مثقفون وسياسيون: الجولاني بلا مشروع وطني ولا بد من معالجة القضية الكردية
انتقد مثقفون وسياسيون وكتاب سياسات أبو محمد الجولاني، لا سيما وأنه لم يقدم مشروعاً وطنياً، في وقت تزداد الحاجة إلى حل القضية الكردية من أجل حل أزمة سوريا.
انتقد مثقفون وسياسيون وكتاب سياسات أبو محمد الجولاني، لا سيما وأنه لم يقدم مشروعاً وطنياً، في وقت تزداد الحاجة إلى حل القضية الكردية من أجل حل أزمة سوريا.
جاءت الانتقادات السابقة على لسان هؤلاء المثقفين والكتّاب خلال مشاركاتهم بندوة حول الأزمة السورية ومستقبلها بالعاصمة المصرية القاهرة، في إطار محاولة لشرح وتفسير ما يجري في سوريا منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد، ومستقبل السوريين، وتداعيات تلك الأزمة على المشهد الإقليمي والدولي.
وقد تعددت التعقيبات من الحضور بشأن الأزمة السورية، إلا أن هناك 3 قواسم كانت مشتركة تقريباً بين الجميع، الأولى تتعلق بنوايا أبو محمد الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام، والثانية تتعلق بوضع المكون الكردي في البلاد، والثالثة تتعلق بالتدخلات الدولية لا سيما التركية.
غياب المشروع الوطني
يقول الكاتب والناقد وسام عرابي إن وصول أبو محمد الجولاني إلى السلطة في دمشق أمر يثير العديد من التساؤلات، بشأن دور الجماعات الجهادية، وتجنيس بعضهم لدمجهم في الجيش المزمع تكوينه، ومنح بعضهم رتباً بين عقيد وعميد، وكأنه جاء لإعادة إنتاج هذه التنظيمات الإرهابية.
وانتقد عرابي تسويف الإدارة التابعة لهيئة تحرير الشام في إطلاق الحوار الوطني، ثم تأجيله لأجل غير مسمى، مشيراً كذلك إلى أن مكون مثل الدروز اجتمعوا مع الجولاني ولم يجدوا منه إجابة واضحة بشأن مخاوفهم، وما يقصده هذا الرجل من تطبيق الشريعة الإسلامية السنية.
وشدد على أن الجولاني لم يقدم مشروعاً وطنياً، يعزز قيم المواطنة في الدولة السورية، ويراعي العلاقات بين جميع الأطياف والمكونات، مؤكداً على أنه إذا لم يعالج هذه الإشكاليات فسيكون كل ما تغير هو أنه فقط "خلع العباءة ولبس البدلة"، في إشارة إلى تغيير الجولاني ملابسه المعتادة بعد الوصول إلى السلطة.
القضية الكردية
بدوره، أكد السفير شريف شاهين مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق أن النظام السوري السابق يستحق ما وصل إليه، لما اتسم به من قمع، وما تورط فيه من مؤامرات، منها اغتيال عدد من السياسيين والشخصيات اللبنانية البارزة مثل الشيخ حسين خالد ورينييه معوض ورفيق الحريري.
وأعرب السفير شريف شاهين عن قناعته أن حل المعضلة السورية يتطلب معالجة القضية الكردية، عبر إدماج الكرد في الحياة السياسية، ومنحهم حقوقهم، مشدداً على أن أي عملية سياسية دونهم لن يكون هناك استقرار في سوريا، وهم جزء من النسيج الوطني لكل الدول العربية.
وأكد الدبلوماسي المصري السابق كذلك أن مصر تعتبر سوريا خط الدفاع الأول عن أمنها القومي، كما أن أي تهديد يطال سوريا يطال مصر، داعياً القاهرة والدول العربية إلى أن يلعبوا دوراً أكثر فاعلية في الساحة السورية، حتى لا تتكرر تجربة العراق، الذي تركت فيه الساحة لإيران في ظل حالة الخذلان العربي، وبالتالي يجب ألا تترك الساحة لتركيا الآن في سوريا، وفقاً له.
ساحة لتصفية الحسابات
من جهتها، تقول ليلى موسى ممثل مجلس سوريا الديمقراطية "مسد" في القاهرة إن إشكالية سوريا سياسية بالدرجة الأولى، وترتبط ببنية النظام السياسي السابق، وهي السبب في كثير من الأزمات المعاشة، ولهذا كان هناك حديث عن الاكتفاء الذاتي لكن في الواقع كان السوريون يعيشون معاناة كبيرة.
وقالت ليلى موسى إن النظام في دمشق كان يعلم أن التغيير قادم، وقام بإجراءات لكن لم تكن سليمة، حتى وصلنا إلى عام 2011، حيث تحولت سوريا إلى ساحة لتصفية الحسابات، وساحة لتجميع الإرهابيين، ووسط كل ذلك كان الشعب السوري من يدفع الضريبة.
وترى السياسية السورية أن الأهم فيما بعد 8 ديسمبر/كانون الأول، أي بعد سقوط بشار الأسد، أن الشعب السوري كسر حاجز الخوف، ولن يقبل بأي إملاءات عليه، مؤكدة الحاجة إلى دولة تستوعب الجميع، ومصالحة وطنية، كما حذرت من محاولات فرض الوصاية التركية على السوريين، وإلا سنصل إلى نفس النتائج وبدلاً من وصاية الإيرانيين ستكون سوريا تحت وصاية الأتراك.
أصحاب التمويل
من جهته، يرى الكاتب الصحفي يوسف محمد أن من يديرون سوريا الآن يعبرون عمن دفع لهم، معتبراً أننا أمام "عصابة تحكم سوريا" – حسب تعبيره – مؤكداً أن "هذه العصابة لا تعبر عن السوريين"، موضحاً أن نقده هذه لا يعني أن نظام بشار الأسد كان ملائكياً.
ويقول "محمد" إن دولاً كثيراً دفعت المال لهؤلاء، وقدموا لهم المبالغ الضخمة لكي تصل تلك "العصابة الإرهابية" إلى الحكم، بدليل أنها تراجعت عن إطلاق الحوار الوطني، ويقول إنه حتى لو أطلق الحوار الوطني فإنه لن يكون له فائدة طالما أنه لا توجد قوى وطنية سورية حقيقية.
ويرى الكاتب الصحفي المصري أن سوريا بحاجة إلى دستور مدني قوي، وأن يتم تطبيقه ولا يتم تجاوزه، مؤكداً أن هناك حاجة إلى ضغوط من قبل الشعب السوري، ومن الأطراف الإقليمية المعنية بالأزمة السورية من أجل الالتزام بهذا الدستور المدني.
الحاجة إلى مصالحة جادة
اللواء خالد مطاوع المتخصص في قضايا الأمن القومي بدوره أكد أن سوريا بحاجة إلى مصالحة وطنية شاملة، إذا أردنا أن نبدأ إعادة إعمار هذا البلد الذي دمرته الصراعات والحروب، مؤكداً أن هذه المصالحة يجب أن تشمل كل مكونات الشعب السوري، والتي تعيش حالياً حالة من التشتت.
ويرى مطاوع أن نظام بشار الأسد لم يسقط في 8 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وإنما سقط في 2011، لكن ما حدث أنه عاش إكلينيكياً بفضل التدخلات الروسية والإيرانية، وسقط تماماً عندما حدث الخلاف بين هذه الأطراف، مؤكداً أن التحديات التي تواجه سوريا الآن كبيرة.