رجب هلال حميدة: أوجلان قضيته المستضعفين في الأرض والكرد ظُلموا تاريخياً
يتواصل الحوار مع السياسي المصري البارز رجب هلال حميدة، ويدور الحديث معه في القسم الثاني والأخير حول الملف الكردي، ورؤيته لمكانة المفكر عبدالله أوجلان.
يتواصل الحوار مع السياسي المصري البارز رجب هلال حميدة، ويدور الحديث معه في القسم الثاني والأخير حول الملف الكردي، ورؤيته لمكانة المفكر عبدالله أوجلان.
وقد دعا رجب هلال حميدة نائب رئيس حزب إرادة جيل المصري وعضو البرلمان السابق النظام التركي إلى إطلاق سراح المفكر الأممي عبدالله أوجلان، قائلاً إن قضيته قضية المستضعفين في الأرض، مشدداً على أن الشعب الكردي ظلم تاريخياً، ومن حقه أن يتمتع بالحكم الذاتي، وأن يعترف العالم كله بهذا الحق.
كما حذر "حميدة" الدول العربية والإسلامية من الوقوع في فخ أردوغان وادعائه أنه حامي حمى الإسلام، مفسراً انطلاء ذلك على البعض بأن مراده إشكاليات تتعلق بالثقافة والأنظمة غير الديمقراطية في منطقتنا، وكذلك نشاط الخلايا النائمة الموالية لتركيا، وعدم امتلاك خطة لتفنيد مثل تلك الادعاءات.
وإلى نص الحوار:
*ما الرسالة التي توجهها لبعض الذين ينطلي عليهم فكرة أن أردوغان حامي حمى الإسلام والمدافع عن الإسلام أو خليفة المسلمين، خصوصاً أنه للأسف كثيرون يقعون في هذا الفخ؟
- على الجميع الانتباه وعدم الوقوع في هذا الوهم، لكن دعني أقول لك إن الوقوع في هذا الفخ له أسباب كثيرة جداً، أهمها أن شعوبنا تحكم بأنظمة ليست ديمقراطية، ولا تحترم حقوق الإنسان، ولا تحترم حرية الفكر. فهؤلاء المواطنين في بعض البلدان العربية والإسلامية يحاولون الالتجاء إلى أردوغان أو إلى الدولة التركية ظناً منهم – على غير الحقيقة – أنه الأمل الوحيد لتحقيق أحلامهم في مواجهة الأنظمة التي تحكمهم بوسائل غير ديمقراطية وغير إنسانية. والسبب الثاني ضعف ثقافة كثير من شعوبنا للأسف الشديد، ووجود آلات إعلامية مصنوعة داخل تركيا ومدعومة بالمال التركي تبث أفكارها وتطرح معطيات فكرية كثيرة جداً على أذهان المواطنين والمستمعين؛ فيجد هؤلاء المواطنون مزاداً في هذه الآلة الإعلامية الجبارة. وثالثا: لا يمكن أن نغفل دور الخلايا النائمة في كثير من البلدان العربية الإسلامية من الجماعات الموالية لتركيا والمدعومة منها مالياً ولوجستياً وعسكرياً واجتماعياً. وهذه الخلايا النائمة منتشرة في كل البلاد العربية والإسلامية وتتدفق عليها الأموال الكثيرة جداً من الدولة التركية.
*ماذا تفعل تلك الخلايا النائمة وفق رؤيتك؟
- هؤلاء هم الذين يتحركون في كل الاتجاهات في داخل بلدانهم ضدها، ويروجون الأكاذيب والسموم، ويصدرون شعارات للناس غير مؤمنين بها. لكنها لعبة المصالح المالية والمصالح السياسية والدعم التركي الكامل. في المقابل نجد للأسف الشديد الدول أو بعض الأنظمة أو بعض حتى المنظمات في كثير من الدول التي تعاني من تدخلات الدولة التركية لا تتحرك في هذه الملفات تحركاً مدروساً ومعلوماً، فلا بد أن يكون لدينا جماعات وقنوات ومؤسسات تعمل كحائط صد وتفند تلك القناعات، ويشرح لهم حقيقة الأمر، ويذكرهم بما حدث من مصطفى كمال أتاتورك، والدولة العثمانية التي احتلت البلاد والعباد لأكثر من 600 سنة من قبل، ولم تصنع للدول التي احتلتها تقدماً، بل كانت سبباً في تخلفها تلك الدول حتى اليوم.
