً وعرضة لهذه التأثيرات والتدخلات، حتى نصل إلى حالة استقرار سياسي، وتحقيق سوريا المستقبل التي يتطلع إليها شعبنا.
كيف تقرأين التصريحات المتكررة بشأن سوريا موحدة تشمل كل المكونات؟
سوريا موحدة وذات سيادة وطنية، مطلب وطني لكافة مكونات شعبنا، ولكن سوريا موحدة، لا تعني إلغاء التعددية، سوريا موحدة لا تعني رفض اللامركزية، سوريا موحدة، لا تعني سوريا ذات اللون الواحد دون ديمقراطية، ومن هنا فإننا لا ننظر إلى التصريحات، بقدر ما ننظر إلى ماذا تهدف، وشعبنا بكافة مكوناته ثار على الحزب الواحد والعائلة الواحدة، وهذه الحقيقة تختصر المشهد السوري، وتعبر عن تطلعات شعبنا نحو سوريا ديمقراطية تعددية لا مركزية، ضمن وطن واحد للجميع بكافة مكوناتهم وقومياتهم وانتماءاتهم، سوريا منذ فجر التاريخ غنية بتنوعها الثقافي والاجتماعي، حافظت خلاله على وحدتها وسيادتها، وقهرت كل الغزاة والمحتلين، وأسقطت كل المستبدين والطغاة، شعب عظيم وإرادة جبارة، هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة، في صنع تاريخه وحاضره ومستقبله.
هل هناك خطط للتفرد بصناعة القرار في الداخل السوري واتباع سياسة الإقصاء تحقيقا لهدف التفرد بالدولة، وهل ذلك نابع من أطماع داخلية أم أجندات خارجية؟
نتمنى أن لا يحدث ذلك، وهناك رفض سوري على المستوى الشعبي سياسياً واجتماعياً لهذا الموضوع، فبعد التخلص من النظام البائد يجب تنفيذ الخطوة الأولى نحو التغيير المنشود الذي يسعى إليه شعبنا، وبذل في سبيله التضحيات العظيمة من دماء الشهداء وعذابات المعتقلين، ومأساة النازحين واللاجئين، وكما شرحنا مسبقاً، فما تزال لبعض القوى الإقليمية والدولية، دورها وتأثيرها الكارثي على الشأن السوري، ولن نستطيع أن نقاوم ذلك، إلا بتوحيد جهود السوريين كافة من كل المكونات والقوى السياسية والوطنية.
ما هو دور الاحتلال التركي ومستقبله داخل سوريا في ظل الأوضاع الراهنة؟
الاحتلال التركي سيزول حتماً، كما زال قبله الكثير من قوى المحتلين وانهزمت جيوشهم على أرض سوريا الحبيبة، بفضل بطولة وشجاعة شعبنا وتضحياته، تاريخ الشعوب يؤكد هذه الحقيقة الراسخة، لا بقاء لمحتل ولا غاصب، ومستقبل سوريا للسوريين أصحاب الأرض والتاريخ، تركيا مدعوة لتقرأ هذا الحقيقة، والمستجدات الأخيرة في سوريا، نرحب بكل دور لدول الجوار والمنطقة والعالم، القائمة على احترام سيادة سوريا، واحترام قرارات شعبنا في بناء بلدنا وتخليصها من قوى الاحتلال والإرهاب.
إذا أردنا توجيه رسائل للمجتمع الدولي والمحلي حول سبل تحقيق الاستقرار في الداخل السوري، فما هو مضمون تلك الرسائل؟
أن يكون القرار السوري مستقل وحر عن أي تدخلات أو إملاءات، واحترام سيادة ووحدة أراضيها، ومشاركة جميع مكونات سوريا في بناء سوريا الوطن والإنسان، وعدم التدخل في الشأن السوري، وقيام المجتمع الدولي بدوره من أجل إنهاء وجود ما تبقى من قوى الإرهاب والاحتلال، من خلال تقديم الدعم اللازم والفاعل، كأولوية قصوى.
كيف تنظرون للدور العربي في سوريا.. أسبابه وأهميته؟
الدور العربي له أهميته وتأثيره المهم، ونحن في حزب سوريا المستقبل، كنا وما زلنا من أول الداعين لذلك والمرحبين به، والدور العربي ضرورة لنهوض سوريا ومساعدتها على تجاوز الكارثة التي حلت بها، كما انه يقف حائط صد أمام التدخلات الإقليمية والدولية في الشأن السوري، وللعرب بُعد تاريخي وجغرافي واقتصادي مهم في سوريا، واليوم أصبح أكثر أهمية في المرحلة الراهنة.