في ذكرى الاختطاف.. أحمد بهاء الدين شعبان: أوجلان منارة للحرية ورمز للنضال
أكد المهندس أحمد بهاء الدين شعبان رئيس الحزب الاشتراكي المصري أهمية يوم 15 شباط في التذكير بمؤامرة اختطاف عبد الله أوجلان كرمز للنضال من أجل الحرية والإنسانية.
أكد المهندس أحمد بهاء الدين شعبان رئيس الحزب الاشتراكي المصري أهمية يوم 15 شباط في التذكير بمؤامرة اختطاف عبد الله أوجلان كرمز للنضال من أجل الحرية والإنسانية.
في 15 فبراير/شباط من عام 1999 نقل المفكر والمناضل عبد الله أوجلان إلى تركيا بعد اختطافه في كينيا، ضمن مؤامرة دولية شاركت فيها الولايات المتحدة وبريطانيا مع الموساد الإسرائيلي، ستبقى وصمة عار في جبين الإنسانية، بعد أن أُجبر على مغادرة سوريا في أكتوبر/تشرين الأول عام 1998.
وفي إطار تلك الذكرى، أجرت وكالة فرات للأنباء (ANF) حواراً مع المهندس أحمد بهاء الدين شعبان رئيس الحزب الاشتراكي المصري، والذي أدان بشدة تلك المؤامرة، مؤكداً الحاجة إلى أن تتحلى الدولة التركية بالحكمة وتتعاطى بشكل إيجابي مع دعوات السلام وحل القضية الكردية، كون الصراع لن يؤدي إلا إلى استنزاف موارد الدولة التركية.
*في 15 فبراير/شباط المقبل نكون بصدد 26 عاماً على اختطاف تركيا للمناضل والمفكر عبد الله أوجلان، ماذا يعني هذا الحدث لدى أحمد بهاء الدين شعبان؟
- في الحقيقة نحن أمام مناسبة مهمة جداً لما تحمله من تذكير بأحد رموز النضال من أجل الحرية والديمقراطية والسلام الإنساني في العالم أجمع الآن. أكثر من ربع قرن من الزمان وعبد الله أوجلان معتقل في جزيرة نائية، لا يتصل بأهله أو برفاقه أو بمجتمعه أو بشعبه، معزول عن الحياة الطبيعية لأي بشر؛ بسبب تدخل النظام القمعي التركي والمؤامرة التي شاركت فيها أجهزة مخابرات ودول وحكومات عديدة، التي تكاتفت جميعها لإسكات صوت الحرية والديمقراطية والإنسانية، الممثل في هذا المناضل الكبير، ولكن في الحقيقة رب ضارة نافعة.
*ماذا تقصد برب ضارة نافعة؟
- أقول ذلك لأن العزلة طويلة المدى المفروضة على الرفيق أوجلان منحت الإنسانية إنجازاً ثقافياً وفكرياً كبيراً، عكف على إعداده وهو في سجنه الممتد، وحوّل هذه المحنة إلى منحة كبيرة استطاع من خلالها أن يقدم هذا الإنجاز الفكري الكبير؛ فأنا أعتقد أن عبد الله أوجلان الآن مثله مثل مناضلي الحرية الفلسطينيين المسجونين لسنوات وعقود طويلة في السجون الصهيونية، هم منارات للحرية، فرضوا على العالم كل احترامهم وتقدير قضاياهم، والانحياز لأملهم المشروع في الحق والحرية والوطن والتقدم. وهذا الإنجاز أو تحقيق هذا الحلم بالطبع يحتاج وقتاً وتضحية وكفاحاً ونضالاً مستمراً. وأنا أعتقد أن الشعبين الفلسطيني والكردي بهذا النضال وبهذه الروح النبيلة قادران على أن يحققا أهدافهما المشروعة في المستقبل.