*دعني أنتقل بك إلى محور آخر، كيف ترى التعنت التركي بحق المفكر عبدالله أوجلان واستمرار سجنه لنحو ربع قرن في سجن إمرالي؟
- لا يمكن لإنسان طبيعي يبحث عن حرية الآخرين ويؤمن حرية البشر ويؤمن بحقوق الإنسان أن يقبل أبداً أن يبقى رجلاً وحيداً كأوجلان في محبسه كل هذه السنوات، وأن يقع به ما وقع من النظام التركي. لو كان النظام التركي صادقاً في احترام الدستور والقانون وقضايا حقوق الإنسان لترك الرجل في حاله، وتركه ليمارس دوره داخل وطنه بحرية تامة، وأن يتوقف عن هذا الانتهاكات بحق عبدالله أوجلان. أوجلان يؤمن بقضية محورية هي قضية الشعب الكردي، وهو يعبر عن قضية كل المستضعفين. إن الشعب الكردي عانى كثيراً، وأنا لست كردياً ولكن أنحاز دائماً إلى المستضعفين والمغدورين؛ فلا يمكن لقائل أن يقول إن الكرد ليست لهم حقوق سواء في سوريا أو تركيا أو العراق أو إيران.
*ما ردك على من يحاولون سلخ الكرد من حقوقهم؟
- هذا غير مقبول، غير مسموح بحرمان الكرد من حقوقهم، ولو أراد العقلاء في العالم أن يتحقق السلام والأمن والاستقرار في هذه البلاد كلها وفي العالم كله فعليهم بحل قضيتين أساسيتين، هما القضية الفلسطينية في فلسطين والقضية الكردية في الدول التي يوجد بها الكرد، بأن يكون لكل هؤلاء حكماً ذاتياً واستقلالاً، وأن يتم الاعتراف بذلك عالمياً، وهنا ستتوقف الآلة العسكرية وسيتوقف الإرهابيون ومصاصو الدماء مما يصنع في هذه البلدان.
*ماذا يقول رجب هلال حميدة عن دور الكرد في منطقتنا؟
- الكرد لهم دور تاريخي في المنطقة، ولا يمكن أن ننسى أبداً البطل صلاح الدين الأيوبي وهو كردي. الكرد تعرضوا لمظالم كثيرة سواء في العراق أو في سوريا أو في تركيا أو في إيران، ويحاولون منذ زمن بعيد أن يكون لهم حكماً ذاتياً، وهذا حقهم. وفي الوقت ذاته فإننا لم نسمع يوماً من الكرد أنهم ضد وحدة الدولة السورية على سبيل المثال، بل نرى مؤخراً في خطاب مسئوليهم السياسي أنهم يسعون إلى السلام وتحقيق الاستقرار. ويتمسكون بأن الاستقرار لا يمكن أن يتحقق للدولة السورية إلا بوحدة شعبها، دون إقصاء على أساس عرقي أو طائفي أو ديني أو قبلي. وكل هذه الأمور هي التي تدفعني للاهتمام بهذا الملف.
*هل لديك ما تود إضافته؟
- ما أود قوله في ختام هذه المقابلة، أني مهتم بهذا الملف وبالتدخلات التركية، لأني أريد دولة سورية موحدة يرسم مستقبلها شعبها دون تدخل لا من أنقرة ولا من غيرها كإسرائيل وأمريكا وأوروبا، وأن تنسحب تركيا فوراً من الأراضي السورية وتترك الأمر للشعب السوري.