*من المفترض بالتزامن مع ذكرى الاختطاف أن يطلق أوجلان دعوة من أجل السلام لم تتبلور ملامحها بعد، كيف تتابع هذا الحدث؟
- نحن سنكون أمام دعوة مهمة، وأعتقد مطلوب هنا أن يملك النظام التركي الحد الأدنى من الإنسانية والشجاعة والحرص على مستقبل الشعب التركي والكردي، ويقبل هذا العرض الجديد وأن يمد يده ليد أوجلان وشعبه. إن العلاقات في الأساس يجب أن تكون أخوية بين الشعبين التركي والكردي، وعلى النظام التركي أن يقبل العرض ليضع حداً لهذا الاستنزاف المستمر للطاقة والأعصاب والمشاعر بين شعبين فرض عليهما أن يعيشان معاً.
*وبالتالي، أليس من الحكمة أن يتعاطى بشكل إيجابي مع ما سيطرحه القائد أوجلان؟
- إذا كان لدى نظام الحكم التركي الحكمة اللازمة فيجب أن يتلقى هذا العرض المرتقب بكل الترحيب والاهتمام والحرص على إخراج تركيا من هذا المأزق القائم وتحقيق السلام، وتحويل طاقة المجتمعين التركي والكردستاني من الصراع إلى البناء المشترك. وهنا أتذكر تعبير استخدمه الراحل العظيم الأستاذ رجائي فايد حول كيف تتحول الأزمة أو العداء إلى صداقة وإنجاز؛ لأنه في حكم الجغرافيا لا يمكن نفي أو استبعاد حقيقة أن هناك تداخلاً ما بين الشعبين وبين التاريخين والتراثين وتداخل ثقافي وسياسي واجتماعي وفكري؛ فلا يمكن القطع بين الطرفين بسكين حاد وفصل الاثنين، لكن التعايش السلمي هنا ضرورة.
*أشدت بما أنجزه أوجلان من فكر في عزلته، إلى أي مدى ترى القدرة في فلسفته على تقديم حلول للسلام؟
- أعتقد أن ما قدمه عبدالله أوجلان في فترة الحبس وتحديداً فكرة الأمة الديمقراطية وغيرها لا يمكن أن تكون مدخلاً ديمقراطياً لحل هذه الإشكالية المعقدة؛ لأنه مشكلة القضية الكردية أو أزمتها أنها ليست مشكلة مع نظام واحد، فالكرد يتوزعون على أربع دول على الأقل، أربع دول كبرى أو مهمة، هذا إلى جانب تناثرهم في دول أخرى، وبالتالي لا يمكن أن تحل بالصراع، فليس معنى أن الكرد حلوا مشكلتهم بالصراع في تركيا أن يكرروا الأمر نفسه في إيران وسوريا والعراق، وإذا استمر هذا فإن أجيال وراء أجيال ستُقضى في هذا الصراع الممتد الذي لا نهاية له تلوح في الأفق. وبالتالي من الضروري استبدال هذا المسار بمسار تفاهمي إنساني قادر على تجاوز الواقع المرير إلى آفاق أكثر رحابة، وأعتقد أن ما قدمه أوجلان يساعد على ذلك.
*هذا إلى جانب ما يمثله استمرار الصراع من استنزاف للموارد والطاقات، أليس كذلك؟
- تركيا لن تتحمل الاستمرار في استنزاف طاقاتها؛ لأنها تحارب الآن الكرد في سوريا، وستحاربهم في العراق، وبعدها ستحاربهم في أماكن أخرى، ثم ماذا بعد؟ ستستنزف طاقاتها وقدراتها. لا أدعي أني وثيق الصلة بالتطورات في تركيا، لكنها كانت اقتصادياً أفضل قبل عشر سنوات، والآن لديها أزمات وانهيار في العملة، وهناك مشاكل وصراعات اجتماعية، وإشكاليات كذلك مع المعارضة. وبالتالي التصور بأن إشعال النار مع الكرد مفيد لتركيا تصور خاطئ، والشعب التركي الصديق والذي نحترمه يعاني معاناة جسيمة من هذه السياسات الحمقاء، التي يتبناها النظام التركي وأدت في النهاية إلى أزمات ربما تكون نتائجها السلبية كبيرة على المجتمع التركي.